الخرطوم تستدعي دبلوماسياً إثيوبياً وهدوء حذر يسيطر على الحدود

الخرطوم تستدعي دبلوماسياً إثيوبياً وهدوء حذر يسيطر على الحدود

الخرطوم

عبد الحميد عوض

avata
عبد الحميد عوض
30 مايو 2020
+ الخط -
استدعت وزارة الخارجية السودانية، اليوم السبت، القائم بالأعمال الإثيوبي للاحتجاج على مساندة الجيش الإثيوبي لمليشيات اعتدت، في اليومين الماضيين، على الجيش السوداني ومدنيين على الحدود بين البلدين.

وذكر بيان لوزارة الخارجية السودانية أنّ مدير إدارة دول الجوار بالوزارة نقل للقائم بالأعمال الإثيوبي، "إدانة ورفض الحكومة السودانية لهذا الاعتداء الآثم، الذي يأتي في وقتٍ كانت الاستعدادات تجري في الخرطوم لعقد الاجتماع الثاني للجنة المشتركة رفيعة المستوى لقضايا الحدود، التي يرأسها من الجانب السوداني وزير رئاسة مجلس الوزراء، ومن الجانب الإثيوبي نائب رئيس الوزراء".
وشددت الوزارة للدبلوماسي الإثيوبي على "ضرورة قيام بلاده بوقف مثل هذه الاعتداءات، ونبّهته إلى أن استدامة وتطوير التعاون بين البلدين يتطلبان الاحترام المتبادل لسيادة واستقلال وحدود كلٍ منهما، وحق شعبيهما في العيش في أمانٍ وسلام واستخدام مواردهما الطبيعية والاقتصادية من دون تغول أو اعتداء من أي طرف على الآخر"، وفق البيان.
ويسيطر هدوء حذر على الحدود السودانية الإثيوبية، بعد يومين من التوتر، وأكد شهود عيان في منطقة الفشقة، وهي بؤرة التوتر، استمرار وصول التعزيزات العسكرية من كلا الطرفين إلى قرية بركة نورين، التي شهدت اشتباكات مسلحة بين الجيش السوداني ومليشيات إثيوبية تقول الخرطوم إنها مدعومة من الجيش الإثيوبي، وكذلك وصلت تعزيزات أخرى إلى منطقة جبل حلاوة الحدودية.

وقالت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، إنّ أوامر صدرت للقوات المتمركزة في تلك المناطق بعدم الالتحام، بانتظار مساعٍ دبلوماسية مستمرة، ربما تتوج، نهاية الأسبوع الحالي، بجولة تفاوضية في العاصمة السودانية الخرطوم.
ونتج عن اشتباكات الأربعاء والخميس مقتل ضابط في الجيش السوداني برتبة نقيب، وطفل، وإصابة 9 آخرين من العسكريين والمدنيين، كما تناقلت مواقع صوراً لقتلى يعتقد أنهم من صفوف المليشيات الإثيوبية، فيما نزح سكان سودانيون من المنطقة.
وبدأ التوتر بعد انتشار الجيش السوداني، نهاية مارس/آذار الماضي، في منطقة الفشقة الحدودية، بعد انسحابه منها قبل ربع قرن، وجاء الانتشار بعد شكاوى أهالي المنطقة من اعتداءات لعصابات إثيوبية عليهم وعلى أراضيهم الزراعية، مطالبين الحكومة بالدفاع عن سيادة البلاد.
وأوجدت الاشتباكات بين الجيش والمليشيات الإثيوبية اصطفافاً سياسياً نادراً في السودان، حيث أصدرت أحزاب سياسية ضمن "تحالف الحرية والتغيير"، وأخرى معارضة، بيانات سياسية أدانت فيها الاعتداءات الإثيوبية، ودعت في نفس الوقت إلى التهدئة وإيجاد مخارج للأزمة.


وقال "الحزب الشيوعي" السوداني، إنّ "العدوان الأخير يأتي جزءا من سلسلة من الاعتداءات من قبل العصابات المسلحة الإثيوبية، التي استغلت ضعف النظام البائد وتفريطه في سيادة البلاد، باحتلالها لمنطقة الفشقة، والاستمرار في عدوانها من دون ردع"، مشدداً على أنه "يجب أن تتفهم الحكومة الإثيوبية وقواتها أنّ التغيير الذي تم في السودان يعني، ضمن أشياء أخرى، استعادة السيادة الوطنية وحماية الأراضي السودانية".

