مظاهرات عفوية للحراك الشعبي بالجزائر رغم كورونا وحالة الإغلاق

مظاهرات عفوية للحراك الشعبي بالجزائر رغم كورونا وحالة الإغلاق

26 مايو 2020
محاولات لإحياء الحراك رغم كورونا (رياض قرامدي/ فرانس برس)
+ الخط -

رغم القرار السابق بتعليق فعاليات الحراك الشعبي بالجزائر واستمرار حالة الإغلاق وقرار السلطات حظر التجمعات للحد من انتشار فيروس كورونا، عادت بشكل عفوي المظاهرات في عدد من البلدات الجزائرية دعما للمعتقلين وللمطالبة بتحقيق الديمقراطية.

وانقسمت المواقف في الجزائر إزاء هذه العودة العفوية في بعض المدن دونما تنسيق مسبق بين مكونات الحراك، رغم أن هذه المسيرات كانت محدودة ومرتبطة بالأخص بتوجيه تحية سياسية للناشطين المعتقلين بمناسبة عيد الفطر، وتذكير السلطة باستعداد الحراك لتجاوز الصمت الذي نتج عن أزمة كورونا وشهر رمضان.


بعض مكونات الحراك أبدت تحفظا وقلقا من هذه العودة غير المنتظمة خاصة في ظل استمرار مخاطر الأزمة الوبائية من جهة والتخوف من تقديم مبررات للسلطة لرفع منسوب القمع وملاحقة الناشطين، فيما رأت مكونات أخرى أن هذه المظاهرات جاءت كرد فعل على عدم توقف السلطة عن حملة الاعتقالات والملاحقات ضد الناشطين.

وخرج ناشطون، أمس الاثنين، في مظاهرة في بلدة خراطة بولاية بجاية، شرقي الجزائر، لدعم الناشطين المعتقلين في السجون، وفضل الناشطون توجيه تهنئة بالعيد إلى المعتقلين، حيث رفعت لافتة كتب عليها "عيد سعيد لكل المعتقلين"، إضافة إلى رفض حملة الاعتقالات والملاحقات التي تباشرها السلطة ضد الناشطين في الحراك.

وقاد ناشطون المظاهرة ورفعوا صورا لمعتقلي الرأي، ككريم طابو وسمير بلعربي، كما رددوا في المسيرة التي شارك فيها عدد من سائقي الدراجات النارية شعارات مناوئة للسلطة وأخرى مطالبة بدولة مدنية.

وجرت المظاهرة برغم قرار السلطات منع حركة المرور والتجمعات ضمن إجراءات الحجر الصحي بعد الواحدة من ظهر يومي عيد الفطر، وكذا قرار منع التجمعات الساري المفعول منذ 26 مارس/ آذار الماضي. وفي أول أيام العيد خرج ناشطون في إث ورتيلان القريبة من سطيف، شرقي الجزائر، في مسيرة للتعبير عن التضامن مع المعتقلين، رفعت فيها صور لهم. كما خرج سكان بلدة إث دوالة بولاية تيزي وزو في مظاهرة دعما للمعتقلين ولتوجيه التحية لهم بمناسبة عيد الفطر.

وقبل العيد بأيام قليلة، تجمع ناشطون ومتظاهرون قبالة مقر الأمن في مناطق متفرقة، كتيميمون بالجنوب الجزائري دعما للمعتقلين ياسر قديري وأحمد سيدي موسى، وفي منطقة واسيف بولاية تيزي وزو قرب العاصمة الجزائرية، وقبالة مركز للأمن في منطقة تيقزيرت الساحلية، بعد استدعاء ناشطين من قبل مصالح الأمن للتحقيق في قضايا وتهم سياسية تتعلق بنشاطهم في الحراك ومشاركتهم في المظاهرات السابقة.

لكن هذه العودة غير المنتظمة والعفوية لا تلقى الإجماع بشأنها بين مكونات الحراك الشعبي، إذ لم يتم تداول أي شيء بين المكونات النشطة في الحراك بشأن العودة إلى الشارع ودواعيها.

ويرى الناشط والعضو في "تنسيقية شباب الحراك"، رضوان مصمودي، أن هذه المسيرات "فيها نوع من التسرع، لأننا نرى من الحكمة التريث حتى ينحسر الوباء أو على الأقل حتى تعود الحياة إلى طبيعتها، ولأن السلطة ستستغل أي تصرف مماثل لمحاولة تشويه الحراك أمام الشعب، وهو ما حاولت فعله في آخر جمعة عندما أوقفنا الحراك، حيث سمحت بالنقل المباشر للمسيرات لقنواتها معتقدة أن الحراك سيخرج في المظاهرات وبالتالي تحمل الحراكيين مسؤولية تفشي كورونا".

لكن الناشط اليساري سمير لعرابي، يطرح موقفا معاكسا بشأن المسيرات الأخيرة، وقال في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "المسيرات ردة فعل على القمع وممارسات السلطة التعسفية الأخيرة، وهي أيضا دليل على تجذر الحراك في الأوساط الشعبية التي ترغب في التغيير الحقيقي، وهي تعبير عن خوف الناشطين من مستقبل حراكهم الشعبي ومن إفلات الفرصة الديمقراطية".

وأشار إلى أنه في حال استمرت العودة التدريجية للمظاهرات، فإنه يتوجب أن "تأخذ المسيرات بعين الاعتبار الضرورات الصحية، ويجب أن تكون منظمة وتحترم التباعد، ولذا فقضية التنظيم الذاتي تبقى مسألة أساسية وحيوية، وبشكل ومستقل عن الاستراتيجيات الحزبية والسلطة والأعيان".

وأوضح أن "الحراك يقع في مقابل النظام الذي هو جهاز منظم، لديه استراتيجيات ويقيم تحالفات داخلية وخارجية، ولديه الوسائل المادية والسياسية للاستمرار، في وقت أن الحراك لا يملك هذا، ولذا يجب الاستفادة من تجارب الحركات الاجتماعية السابقة".


ويتوقع مراقبون أن تساهم الظروف السياسية الراهنة، وإخفاق السلطة في التعامل الإيجابي وطرح إجراءات تعزز الثقة، واستمرار الحملة ضد الناشطين وكذا خيبة الأمل الشعبية والسياسية الواسعة من مضمون مسودة الدستور، في فتح الباب على مصراعيه أمام عودة أكيدة لمظاهرات الحراك، برغم وجود مؤشرات مقابلة على تشدد السلطة في فرض القبضة الأمنية على الشارع.