واشنطن وطهران على سكة صِدام كلتاهما لا تريدانه

واشنطن وطهران على سكة صِدام كلتاهما لا تريدانه

21 مايو 2020
تخوف من احتكاك مدفوع بالمعاندة (Getty)
+ الخط -
في ذكرى السنتين لحملته ضد إيران، أعلن وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، الأربعاء، عن عقوبات جديدة ضد إيران، شملت 12 شخصية وجهة إيرانية بتهمة جرائم معادية لحقوق الإنسان، من بينهم وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فازلي.

وتأتي هذه الخطوة عشية سلسلة إجراءات قادمة ترمي إلى تشديد الخناق على طهران، في لحظة إيرانية خانقة أصلاً تقاطعت فيها جائحة كورونا مع تدهور أسعار النفط وحصار العقوبات المتوالية منذ انسحاب إدارة دونالد ترامب من الاتفاق النووي.

ففي الأول من يونيو/حزيران المقبل، يدخل "قانون قيصر" ضد سورية حيز التنفيذ، والذي لا يطاول دمشق وحدها، بل أيضاً كافة الجهات التي تتعامل معها وتقدم العون لها، وعلى رأسها طهران. وفي الثامن من الشهر نفسه، يبدأ أيضاً تنفيذ إجراء مقاطعة السفن التجارية الإيرانية التي حذر بومبيو، الأربعاء، من التعامل معها تحت طائلة التعرض للعقوبات الأميركية. بعد هذا الموعد بأسبوع يبدأ الحوار الاستراتيجي الأميركي – العراقي الذي يتوخى بالنهاية "تقليم أظافر" النفوذ الإيراني في العراق.

ويقول الوزير بومبيو إن هذه التدابير تأتي في إطار التصعيد المتواصل الهادف إلى حمل إيران على التصرف "كبلد اعتيادي". مقولة لا ينفك عن تردادها في كل مناسبة وفي معظم مقابلاته ولقاءاته الصحافية وبيانات وزارته التي تصدر أسبوعياً حول الممارسات الإيرانية السلبية، المحلية منها والإقليمية. كما لا ينفك عن التذكير المكرور بأنّ الإدارة الأميركية لا تسعى إلى تغيير نظام طهران "المتروك أمره للإيرانيين" على حد تعبيره. وكان في السابق يشدد على ضرورة عودة طهران إلى الطاولة للتفاوض "بدون شروط مسبقة".

في الآونة الأخيرة، رفعت الإدارة الأميركية العيار بعد العمليات والاحتكاكات في العراق ومياه الخليج، وبعد أن بدا أن مثل هذه العودة غير واردة في الظرف الراهن، أثارت ضجة على "القمر الاصطناعي العسكري" الذي أطلقته إيران أخيراً، من باب أنه تجربة باليستية غرضها في النهاية امتلاك صاروخ يحمل رأساً نووياً.

رافق ذلك إنذار إيران برد عسكري حازم لو تكررت "المضايقات" الإيرانية لقطع الأسطول الأميركي في الخليج، مع المطالبة "بالابتعاد عنها". ثم تصعّدت لهجة الخطاب من خلال التشديد على وجوب التصدي لأعمال إيران التي "تهدد بزعزعة الاستقرار في المنطقة".

وفي هذا السياق، فتحت الإدارة ملف حظر بيع الأسلحة التقليدية لإيران، والذي ينتهي مفعوله في أكتوبر/تشرين الأول المقبل. وقد أكدت على عزمها لتجديد الحظر بقرار من مجلس الأمن. الوزير بومبيو تعهد بتوظيف كل "خياراتنا الدبلوماسية لضمان استمرار الحظر" وحمل موسكو وبكين على عدم تزويد طهران بالمعدات والمدرعات والدبابات، بعد هذا الموعد.

وتحدث أكثر من مرة في هذا الشأن وبلغة الواثق من تحقيق مثل هذا المنع من زاوية أن أميركا "عضو أصلي" في الاتفاق النووي الإيراني الموقع عام 2015، ولا تزال "مشاركة قانونياً" فيه وبما يسمح بتحريك البند الذي يعيد العقوبات الدولية وجعلها ملزمة -من الناحية النظرية – لجميع أعضاء الأمم المتحدة. "وسوف نبحث عن أي إمكانية لبلوغ هذا الغرض"، كما قال بومبيو. تطور زاد من حدة التأزم الذي تفاقم في الأيام الأخيرة من خلال قصة ناقلات النفط الإيرانية المتجهة إلى فنزويلا، والتي تحدثت واشنطن عن نيتها بالتصدي لها.


ما لا شك فيه أن حرارة الأزمة تقترب من درجة الغليان، مع ذلك ما يزال الاعتقاد الغالب بأنّ المواجهة الأميركية الإيرانية مستبعدة. الرئيس دونالد ترامب ليس في جو عمل عسكري قبيل الانتخابات الرئاسية المرتقبة في نوفمبر/تشرين الثاني، بل هو استبعد هذا الخيار عندما تخلّى عن مستشاره السابق للأمن القومي جون بولتون الذي سارع إلى دق طبول الحرب مع إيران منذ تسلم مهامه.

ترامب يراهن على إجبار طهران بضغط داخلي، على التراجع والسعي نحو صيغة لتنفيس الأزمة. وإيران، يرى العديد من المراقبين أنها "ليست انتحارية" ولا هي الآن في وضع الساعي إلى التصادم، لأسباب معروفة. لكن تموضع الطرفين على سكة التصعيد يحمل البعض على التخوف من احتكاك مدفوع بالمعاندة.

المساهمون