وأضاف الحزب، في بيان له، أنّ "العدوان الأخير تم بعد محاولات الحكومة الانتقالية الحوار مع الجانب الإثيوبي للوصول إلى حل ثنائي سلمي يحمي ويحترم حدود البلدين، لكن تكرار العدوان المسلح وقتل الأبرياء والاستيلاء على ممتلكات المواطنين، يدعو لاتخاذ إجراءات مناسبة من قبل الحكومة السودانية الانتقالية لحماية الحدود وسيادة الوطن وأمن واستقرار المواطن السوداني في بلاده، والذي من شأنه أن يجعل الحكومة الإثيوبية تحترم القانون الدولي وميثاق الاتحاد الأفريقي، وتوقف العدوان على البلاد".
وأشار البيان إلى أن الحكومة الإثيوبية حشدت جيشها على الحدود بصدد التصعيد العسكري، وأن الحزب يرى أن تلك الخطوة التصعيدية ليست هي الخيار ولا الحل للشعبين، داعياً إلى اللجوء إلى الاتفاقات والمواثيق الدولية التي تتناول مثل هذه الأمور، مطالباً بدور للاتحاد الأفريقي وداعياً مجلس الأمن إلى أن يطبق التحكيم الدولي لمعالجة قضايا الحدود.
من جهته، أدان حزب "المؤتمر الشعبي" المعارض الاعتداءات الإثيوبية، وأكد دعمه "اللامتناهي" للجيش السوداني في تأمين الحدود وحماية المزراعين السودانيين، وطالب الحكومتين السودانية والإثيوبية بالحوار ومراعاة المصالح المشتركة. كما أصدر "الحزب الناصري" و"التجمع الاتحادي" بيانين مماثلين.


وعلى الرغم من التوتر الحاصل وإشارات الجيش السوداني لاحتمال نشوب حرب شاملة، إلا أن محللين يستبعدون هذا الاحتمال. وأعرب الخبير في شؤون القرن الأفريقي عبد المنعم أبوديس عن اعتقاده بأنّ النزاع الحالي لن يتطور أكثر مما وصل إليه، مذكّراً بأن توتراً يحدث مع بداية كل موسم زراعي أو بداية موسم الحصاد.

وأوضح أبوديس لـ"العربي الجديد" أنّ عاملين مهمين دفعا الأوضاع الحالية للتطور؛ الأول عودة الجيش السوداني إلى المنطقة ونشره نقاط مراقبة حدودية، وهي التي تصدت لاعتداءات المليشيات هذه المرة.

أما العامل الثاني، ويخص إثيوبيا بحسب أبوديس، فهو أنّ "السلطات المحلية في المناطق المتاخمة للسودان لديها مصلحة في إثارة الموضوع وتصعيده، لكن تلك المصلحة لن تتلاقى مع مصالح إثيوبيا المركزية التي لديها انشغالات بمناطق وملفات أخرى، وهو الأمر الذي ترك السلطات المحلية تتصرف بحرية"، مشيراً إلى أنّ "إثيوبيا نفسها متضررة من عدم الاستقرار في تلك المنطقة لأنها تحولت إلى منفذ لتهريب السلاح إليها".

ورأى أبوديس أنّ الحل لما يجري على الحدود السودانية الإثيوبية "هو تنفيذ اتفاق تم التوصل إليه، الأسبوع الماضي، بين وفد سوداني وزاري والحكومة في أديس أبابا، وتضمن وضع العلامات الحدودية وتنفيذ اتفاق سابق بنشر قوات مشتركة توقف اعتداءات المليشيات وتهريب السلاح إلى داخل الأراضي الإثيوبية".

ذات صلة

الصورة
تحقيق تهريب السوريين

تحقيقات

للمرة الثانية يضطر السوريون إلى ترك كل ما يملكون وراء ظهورهم للنجاة بحياتهم، فراراً من حرب السودان، إذ يسلكون دروباً صحراوية شديدة الخطورة للانتقال إلى مصر
الصورة
أطفال سودانيون في مخيم زمزم في ولاية شمال دارفور في السودان (الأناضول)

مجتمع

أفادت منظمة أطباء بلا حدود بأنّ طفلاً واحداً على الأقلّ يقضي كلّ ساعتَين في مخيّم زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور غربي السودان بسبب سوء التغذية.
الصورة

سياسة

قالت المنظمة الدولية للهجرة إن نحو 300 ألف شخص فروا من القتال على جبهة جديدة في حرب السودان مع دخول مقاتلين من قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش مدينة ود مدني.
الصورة
نازحون سودانيون في مدرسة في وادي حلفا 1 (أشرف شاذلي/ فرانس برس)

مجتمع

في فناء رملي لمدرسة تحوّلت إلى مركز إيواء للنازحين في شمال السودان، يلعب أطفال بالكرة. من حولهم، ينتظر عشرات الأشخاص المنهكين الفارين من الحرب، منذ أشهر، تأشيرة دخول الى مصر.