جمعية الرفق بالطغاة

جمعية الرفق بالطغاة

17 مايو 2020
تعرض الأسد لانتقادات عدة في وسائل إعلام روسية (Getty)
+ الخط -
حملت الرسالة التي وجهها نحو 300 "مثقف" سوري وعربي إلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وعدد آخر من المسؤولين الروس، يستجدونهم فيها وقف تناول فساد بشار الأسد ونظامه عبر وسائل الإعلام الروسية، الكثير من التناقضات والمفارقات غير المنطقية، شكلاً ومضموناً. وبغض النظر عن محتوى الرسالة، من المعيب أن يرسل مثقف برسالة إلى مسؤولي دولة تحتل وتتحكم بشؤون بلده يستجديه فيها، ألا تساهم، عبر وسائل الإعلام، بفضح الفساد في البلد الذي تتحكم به. كما أن الرسالة شكلاً تعد إهانة كبيرة لرئيس النظام بشار الأسد كونها موجهة لمسؤولين روس أرفعهم وزير الخارجية ليرأفوا بحال "رئيس جمهورية". أما على مستوى المضمون فقد بدت الرسالة وكأنها رسالة استرحام من مرتزقة لدى رئيس عصابة النظام السوري، يستجدون خلالها معاوني زعيم المافيا الروسية التي تشغّل رئيسهم، بأن يرحموه. كما تحمل تذكيراً بالولاء المطلق لرئيس العصابة تجاه زعيم المافيا.

ولم تخل الرسالة من وشاية صبيانية بمن تستضيفهم القنوات الروسية وتذكير الوزير الروسي بأن هذه الشخصيات تتخذ موقفاً معادياً للوجود الروسي في سورية، وتصفه على أنه احتلال. وعلى الرغم من الانزعاج الشديد من تناول القنوات الروسية لأداء بشار الأسد، إلا أن رسالة المثقفين لم تجرؤ على التعبير صراحة عن هذا الانزعاج واكتفت بصياغة رسالة عتاب واسترحام وتذكير بالخدمات والولاء للمحتل الروسي، فبدا المثقفون أشبه بجمعية للرفق بالطغاة.
لكن بغض النظر عن كل تناقضات تلك الرسالة إلا أن رسالة من هذا النوع، لا يمكن أن توجه من الشخصيات التي وقعت عليها ما لم تكن قد جاءت بطلب من القيادة السياسية في سورية، أي من القصر الجمهوري، الأمر الذي يشي بمدى التأزم الذي يعيشه رأس النظام، والذي يبدو أنه بدأ يشعر فعلياً بإمكانية تخلي روسيا عنه في أية لحظة، وهو ما أجبره على اعتماد هذا الأسلوب المهين في تقديم التنازلات، علّه يتمكن من استعادة بعض الثقة بداعمه الرئيسي، والذي كان سبباً في بقائه على رأس السلطة في سورية حتى اللحظة، خصوصاً بعد الفضائح المتلاحقة التي أحاطت به أخيراً، سواء لناحية خلافاته الداخلية مع رموز الفساد من أركان حكمه، ومن البيت الداخلي للعائلة الحاكمة، أو من خلال حملة التشهير التي تعرض لها في الغرب من خلال ابن عمه فراس الأسد. إلا أن السبب الرئيسي الذي ربما يدفع موسكو للتخلي عنه بشكل فعلي هو الوضع الاقتصادي في معظم الدول المتحكمة في القضية السورية ومنها روسيا بسبب جائحة كورونا، والذي من المحتمل أن يدفع موسكو إلى إبرام اتفاق مع واشنطن على حل سياسي تتنازل من خلاله روسيا عن بشار الأسد.

المساهمون