غوتيريس يأسف لعدم التجاوب مع وقف إطلاق نار عالمي

غوتيريس يأسف لعدم التجاوب مع وقف إطلاق نار عالمي.. ويحذر من كورونا

27 مايو 2020
رسم الأمين العام صورة قاتمة عن حماية المدنيين(Getty)
+ الخط -
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، عن أسفه، اليوم الأربعاء، لعدم التجاوب بصورة ملموسة مع الدعوة التي وجهها في 23 مارس/آذار لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء العالم والتفرغ لمكافحة جائحة فيروس كورونا، محذراً في الوقت نفسه من المعاناة الإضافية التي يسببها كورونا للمدنيين في مناطق الصراعات والنزاعات المسلّحة.

وجاءت تصريحات غوتيريس خلال اجتماع رفيع المستوى لمجلس الأمن الدولي في نيويورك، لبحث تقريره السنوي حول حماية المدنيين في الصراعات المسلحة. وحضرت الجلسة الرئيسة الإستونية، كيرستي كاليولايد، والتي ترأس بلادها المجلس لهذا الشهر، بالإضافة إلى رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بيتر ماورير، وعدد من وزراء الخارجية.

ووجّه غوتيريس، في كلمة له خلال الجلسة، التي عقدت عن بعد، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة بسبب أوضاع انتشار فيروس كورونا، انتقادات للدول وأطراف النزاع حول العالم لعدم ترجمة وعودهم بحماية المدنيين خلال تلك الصراعات.

ورسم الأمين العام صورة قاتمة، قائلاً "يظهر تقريري الأخير حول حماية المدنيين في النزاعات المسلحة تقدماً ضئيلاً في حماية المدنيين، والامتثال للقانون الدولي في عام 2019".

وعرض عددا من الأمثلة، حيث قال "تمكنت الأمم المتحدة من التحقيق في جرح وقتل أكثر من 20 ألف مدني خلال العام الماضي في عشر دول وهي، سورية وجنوب السودان والصومال والعراق وليبيا ونيجيريا واليمن وأفغانستان وأوكرانيا وجمهورية أفريقيا الوسطى". ولا يشمل هذا الرقم مناطق ودول كفلسطين والكونغو الديمقراطية وميانمار.

ضحايا في ليبيا

إلى ذلك، أشار إلى أن بعثة الأمم المتحدة في ليبيا وثقت مقتل ما لا يقل عن 58 مدنياً وجرح 190 آخرين فقط خلال الأسابيع الستة الأخيرة. ولفت إلى أن بعض الدول وأطراف النزاع في عدد من المناطق تحاول أن تستغل انتشار فيروس كورونا الجديد لتسجيل انتصارات على الأرض.

وأكبر عدد ضحايا مدنيين سجلته الأمم المتحدة العام الماضي، كان في أفغانستان، إذ وصل عدد الإصابات إلى أكثر من عشرة آلاف مدني في العام الماضي، 42 بالمئة منهم من النساء والأطفال، نتيجة انفجار الأجهزة المتفجرة يدوية الصنع، والاشتباكات البرية، والغارات الجوية وغيرها.

سورية واليمن

أما في سورية، فقد تحققت الأمم المتحدة من مقتل 2404 مدنيين من بينهم 466 امرأة و688 طفلاً. كما وثقت الأمم المتحدة مقتل وجرح 3217 مدنياً  في اليمن، 25 بالمئة منهم من الأطفال.

وأجبر عشرات الآلاف من الفتيان والفتيات على المشاركة في أعمال القتال، بما فيها القتال ضمن الخطوط الأمامية. وتعرضوا لانتهاكات جسيمة منها القتل والتشويه والعنف الجنسي. كما شردت أعداد ضخمة من الأطفال ناهيك عن انفصال العديد منهم عن أسرهم.

وسجلت الأمم المتحدة تشرد الملايين حول العالم بسبب النزاعات. وفي سورية لوحدها شرد العام الماضي أكثر من 1.9 مليون سوري، وتضاعف عدد المشردين في ليبيا العام الماضي بسبب القتال حول طرابلس ليصل إلى أكثر من 343 ألف نازح، وفي الكونغو نزح قرابة المليون شخص العام الماضي.

