مؤشرات انتخابية غير سارّة للمرشح الديمقراطي جو بايدن

مؤشرات انتخابية غير سارّة للمرشح الديمقراطي جو بايدن

14 مايو 2020
حظ بايدن بالفوز مرهون بمدى رفض التجديد لترامب (Getty)
+ الخط -
مع أنه لا يزال من السابق لأوانه الحديث عن ترجيحات بين المرشحين الأميركيين للرئاسة دونالد ترامب وجو بايدن، لكن ما كشفت عنه الأرقام الأخيرة جاء مخالفاً للتوقعات، ومخيّباً للديمقراطيين ومرشحهم بايدن، ولو أنه قد لا يعكس بالضرورة النبض الانتخابي العام. فالاعتقاد السائد في الآونة الأخيرة بعد استفحال أزمة كورونا والتدهور الاقتصادي المريع، أن معركة الرئيس ترامب باتت شبه محسومة لمصلحة منافسه بايدن. أرقام إصابات وضحايا الوباء المفتوحة على المزيد، معطوفة على أرقام البطالة وحالة الكساد الطويل، تجعل من الصعب جداً على الرئيس تسويق حملته لتجديد رئاسته.

لكن فجأة ظهرت أرقام أخرى مخالفة، تفرض التوقف عندها وعدم تجاهل مدلولاتها، فأهميتها أنها تزامنت مع بعضها وجاءت في لحظة يفترض ألا تكون مواتية للرئيس ترامب. ففي آخر استطلاع تقلّص الفارق، لأول مرة، إلى 5 نقاط فقط لمصلحة بايدن. الأهم أن ترامب ارتفع تأييده بفارق 7 نقاط على منافسه في خمس ولايات مهمة كانت حاسمة في انتخابات 2016. لكن الأكثر أهمية، أن نتائج انتخابات فرعية جرت، الثلاثاء الماضي، لمقعدين شاغرين في مجلس النواب، جاءت حاسمة لمصلحة المرشحين الجمهوريين اللذين دعم ترامب حملتهما الانتخابية، واحد في ولاية كاليفورنيا المعروفة بثقلها الديمقراطي والذي كان محجوزاً كمقعد للديمقراطيين منذ 1998. ليس هذا فحسب، بل إن المرشح الجمهوري فاز بفارق 12 نقطة وعملية الفرز لم تنتهِ بعد.

فوز كاسح في بيئة غير ودية، بحيث بدا أقرب إلى انقلاب سياسي، لا بد أنه كان صدمة للحزب الديمقراطي ودفعة زخم للجمهوري. كذلك الأمر كان في انتخابات فرعية أخرى في ولاية ويسكنسون، وانتهت هي الأخرى لمصلحة المرشح الجمهوري الذي دعمه ترامب، بفارق 14 نقطة، بدت كأنها تعكس أجواء هذه الولاية المهمة تجاه انتخابات الرئاسة، ولو أن المقعد كان يشغله نائب جمهوري.

قد تكون الاعتبارات والعلاقات والخلاصة الشخصية للمرشحين قد أدت دورها في تغليب الجمهوري في الجولتين. وعادة انتخابات الكونغرس لا تكون في الغالب بروفة لانتخابات الرئاسة. تاريخياً، نادراً ما يختار الناخب الأميركي رئيسه وغالبية مجلسي الكونغرس من الحزب نفسه. لكن الأرقام لافتة، وتأتي في ظرف، كل ما فيه كان ينبغي أن يوجه الناخب ضد حزب الرئيس. فالجائحة سببت قرابة 82 ألف حالة وفاة. والعدد يمكن أكثر من ذلك حسب المرجع الصحي الرسمي الطبيب أنطوني فاوتشي، وفي آخر تقدير أنه سينتهي إلى ضعفه مع شهر أغسطس/ آب المقبل، فضلاً عما يمكن أن تضيفه موجة الخريف المقبلة. والاعتقاد السائد وبصورة كاسحة في أوساط الجسم الطبي، أن التردد الرسمي في استباق الموجة، سبب تضخم الكلفة البشرية والاقتصادية. ليس هذا فحسب، بل إن هذه الأوساط تحذر الآن، وبلغة الإنذار، من عواقب التسرع في فك العزلة، وإن تدريجاً.

مع ذلك، يصرّ البيت الأبيض على العودة السريعة والأوسع إلى الدورة العادية، متهماً فاوتشي بأنه يلعب على الحبلين ويتعمد التأخير لعلة في نفس يعقوب، علماً بأن الرجل يحظى بثقة 64% من الأميركيين. يضاف إلى ذلك أن وزير العدل وليام بار، بدعم من الرئيس على ما بدا، قرر قبل يومين إسقاط الدعوى ضد الجنرال مايكل فلين، مستشار الرئيس السابق الذي سبق أن اعترف بـ"الكذب" على "إف بي آي" في قضية التحقيق بالتدخل الروسي في الانتخابات عام 2016، وبما يُعَدّ بمثابة جريمة، وقد أثارت ضجة واسعة باعتبارها غير مسبوقة في تعارضها مع القانون.

على الرغم من كل ذلك ومن توقعات مصرف "الاحتياط الفدرالي" (المصرف المركزي) بأن "احتمالات نهوض الوضع الاقتصادي ملتبسة"، تمكن ترامب من تحسين وضعه الانتخابي، وتمكن حزبه من تسجيل فوز لافت في الانتخابات الفرعية. تطورات حملت معها علامات استفهام حول معركة بايدن المفترض أن يكون في وضع متقدم بأشواط على الرئيس الغارق في متاعب، وما زال من الصعب جداً التغلب عليها قبل الاستحقاق الرئاسي. يبقى في النهاية حظ بايدن بالفوز مرهوناً بمدى رفض التجديد للرئيس ترامب.

المساهمون