تزكية بعجي أبو الفضل أميناً عاماً لـ"جبهة التحرير" بالجزائر

تزكية بعجي أبو الفضل أميناً عاماً لـ"جبهة التحرير" في الجزائر

30 مايو 2020
أبو الفضل رابع أمين عام للحزب خلال سنة(العربي الجديد)
+ الخط -
انتهى مؤتمر اللجنة المركزية لحزب "جبهة التحرير الوطني" في الجزائر، السبت، إلى تزكية بعجي أبو الفضل أميناً عاماً جديداً، خلفاً للأمين العام السابق محمد جميعي الموقوف في السجن بتهمة الفساد ونهب المال العام.

وحاز بعجي تزكية الغالبية العظمى من أعضاء اللجنة المركزية البالغ عددهم أكثر من 400 عضو حضروا المؤتمر، مقابل اعتراض ستة أعضاء.
ويُعد بعجي أبو الفضل، وهو مساعد سابق لوزير العدل، رابع أمين عام للحزب في ظرف أقل من سنة، بعد معاذ بوشارب الذي أزيح من المنصب في مارس/آذار 2019، بعد اندلاع مظاهرات الحراك الشعبي، ومحمد جميعي الموقوف في السجن منذ سبتمبر/أيلول الماضي، وعلي صديقي.
وانعقد المؤتمر، السبت، وسط صراع حاد بين كتل متصارعة داخل الحزب للفوز بمنصب الأمين العام، واستبدال القيادة المؤقتة الحالية، والتي انحازت في الانتخابات الرئاسية الماضية إلى مرشح "التجمع الديمقراطي" عز الدين ميهوبي، على حساب المرشح عبد المجيد تبون الذي أصبح رئيساً.

ومنع المنظمون الصحافة من دخول القاعة؛ بسبب مخاوف من حصول تشنج ومناوشات بين الأعضاء. كما اتخذت إدارة المركز الدولي للمؤتمرات كافة الترتيبات الصحية والتدابير الوقائية من فيروس كورونا. فيما تم منع أحد المرشحين لمنصب الأمانة العامة، وهو جمال بن حمودة، من دخول القاعة، بعدما تم الاشتباه في إصابته بالفيروس بسبب حرارته المرتفعة، وتم نقله إلى مستشفى خاص بعلاج الأمراض المعدية في العاصمة الجزائرية، لكن بن حمودة عاد إلى الاجتماع بعد ساعة حاملاً وثيقة تثبت خلوّه من الفيروس، واعتبر ما حدث مناورة لمنعه من الترشح.
ولغاية انتخابه رئيساً للجمهورية في ديسمبر/كانون الأول الماضي، كان الرئيس عبد المجيد تبون عضواً في اللجنة المركزية للحزب، بينما يحوز حزب "جبهة التحرير الوطني" في البرلمان الحالي الأغلبية النيابية، وكان الداعم الأول لسياسات الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وهاجمت مظاهرات الحراك الشعبي، في فبراير/شباط، الحزب وأغلقت بعض مقراته؛ بسبب تهم الفساد السياسي والمالي، وباعتبار أن الحزب ظل لعقود الجهاز الذي تدير من خلاله السلطة الحكم.
وفي مارس/آذار من العام الماضي، طالب الحراك الشعبي بحل حزب "جبهة التحرير الوطني"، واسترجاع هذا الرمز التاريخي قاسما مشتركا وإنهاء استغلال التسمية التاريخية لجبهة التحرير، التي قادت ثورة التحرير من الاستعمار (1954-1962)، سياسياً في صيغة حزب منذ عام 1964. كما طالبت "منظمة المجاهدين" (كبرى المنظمات الثورية وتضم قدماء المحاربين) بإلغاء استغلال الحزب السياسي لاسم "جبهة التحرير الوطني"، ودعت إلى ضمها إلى الدستور كرمز من رموز الأمة والشعب. وفي نهاية مارس/آذار الماضي، أعلن 14 من كبار قيادات "جبهة التحرير الوطني" استقالتهم من هيئات الحزب، وطالبوا بحله وإعادته إلى مكانه كرمز تاريخي ومنع استغلاله في المشهد السياسي. كما طالب وزير الصيد الحالي بذلك، بعد استقالته من الحزب.


ويعتقد الكثير من المراقبين أن تسرّع السلطة في بعث الحزب سيفقد السلطة السياسية الجديدة والرئيس عبد المجيد تبون، الكثير من الكتل السياسية والشعبية التي ساندت مسار الانتخابات الرئاسية.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر، أحمد فلاق، لـ"العربي الجديد"، إنّ "عودة هذا الحزب التقليدي هو تعبير عن فشل السلطة في إيجاد واجهة جديدة، ولهذا استعجلت عقد مؤتمر الحزب والحزب الثاني للسلطة التجمع الوطني الديمقراطي".
وأضاف أن "السلطة حالياً متخوفة من مرحلة ما بعد كورونا، والوقت يداهمها، وليست لديها خيارات تتيح لها تجاوز الجهازين القديمين، وهي مقبلة على مرحلة صعبة للغاية اقتصادياً وسياسياً، ولا تملك لا الوقت ولا الأدوات التي تسمح لها بتجديد الواجهة السياسية، خاصة في ظل تخبّط واضح في خيارات السلطة المتعرجة، وهذا التعرج مرده الخلافات الداخلية للسلطة"، ما يدفعها، بحسب فلاق، إلى السعي لـ"ترميم الشرعية باستفتاء تعديل الدستور، وحاجتها إلى أجهزة سياسية مضمونة في مواقفها لتمرير مسودة تعديل الدستور الجديد".

وسمحت السلطات الجزائرية لأكبر حزبين في الموالاة، وهما "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الديمقراطي"، بعقد مؤتمريهما العامين لانتخاب قيادات جديدة بديلة للقيادات الموجودة في السجن بسبب قضايا فساد، برغم قرار الحكومة منع التجمعات والاجتماعات بسبب الأزمة الوبائية. وكان حزب "التجمع الوطني الديمقراطي" قد عقد مؤتمره الاستثنائي، الخميس الماضي، وانتخب الطيب زيتوني أميناً عاماً جديداً، خلفاً للأمين العام السابق ورئيس الحكومة الأسبق أحمد أويحيى الموقوف في السجن، بعد إدانته وحبسه 15 سنة؛ بسبب تورطه في قضايا فساد.

وإضافة إلى البعد الصحي، ثمة ما يثار سياسياً بشأن ترخيص السلطات للحزبين الأكثر رفضاً من قبل الحراك الشعبي؛ بسبب مخاوف من أن تكون السلطة بصدد تجهيزهما للإبقاء على نفس الخريطة السياسية والحزبية الموروثة من عهد بوتفليقة، تمهيداً لتمرير مسودة الدستور ومشاريع سياسية أخرى. خاصة أنّ وزارة الداخلية رفضت في المقابل الترخيص لأربعة أحزاب فتية، أسسها شباب ناشطون في الحراك، بعقد مؤتمراتها التأسيسية، والحصول على رخصة النشاط السياسي كـ"حركة عزم" و"التيار الشعبي" و"بداية" و"السيادة الشعبية".