كذلك، أشار الأمين العام إلى تعرض العاملين في المجال الإنساني إلى هجمات وأعمال عنف بما فيها القتل، واعتداءات، واحتجاز تعسفي، ومضايقة، وسرقة، واستخدام مباني المساعدات الإنسانية لأغراض عسكرية وغيرها.

وأشار إلى أن أطراف النزاع فرضت في الكثير من النزاعات عراقيل وإجراءات بيروقراطية لمنع وصول المساعدات الإنسانية. وسجلت الأمم المتحدة في اليمن مثلاً أكثر من 2500 حادثة أو مخالفة متعلقة بالحيلولة دون وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين.

نقص الأمن الغذائي

وأشار غوتيريس إلى أن النزاع هو السبب الرئيسي للجوع ونقص الأمن الغذائي حول العالم. وقال "هناك حوالي 135 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد في العالم. يعيش أكثر من النصف في البلدان والأقاليم المتضررة من النزاع". وتوقع أن يؤدي انتشار كورونا وتبعاته الاقتصادية إلى زيادة حادة في تلك الأرقام.

كما حذر الأمين العام من العواقب الوخيمة التي تخلفها الأسلحة والنزاعات المسلحة على البيئة. وحول المفقودين في النزاعات، لفت الانتباه إلى أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر سجلت، بنهاية عام 2019، حوالي 140 ألف طلب من عائلات المفقودين.

من جهته، قال بيتر ماورير إنه يشعر بالقلق الشديد لارتفاع أعداد المهجرين واللاجئين وطالبي اللجوء ولأوضاعهم في مخيمات ودول اللجوء حول العالم، كما لحال ملايين العائلات التي تحاول عبثاً البحث عن أفرادها، ولأوضاع النساء والأطفال ضحايا العنف والعنف الجنسي، ولأوضاع السجناء، وزيادة التهديدات والتصريحات العنصرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وتحدث عن مخلفات الأسلحة والمتفجرات التي يتركها أطراف النزاع وراءهم في المناطق المكتظة بالسكان وتؤدي إلى مقتل المدنيين. وقال إن استخدام تلك الأسلحة بالمناطق المكتظة بالسكان يخلف الكثير من علامات الاستفهام حول التزام الدول بالقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.



المساعدات الإنسانية

وتحدث أيضاً عن تقديم المساعدات الإنسانية واستهداف أطراف النزاع للمدنيين كما لفرق تقديم المساعدات الإنسانية. ووجه انتقادات حادة لمجلس الأمن الدولي والدول الأعضاء فيه دون أن يسمي دولة بعينها. وقال "إن الانقسام الذي يشهده مجلس الأمن حول القانون الدولي الإنساني وعمل المنظمات الإنسانية يزيد من معاناة المدنيين في مناطق النزاع".

وأردف موجهاً كلامه لمجلس الأمن "في الوقت الذي تأخذ منظمة الصليب الأحمر على عاتقها تقديم المساعدات الإنسانية بشكل مستقل ومع الالتزام بالقانون الدولي واتفاقيات جنيف، فإن من مسؤوليتكم تسهيل تقديم المساعدات للفئات التي تحتاجها. أنتم ملزمون بتسهيل وصول المساعدات دون فرض العراقيل والإجراءات السياسية والبيروقراطية على المنظمات التي تقدم المساعدات الإنسانية".

وتابع " ليس فقط المطلوب منكم التحديد للمنظمات الإنسانية من هم الناس الذين يحتاجون تلك المساعدات الإنسانية بل وأيضاً السماح لمنظمات محايدة بالقيام بتقديراتها وبشفافية كاملة حول من يحتاج المساعدة. وإذا كانت هناك خلافات حول ذلك فإنني أتوقع أن تسمح الدول للمنظمات الإنسانية بتقديم المساعدات على الرغم من خلافات في وجهات النظر، كنهج وقائي، إلا إذا حالت الأوضاع الأمنية دون ذلك".

وناشد الدول الأعضاء في مجلس الأمن أن "تتخذ قراراتها حول تقديم المساعدات الإنسانية بناء على القانون الدولي الإنساني، بعيداً عن الخلافات السياسية لأن ذلك يدخلها في دوامة، ويبعدها عن الحيادية وتقديم المساعدات للجهات المحتاجة".