توصيات للحكومة الإسرائيلية الجديدة بإجراء تحولات في السياسة الخارجية

مركز أبحاث إسرائيلي يوصي الحكومة الجديدة بإجراء تحولات في السياسة الخارجية

13 مايو 2020
يعلن عن تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو غداً الخميس (Getty)
+ الخط -
دعا باحثان في مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي الحكومة الجديدة التي سيعلن عن تشكيلها، غداً الخميس، إلى إعادة النظر في كثير من المسلمات التي وجهت السياسة الخارجية الإسرائيلية، في العقدين الأخيرين.

وفي ورقة أعدها الباحثان عوديد عيران الذي عمل سفيراً في الأردن والاتحاد الأوروبي، وشمعون شطاين الذي عمل سفيراً في ألمانيا، حثّ المركز الحكومة الجديدة على مواءمة السياسة الخارجية للتحولات بحيث تراعي أيضاً الآثار الناجمة عن جائحة انتشار وباء كورونا، والتي من شأنها أن تحدث تغييراً كبيراً على البيئة الإقليمية والدولية لإسرائيل.

وأوصى المركز الحكومة الجديدة بعدم إحداث تحول كبير على أنماط تعاطيها مع الصراع مع الفلسطينيين، محذراً من استغلال حقيقة أن القوى الإقليمية والدولية لم تعد ترى في القضية الفلسطينية عاملاً يتوجب مراعاته عند تصميم سياساتها الخارجية.

وحذّر معدّا الورقة من أن أي قرار تتخذه الحكومة الجديدة بضم مناطق في الضفة الغربية المحتلة، سيعيد الصراع مع الفلسطينيين إلى الواجهة، وسيحدث تحولاً في مواقف القوى الإقليمية والدولية منه، متوقعاً أن ترفض الدول العربية القرار بشدة.

ولفت المركز إلى أن القرار يمكن أن يؤثر سلباً على العلاقات بين إسرائيل ودول الاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أن أوروبا تعد الشريك التجاري الرئيس لإسرائيل.

وتوقع المركز أن يقود تهاوي أسعار النفط وتراجع الطلب على الطاقة تحديداً بعد انتشار وباء كورونا، إلى المس باستقرار أنظمة عربية في المنطقة، ما يجعل إسرائيل تواجه مخاطر كبيرة نتاج هذه التحولات.


وفي المقابل، فإن المركز يرى أن التحديات التي ستواجه نظم الحكم العربية في المحيط قد تمنح الفرصة لتعزيز التعاون بينها وبين إسرائيل، على اعتبار أن الأخيرة يمكن أن تعرض مساعدتها في مواجهة هذه التحديدات.

واستدرك معدّا الورقة، مشيرين إلى أن التحديات الاقتصادية التي تواجهها إسرائيل في أعقاب انتشار كورونا ستقلّص قدرتها على تقديم المساعدة لدول المحيط، في حين أن أي قرار بضم مناطق في الضفة سيجعل هذه الدول ترفض الإسهام في مشاريع اقتصادية مشتركة.

وتوقعت الورقة تحولات سلبية على العلاقات الأميركية الإسرائيلية، حتى في حال فاز الرئيس دونالد ترامب بولاية ثانية، على اعتبار أن احتمال أن يسيطر الديمقراطيون على الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين كبير، ما يعني أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة ستكون مطالبة بمواءمة سياساتها ليس فقط تبعاً لمواقف الإدارة الأميركية الجديدة، بل أيضاً وفقاً لتوجهات الأغلبية الديمقراطية في الكونغرس.

وفي حال أسفرت الانتخابات الرئاسية عن المرشح الديمقراطي جو بايدن فإن تحولاً مؤكداً سيحدث في السياسة الأميركية تجاه قضايا مهمة جداً لإسرائيل، وتحديداً في كل ما يتعلق بالموقف من الاتفاق النووي مع إيران والقضية الفلسطينية.

وحذّر المركز من أن إسهام الولايات المتحدة في إسناد الأمن القومي الإسرائيلي يتمثل في مظهرين أساسيين، وهما: استخدام الفيتو لإحباط مشاريع القرارات التي تهدد المصالح الإسرائيلية، بالإضافة إلى استعداد واشنطن الدائم لتقديم الدعم العسكري النوعي.

وأضاف المركز أنه نظراً لأنه لا يوجد لإسرائيل بديل يمكن أن يعوضها عن مصادر الدعم الدبلوماسي والعسكري الذي توفره الولايات المتحدة، فإنها مطالبة بتصميم سياساتها الخارجية بحيث تضمن تواصل هذا الدعم الحيوي.

وشدد المركز على أن حيوية العلاقة مع الولايات المتحدة لأمن إسرائيل القومي تفرض على صناع القرار في تل أبيب بعد انطلاق الحكومة الجديدة إعادة النظر في العلاقات مع الصين، لا سيما في ظل التوتر الكبير في العلاقات بين بكين وواشنطن، في أعقاب اتهام ترامب الصين علانية بالمسؤولية عن انتشار وباء كورونا.

وأشار معدّا الورقة إلى أن الحكومة الجديدة في تل أبيب باتت مطالبة بإعادة النظر في السماح للصين بالاستثمار في إسرائيل، لا سيما في القطاعات الحساسة، مثل مشاريع الاتصالات التي تعتمد على الأجيال المتقدمة، والذكاء الصناعي.

وطالب المركز الحكومة الجديدة بأن تصمم العلاقة مع الصين بحيث لا تسفر عن أضرار استراتيجية من جهة ومن جهة أخرى تضمن استنفاد الفرصة في التعاون مع بكين في المجالات التي لا تمثل تهديداً للمصالح الإسرائيلية، ومواصلة الحوار مع الإدارة الأميركية بشأن العلاقة مع الصين، بحيث لا تمثل اتجاهات هذه العلاقة مصدراً لتهديد التحالف مع واشنطن.

وشدّد المركز على أهمية العلاقة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، لا سيما في ظل المؤشرات على تراجع مكانة الولايات المتحدة وتوجهها الواضح لتقليص حضورها في المنطقة؛ بسبب التحول على سلم الأولويات الأميركية في أعقاب كورونا؛ داعياً صناع القرار في تل أبيب إلى المبادرة إلى إجراء حوار على أعلى مستوى مع الاتحاد.

واستدرك المركز بأن الحفاظ على العلاقة مع أوروبا يفرض على الحكومة الجديدة في تل أبيب عدم الإقدام على خطوات تهدد هذه العلاقة، لا سيما على صعيد الصراع مع الفلسطينيين والموقف من البرنامج النووي الإيراني.

وعلى الرغم من أن المركز يشير إلى أن أزمة كورونا أدت إضعاف المؤسسات الدولية، إلا أنه ينصح الحكومة الجديدة باستغلال توجه هذه المؤسسات لتقديم المساعدة للدول الفقيرة في مواجهة تبعات الوباء، وعرض إسهامات تل أبيب الممكنة في هذا المجال، وضمن ذلك في المجالين والتقني والصحي، على اعتبار أن ذلك سيسهم في تحسين المكانة الدولية لإسرائيل.