هل يسير حزب "قلب تونس" على خطى النداء؟

هل يسير حزب "قلب تونس" على خطى النداء؟

15 مايو 2020
استقالة النائبين زهير مخلوف ومراد الحمزاوي (تييري موناس/Getty)
+ الخط -
تواصل كتلة حزب "قلب تونس" البرلمانية التفتت بخسارة نائبين آخرين من بين قيادييها البارزين، لينخفض عدد نوابها إلى 26 برلمانيا، بعد أن كان الحزب في المركز الثاني انتخابيا بـ38 مقعدا، إذ صار يتهدده مصير حزب "نداء تونس"، الذي أنهكته صراعاته الداخلية والانشقاقات.

واستقال النائبان زهير مخلوف ومراد الحمزاوي، من كتلة "قلب تونس"، وأعلن مكتب البرلمان، في بيان، معاينته بشكل رسمي استقالة الحمزاوي من الكتلة، فيما نشر مخلوف نص استقالة مطولة كشف فيها أسباب قراره.

وأكد مخلوف أن استقالته نهائية من حزب "قلب تونس"، وذلك على بسبب "الانحراف الكبير لتوجهاته بعد خروج رئيسه نبيل القروي من السجن، خاصة على مستوى علاقته بحزب النهضة، حيث حاد الحزب على المبادئ التي قام من أجلها، وتراكمت الانحرافات في ظل تصريحات غير مسؤولة من قبل بعض القيادات"، وفق ما جاء في نص استقالته.

وذكّر مخلوف بمسار تأسيس الحزب ومبادئه، مبينا أن "المشكل الأساسي يكمن منذ نتائج الانتخابات وخروج القروي من السجن، ومنذ انتصاب مجلس النواب وتشكيل أول حكومة، حدث التحول الجذري والمفارقة الأساسية، حيث حاد الحزب عن استراتيجيته (..) ولم يعد خط سيره ثابتا وواضحا، ومشروعه السياسي بٓيّنا، وعلاقته بالآخرين متوازنة، وقد تخلّى قياديوه عن المبادئ التي جمّعتهم، والقيم التي وحدتهم، والبرامج التي تم الاتفاق عليها، وضوابط العلاقة السياسية التي تربط الحزب بالآخرين، وخاصة الحزب الفائز الأول في الانتخابات ورئيس الجمهورية الفائز بالرئاسة"، على حد تعبيره.

وشدد مخلوف على أن الحزب "أضحى رهين توجّه وموقف وخيار ووجهة نظر آحادية الجانب، يتمّ رسم التحالفات فيها والاختيارات السياسية والمواقف البينيّة ضمن نظرة خصوصية لا شمولية، تتصف بالضيق وعدم الاستقلالية".

وفي تعليقه على نبأ استقالة مخلوف، قال رئيس كتلة "قلب تونس" أسامة الخليفي: "سجلنا نبأ استقالة زهير مخلوف بارتياح".

ولم يتوقف نزيف الاستقالات ولم تهدأ نيران الخلافات داخل كتلة "قلب تونس" منذ الانتخابات، حيث أخذت في التفتت وانطلقت بإعلان 11 برلمانيا استقالتهم، قبل أن يتراجع منهم اثنان، بينما استقر المنسحبون التسعة البقية في كتلة جديدة منافسة اُطلق عليها "الكتلة الوطنية".

وبقي من كتلة "قلب تونس" 27 نائبا بعد أن كانت تضم 38 عضوا مباشرة بعد الانتخابات، محتلة بذلك المركز الثاني بعد متصدر المشهد البرلماني حزب "النهضة".

وذكر المحلل السياسي عبد المنعم المؤدب، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "الأحداث الكبرى المتعاقبة على البرلمان زعزعت استقرار حزب "قلب تونس"، الذي ما زال حزبا فتيا لم يطفء بعد شمعته الأولى، ولم يعقد حتى مؤتمره، وكانت مفاوضات وتجاذبات تشكيل الحكومتين، حكومة الحبيب الجملي أولا، ثم حكومة إلياس الفخفاخ، وعرضهما على مصادقة مجلس الشعب في وقت وجيز، كفيلة بضرب تماسك الكتلة والحزب بين الراغبين في المشاركة في الائتلاف الحكومي ومعارضيها".

وأضاف المؤدب: "لقد أثرت علاقات الحزب وتحالفاته المتغيرة في انضباط قياداته ونوابه في علاقة بيوسف الشاهد وحزبه "تحيا تونس" في مرحلة أولى، ثم في العلاقة بـ"النهضة" وزعيمها راشد الغنوشي، مما خلق تشنجا وجدلا وتململا حول خط الحزب ورؤيته والتزاماته".

وبين المحلل السياسي أنه "في أقل من 6 أشهر خسر الحزب ثلث قوته البرلمانية، وشهد انشقاق قيادات بارزة، من بينها رئيس الكتلة السابق والمتحدث باسمه حاتم المليكي، إلى جانب نائب رئيس الحزب وأحد مموليه رضا شرف الدين، والحقوقي البارز زهير مخلوف".

ولفت أن "حزب "قلب تونس" يسير على نهج حزب "نداء تونس"، فمنذ تسربت نار الخلافات داخله حتى أخذت وحدة الحزب تتآكل بشكل سريع، في غياب واضح للحمة حزبية وروابط سياسية متينة".

وشدد المتحدث على أن "زعيم الحزب نبيل القروي مطالب بالمسارعة برأب الصدع داخل الحزب والكتلة، وجمع شتات ما بقي من برلمانيين قبل أن يتواصل التفتت والتشظي في أركانه".

واعتبر المؤدب أن ""قلب تونس" ظاهرة سياسية طفت بسرعة في المشهد السياسي، ونجحت في افتكاك مكانة هامة بفضل عوامل عديدة، من بينها التعاطف حول استهداف رئيسه المؤسس، ولكن بعد خسارته في الانتخابات الرئاسية وخياراته في مفاوضات تشكيل الحكومة، غذى ذلك الغبن لدى عدد من قياداته المتعطشة للمشاركة في الحكم والحصول على مناصب ونفوذ، مما دفعها إلى الاقتراب من ائتلاف الحكم على حساب موقعها في المعارضة".

واتهمت أخيرا قيادات من حزب "قلب تونس" بالتقرب من حزب "النهضة" ودخولها معه في تحالف برلماني موازٍ للتحالف الحكومي، تعزز بتصويت نواب بـ"قلب تونس" على عدد من المشاريع الحكومية، ومن بينها التفويض لحكومة الفخفاخ في إصدار المراسيم.

ورغم الاختلاف بين "نداء تونس" و"قلب تونس" من حيث مشاركة الأول في الحكم كضلع أساسي بعد الانتخابات، ودفع الثاني للمعارضة، فإن مرجعية الحزبين متشابهة ومسار الصعود السريع متقارب، إلى جانب أسباب الاستقالات والانشقاقات التي تحرك قياداته.

المساهمون