ليبيا: تهديد عسكري تركي أحبط المخطط الإماراتي البحري

ليبيا: تهديد عسكري تركي أحبط المخطط الإماراتي البحري

27 مايو 2020
عربة عسكرية تركية في الساحل الليبي (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر دبلوماسية غربية مطلعة على تفاصيل الأزمة الليبية وتقاطعاتها الإقليمية عن الأسباب الحقيقية وراء تراجع الإمارات عن تنفيذ عملية عسكرية واسعة، خططت لها في 8 دول منتصف العام الماضي، لضرب سفن الشحن التركية المتوجهة إلى غرب ليبيا لدعم حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج. وأفادت المصادر لـ"العربي الجديد"، بأن أطرافاً رسمية في دولتين من الدول الثماني التي تم استخدامها في المخطط الإماراتي، أطلعت تركيا على معلومات بشأن ما يتم التخطيط له، موضحة أن مسؤولين بارزين في كل من جنوب أفريقيا والأردن تربطهم علاقات وثيقة بتركيا، هم الذين كشفوا تفاصيل ما يُحاك. وأوضحت المصادر أنه بعد تجميع أنقرة كافة التفاصيل بشأن الخيوط التي تلقتها من "أطراف صديقة" في الدولتين، عقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اجتماعاً حضره وزير الدفاع خلوصي أكار، ورئيس المخابرات هاكان فيدان، وعدد من المسؤولين رفيعي المستوى، انتهى إلى اتخاذ قرار حربي في حال تم استهداف أي مصالح تركية في البحر المتوسط.

وكشف تقرير سري أعده خبراء في الأمم المتحدة عن عملية سرية جرى التخطيط لها وتنفيذها في ثماني دول من قبل شركتين بشكل أساسي، مقرّهما في الإمارات لاعتراض سفن الشحن التركية المتجهة إلى حكومة الوفاق بطرابلس. وأورد التقرير الأممي أن الشركتين المخططتين هما "لانكستر 6" و"أوبوس كابيتال أسيت" في دولة الإمارات، وأنهما دبّرتا مهمة خاصة في ليبيا شاركت فيها قوات أجنبية ومروحيات وقوارب عسكرية. وأوضح التقرير أن الشركتين المذكورتين هرّبتا ست مروحيات من جنوب أفريقيا وقاربين عسكريين من مالطا إلى ليبيا في يونيو/ حزيران 2019. وجاء في التقرير الأممي المكوّن من نحو 80 صفحة، أن العملية ضمّت نحو 20 شخصاً على الأقل من أستراليا وفرنسا ومالطا وجنوب أفريقيا وبريطانيا والولايات المتحدة، نقلوا إلى ليبيا من الأردن بذريعة إجراء أبحاث علمية.

وأعرب الخبراء في التقرير عن اعتقادهم أن أحد أهداف المهمة كان "تزويد (اللواء المتقاعد خليفة) حفتر بالقدرة على قطع الطريق البحري للأسلحة التي تقدمها تركيا لحكومة الوفاق في طرابلس". وتوقفت المهمة فجأة لأسباب غير معروفة بعد أقل من أسبوع من وصول المروحيات والقوارب العسكرية إلى بنغازي. وورد في التقرير أيضاً أن المحادثات بين الأطراف المعنية كشفت أن المهمة كانت تضم مجموعة لهجوم بحري.

وأكدت المصادر أن تركيا وجّهت رسالة تهديد شديدة اللهجة، عبر روسيا، إلى الإمارات، أكدت خلالها كشْف المخطط، وأن أي استهداف لمصالحها سيكون بمثابة إعلان حرب، ولن تتمكن أي قوة من منع أنقرة من استهداف أبوظبي بشكل مباشر في عمل عسكري، ووقتها لن تكون الحرب بالوكالة كما يحدث في الوقت الحالي، بل مباشرة. وأشارت المصادر إلى أنه بعد تلك الواقعة أقدمت تركيا على توقيع اتفاقيتين، في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، مع حكومة الوفاق باعتبارها الكيان الشرعي المنبثق عن اتفاق الصخيرات (2015)، الذي جاء برعاية أممية، وذلك لإضفاء الشرعية على كافة تحركاتها، السياسية والاقتصادية والأمنية، بشأن دعم المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق ضد الحملة التي يواجهها بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، والمحور الداعم له الذي يضم مصر والإمارات والسعودية وفرنسا.

ورجحت المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن يكون تسريب المعلومات الخاصة بالعملية، من الأردن تحديداً، قد تم بتنسيق رسمي بين الأجهزة هناك، وذلك لإخلاء ساحة عمّان أمام أنقرة في حال تم اكتشاف دورها في العملية بعد تنفيذها، وذلك خشية ردة الفعل التركية لما للبلدين من علاقات قوية مشتركة.

في سياق منفصل، قالت المصادر إن تنسيقاً روسياً ـ تركياً على مستوى رسمي، تمّ بشأن انسحاب مجموعة "فاغنر" الروسية المشاركة في العمليات القتالية إلى جانب مليشيات حفتر في محاور جنوب طرابلس. وأوضحت المصادر أن الجانب الروسي نسق مع أنقرة بشأن عدم استهداف المقاتلين الروس التابعين لشركة "فاغنر" خلال عملية الانسحاب من محاور القتال في جنوب العاصمة طرابلس، وفتح ممراً آمناً لهم من دون استهدافهم من جانب الطيران التركي المسيّر الداعم لحكومة الوفاق، وهو ما رحّبت به أنقرة، وجرى تنفيذه خلال الـ72 ساعة الماضية وصوّرته كاميرات تابعة لحكومة الوفاق، بانسحاب المرتزقة الروس من محور صلاح الدين، الذي كان يوجد فيه نحو 1600 مقاتل تابع للشركة، فضلاً عن مقاتلين سوريين متعاقدين مع الشركة أيضاً.

وفي 27 نوفمبر الماضي، أعلنت الحكومة الليبية في طرابلس توقيع اتفاقيتين مع أنقرة، إحداهما متعلقة بالدفاع المشترك والأخرى بالحدود البحرية وترسيمها، وأشارت حكومة الوفاق وقتها إلى أن الاتفاقية الأمنية تشمل مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، كما أنها غطت كل الجوانب الأمنية التي تحتاجها الحكومة الشرعية.

المساهمون