اليمن: صحوة دولية في الأسبوع الأخير من الهدنة

اليمن: صحوة دولية في الأسبوع الأخير من الهدنة

15 مايو 2020
سيلجأ غريفيث لعقد اجتماع بين الطرفين عبر الإنترنت (Getty)
+ الخط -

على وقع استمرار المواجهة بين الحكومة والانفصاليين جنوبي اليمن، والتي لم تصل بعد إلى حد معركة حاسمة، كان ممثلو المجتمع الدولي يتحركون في ربع الساعة الأخيرة للهدنة المعلنة في اليمن، مع دخولها أسبوعها الأخير من دون أن يتم استثمارها ولو بتحقيق مجرد تفاهمات بين طرفي النزاع، فجاء تحرك السفراء في محاولة لتحقيق تقدّم في الأزمة الأكثر تعقيداً منذ 5 سنوات.

وظهر سفراء الدول الـ18 الراعية للعملية السياسية باليمن، دفعة واحدة في اجتماعين منفصلين مع رئيس الحكومة معين عبد الملك، وكبير المفاوضين الحوثيين محمد عبد السلام، في ضغط دولي غير مسبوق على طرفي النزاع، لإقناعهم بقبول مبادرة المبعوث الأممي مارتن غريفيث، وتقديم تنازلات أكبر من أجل التوقيع عليها خلال الفترة القريبة المقبلة. ومن أجل كسب الوقت المتبقي من هدنة كورونا، التي دخلت أسبوعها السادس والأخير، تم توزيع الأدوار بين البعثات الدبلوماسية، إذ تكفل سفراء الدول الخمس الكبرى بالحكومة الشرعية، وعقدوا لقاء مباشراً، هو الأول من نوعه منذ تفشي وباء كورونا، فيما أسند لسفراء الاتحاد الأوروبي، وعددهم 13، مهمة اللقاء مع ممثلي جماعة الحوثي، المتواجدين في العاصمة العمانية مسقط.

وفيما لم يكشف سفراء الدول الكبرى عن أي خطوات نوعية داعمة لوقف الحرب في اليمن، قدّم سفراء الاتحاد الأوروبي جملة من العروض المغرية للحوثيين، بهدف إقناعهم بالتنازل عن مبادرتهم الخاصة لوقف الحرب، والقبول بالمبادرة الخاصة التي أعدها غريفيث. وشملت العروض الأوروبية الاستعداد لاستضافة مشاورات السلام المرتقبة بين أطراف الأزمة والدعم اللوجيستي لذلك، فضلاً عن تأهيل مطار صنعاء الدولي جراء الأضرار التي تعرض لها خلال الحرب، ودعم المجال الإنساني والصحي، وفقاً لوسائل إعلام حوثية. وفيما يخص إجراءات بناء الثقة، أعلن السفراء أيضاً استعدادهم لتقديم "خدمات فنية ولوجيستية فيما يتعلق بصرف مرتبات الموظفين، والمساعدة في الجانب الاقتصادي والآليات المتعلقة بالسياسة النقدية".

وكانت هذه بعضاً من الشروط التي قدمها الحوثيون فيما أسموها "رؤية الحل الشامل"، فضلاً عن مطالب أكبر وجهوها بشكل محدد للسعودية، التي تتزعم التحالف العسكري الموالي للشرعية. ووفقاً لمصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، فإن مؤتمر المانحين الذي أعلنت الرياض استضافته في يونيو/حزيران المقبل، على الرغم من الأزمة التي تعصف بها، سيتم فيه تلبية جزء كبير من تلك المطالب الحوثية بهدف طي صفحة الحرب بشكل كامل. وتأمل السعودية التخلص من تركة الحرب اليمنية خلال منتصف العام الحالي. ومن المرجح أن المملكة قد دفعت الإمارات للترحيب الإجباري بمؤتمر المانحين. والعام الماضي، تعهدت قائدتا التحالف العسكري، بمبلغ مليار ونصف المليار دولار، لكن المؤتمر المرتقب، والذي سيُعلن فيه التكفل بإعادة الإعمار على الأرجح، قد يجبر الدولتين على ضخ مبالغ أكثر من الأرقام السابقة بكثير، خصوصاً أن الرياض وأبو ظبي متهمتان بتدمير البنية التحتية لليمن.



