سموه ما شئتم

سموه ما شئتم

30 مايو 2020
رد شعبي فلسطيني قد يشكّل مشكلة لنتنياهو(موسى الشاعر/فرانس برس)
+ الخط -
يكشف التقرير الذي نشرته "العربي الجديد"، أمس الأول، حول إقدام الاحتلال على تسليم سكان تجمّع قرية "فصايل" الفلسطينية مباشرة فواتير الكهرباء، أن حكومة بنيامين نتنياهو أعدت مسبقاً جدولاً بالخطوات العملية لمشروع فرض السيادة الإسرائيلية على غور الأردن وباقي المستوطنات، والرد على الإعلان الفلسطيني بوقف التنسيق الأمني، برد ميداني يقوم على تجاهل وجود السلطة الفلسطينية كلياً، والتعامل مع السكان الموجودين على الأرض بشكل مباشر من خلال الإدارة المدنية، والعودة إلى ما قبل أوسلو كورقة ضغط على السلطة الفلسطينية، خصوصاً في المناطق غير المكتظة بالسكان (مثل غور الأردن) والتي ليس بمقدور سكانها، بفعل البُعد الجغرافي عن مركز الضفة الغربية، مواجهة الإجراءات الإسرائيلية لقلة حيلتهم وبُعدهم عن مركز الثقل الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة.

لا يمكن عزل هذا السلوك الإسرائيلي عن كشف نتنياهو علناً عن كل أوراقه لرؤيته للحل، بإبقاء رعايا فلسطينيين في جيوب فلسطينية، يخضعون لسلطة الحكم الذاتي الفلسطيني، ولا يتمتعون بأي حقوق أخرى في حال تم الضم للأرض التي يعيشون عليها، وتكريس نظام أبرتهايد جديد، تُحلُ كل "معضلاته الأخلاقية" في هيئة سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني، التي ستبقى خاضعة للسلطة الأمنية الإسرائيلية العليا.

لم يعد نتنياهو بحاجة إلى المناورات الإعلامية والبلاغية، وكل ما تغيّر في الأيام الأخيرة هو اتجاه ووزارة الخارجية إلى تكثيف استخدام تعبير "فرض السيادة على المستوطنات الإسرائيلية" وإخفاء مصطلح الضم، بعدما تبيّن أنه يثير لدى الأوروبيين والرأي العام العالمي نفوراً بفعل ارتباطه بقيام أدولف هتلر بضم النمسا لألمانيا تحت ستار توحيد أبناء الشعب الألماني. وهو نفور قد يؤدي في حال تم توظيفه جيداً إلى عرقلة خطط حكومة الاحتلال، من جهة، ورفع منسوب وطبيعة التضامن مع الشعب الفلسطيني بما قد يسبّب لإسرائيل أضراراً لم تكن قد أخذتها بالحسبان، من جهة أخرى.

ما عدا ذلك يبدي نتنياهو وضوحاً كبيراً في نواياه ورؤياه المستقبلية: إسرائيل لن تمنح الفلسطينيين أكثر من مجرد كيان حكم ذاتي، منقوص السيادة، لا يصل إلى مستوى الدولة، وبمقدوركم "أن تسموه ما شئتم".
المشكلة الوحيدة التي قد تواجه نتنياهو تكمن فقط في رد شعبي فلسطيني ميداني يضطر الاحتلال لإعادة حساباته ورهاناته، خصوصاً التي تعتمد على رسائل طمأنة يدعي الإعلام الإسرائيلي أن إسرائيل تلقتها من جهات عربية عدة.