ويعكف المبعوث الأممي إلى اليمن، على وضع اللمسات الأخيرة على مبادرة وقف الحرب. ووفقاً لمصادر مقربة منه، لـ"العربي الجديد"، فإن تعديلات جديدة قامت باستيعاب الملاحظات الحوثية، أو مقتطفات من الوثيقة التي قدموها. ولم تعد الوثيقة تُذكر في كافة الأخبار الخاصة بالقيادات الحوثية، وكذلك في تصريحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن بالغوا في تسويقها ومحاولة فرضها خلال الأيام الأولى من الهدنة. وجراء الحظر الذي فرضه فيروس كورونا، سيلجأ غريفيث لعقد لقاء افتراضي عبر شبكة الانترنت بين الوفد التفاوضي للحكومة الشرعية والوفد الحوثي، من أجل وضع اللمسات الأخيرة للاجتماع المرتقب، والاتفاق على موعد للتوقيع النهائي على وثيقة السلام الأممية، بحسب المصادر.

وتتكتم الحكومة عن تفاصيل اللقاءات الأخيرة مع الأمم المتحدة، فيما تتخوف مصادر رفيعة المستوى من إجبار السعودية للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي على القبول بأي شروط يطلبها المبعوث الأممي، حتى ولو كانت لصالح الحوثيين. وعلى الرغم من المشاورات المكثفة لوقف الحرب وإنعاش المفاوضات، إلا أن الأعمال القتالية لم تتوقف طيلة الأسابيع الخمسة الماضية من هدنة كورونا، على الرغم من التراجع النسبي خلال شهر رمضان. وتتبادل أطراف النزاع الاتهامات بالخروقات. إذ كشف التحالف السعودي الإماراتي، أن إجمالي الانتهاكات الحوثية للهدنة خلال 5 أسابيع، بلغت 3 آلاف و268 خرقاً، فيما يتهم الحوثيون الشرعية والتحالف بارتكاب 100 عملية عسكرية هجومية برية ونحو 1000 غارة جوية.

ويتزامن الحراك الدولي لوقف الحرب اليمنية، مع مواجهة لم تصل حد المعركة الحاسمة، في محافظة أبين بين الشرعية والانفصاليين المدعومين من الإمارات، لليوم الرابع على التوالي. ولم تشهد المعركة أي تقدمات مهمة على الأرض أمس الخميس، سوى تدمير آليات عسكرية في صحراء شقرة. وهيمنت الاستعراضات والتعزيزات بالمدرعات والدوريات العسكرية على المعركة خلال 4 أيام. ووفقاً لمصادر عسكرية، لـ"العربي الجديد"، فإن ما جرى خلال اليومين الماضيين أشبه بـ"جس نبض" كل طرف للآخر ودراسة مقدار قوته العسكرية.

وفي إطار المواجهة بين الحكومة والانفصاليين، وبعد دعوة "المجلس الانتقالي الجنوبي"، المدعوم إماراتياً، إلى تدشين ما وصفها بـ"المقاومة المسلحة" في وادي حضرموت وعدد من المدن الجنوبية، وجّه الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي سلطات حضرموت بتعزيز اليقظة العسكرية "لقطع دابر التطرف والإرهاب وأي أعمال خارجة عن الدولة ومؤسساتها". وفي اتصال هاتفي أجراه هادي، مساء الأربعاء الماضي، مع محافظ حضرموت اللواء فرج البحسني، شدد على "أهمية التكامل والتنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية بحضرموت لمتابعة ورصد العناصر المارقة التي تحاول عبثاً زعزعة أمن واستقرار حضرموت والوطن". من جانبه أكد البحسني، أن حضرموت لن تكون إلاّ تحت راية ومظلة الشرعية.

وفي السياق، شدد رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك، على ضرورة تراجع "المجلس الانتقالي"، المدعوم إماراتياً، عن تمرده وتصعيده المستمر، ملوحاً باتخاذ إجراءات رادعة. وقال عبد الملك، خلال لقائه بسفراء الدول الخمس الكبرى، إن "الإصرار على رفض الدعوات الدولية للتراجع عما يسمى إعلان الإدارة الذاتية، والتصعيد المستمر، يُحتم على الدولة اتخاذ إجراءات رادعة"، وفقاً لوكالة "سبأ" الرسمية. وجدد التزام الحكومة بتنفيذ اتفاق الرياض بشكل كامل. وأشار إلى أن الجيش الوطني سيقوم بكل ما يلزم للحفاظ على الدولة ومؤسساتها، وحماية مصالح المواطنين وأمنهم واستقرارهم.