تساؤلات حول الخطوات الفلسطينية لمواجهة الاستيلاء على الحرم الإبراهيمي

تساؤلات حول الخطوات الفلسطينية لمواجهة ضم إسرائيل أجزاء من الحرم الإبراهيمي

13 مايو 2020
الاحتلال أعلن أنه سيضم أجزاء واسعة في الخليل(فرانس برس)
+ الخط -
يُثير أمر الاحتلال الإسرائيلي الأخير، بضم ومصادرة أراضٍ وقفية من الحرم الإبراهيمي في الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، تساؤلات حول الخطوات الفلسطينية لمواجهة القرار، لا سيما بعد إعلان عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" حسين الشيخ، أن توقيع وزير جيش الاحتلال نفتالي بينيت على القرار وضم أجزاء من الحرم، يُعد إلغاءً لبروتوكول الخليل وإنهاء للاتفاق الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وسلطات الاحتلال.

مدير الحرم الإبراهيمي حفظي أبو سنينة أكد، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، أن الإدارة المدنية التابعة للاحتلال الإسرائيلي، أبلغت الإدارة العامة لأوقاف الخليل، بعد عصر أمس الثلاثاء، بقرار المصادرة، وقرار إنشاء مسارٍ سياحي وإقامة مصعد في الحرم الإبراهيمي، موضحاً أن المديرية أرسلت بمذكرة لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية بخصوص ذلك. 
وأشار إلى وجود دائرة قانونية في الوزارة تقوم الآن بمتابعة القرار، وإجراءات الاعتراض عليه، ورفع مذكرات لمنظمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" التي كانت أدرجت الحرم الإبراهيمي على قائمة التراث العالمي.

ومن المقرر المضي بإجراءات التخطيط للمشروع الاستيطاني الجديد في غضون 60 يومًا من موعد نشر الأمر، شريطة عدم تقديم أي اعتراض قضائي عليه. 
وحول جدوى ذلك الاعتراض والمسار القانوني، قال رئيس بلدية الخليل تيسير أبو سنينة، لـ"العربي الجديد"، إن "القضاء الإسرائيلي، وخصوصاً في المرحلة الأخيرة، لا يلتزم حتى بالقانون الإسرائيلي بما يتعلق بالفلسطينيين، وهو قضاء مسيس وأغلب القضاة أصبحوا من المستوطنين".

وأكد رئيس البلدية، أنه وجه "دعوة للعديد من المؤسسات كمحافظة الخليل ومديرية الأوقاف والغرفة التجارية والارتباط الفلسطيني ولجنة الإعمار في الخليل، لعقد لقاء يتدارس الخطوة التالية التي يجب الذهاب إليها لإفشال قرار الاحتلال".

وحول الخيارات لمواجهة القرار، قال: "سنذهب إلى كل الخيارات المتاحة لإفشاله، وسبق أن أفشلنا قرارات من خلال حركتنا على المستوى السياسي والقانوني والشعبي والجماهيري. سأكتب لكل البلديات في العالم التي لها علاقة مع بلدية الخليل، والتي كانت تشكل حالة من الرأي العام وتضغط على حكوماتها في مرات سابقة، سنعمل كل ما بوسعنا لإفشاله، فهو مناقض للقانون، لا يمكن أن يتغير مالك الوقف ولا يمكن نقل ملكيته، إضافة إلى أنه يتناقض مع الاتفاقات المبرمة".

وحول الاعتراضات في الجهاز القضائي الإسرائيلي، أشار الناشط الحقوقي هشام الشرباتي لـ"العربي الجديد"، إلى أنها "شكلية أكثر من أي شيء، ويتم الرهان عليها أحياناً لكسب الوقت ليحين ظرف سياسي مختلف أو أي انفراجة"، لكنه استدرك بالقول إنه "لا أفق سياسياً لتلك الخطوة، ودولة الاحتلال تعلن بشكل واضح أنها ستضم أجزاء واسعة في الخليل والأغوار، ولا يتبقى سوى المحاكم الدولية لأن الاحتلال لا يملك وفق القانون الدولي استملاك أراضٍ محتلة"، مشيراً إلى أن "تلك الأراضي حالياً تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، وهناك فرق كبير بين الاستملاك والسيطرة لأغراض عسكرية".

ويبدو رئيس بلدية الخليل تيسير أبو سنينة متفقاً مع فحوى ما جاء في تغريدة على "تويتر" لعضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" حسين الشيخ، حول تأثير الأمر الإسرائيلي على بروتوكول الخليل، قائلاً إن "القرار طلقة رحمة على البروتوكول"، لكن أبو سنينة يرى أن هذه الخطوة "لا يجب أن تُنهي بروتوكول الخليل وحسب، بل يجب أن تنهي كل توجه للمفاوضات لأنها ستصبح ضرباً من ضروب العبث".

وأضاف أبو سنينة، "نحن تحت احتلال، فلماذا نأخذ عنه الوجه القذر ويصبح احتلالاً نظيفاً مدفوع الأجر؟ يجب أن نفكر جدياً بحل السلطة ونرمي القفاز بوجه الاحتلال ليتحمل مسؤوليته تجاه الأراضي المحتلة، لا يستوي أن يُملي علينا الاحتلال ويُنفذ ما يريد، ونبقى نتحدث عن سلطة، سلطة بلا سيادة، فليتحملوا المسؤولية ويُمارسوا الاحتلال بشكل مباشر".

وحذر أبو سنينة الاحتلال من أن "الشعب الفلسطيني وإن كان يبدو في هدوء، إلا أن الشعوب لا تستكين ولا تستلم ولكنها تنفجر في الوقت المناسب".

الشرباتي من جهته، طالب السلطة الفلسطينية والحركة الوطنية بأن تكون لها "مواقف أكثر جدية"، مشككاً في الحديث عن إنهاء اتفاقات؛ قائلاً: "السلطة تحدثت عن انتهاء حل الدولتين أوسلو، وسبق ذلك كثير من التصريحات لكن المشكلة في الجانب العملي، المسألة هل هناك إجراء فلسطيني يعكس الحديث عن الانفكاك، ولو جزئياً، من اتفاق أوسلو، الاحتلال لم يلتزم ببروتوكول الخليل كما باقي اتفاق أوسلو، لكن السلطة تتمسك به رغم التصريحات الشفهية عن تحديد العلاقات مع الاحتلال".

ويعود بروتوكول الخليل إلى عام 1997، وقسم المدينة إلى منطقتين الأولى تحت السيطرة الأمنية الفلسطينية، والثانية تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، وينص على إعادة الحياة إلى طبيعتها في البلدة القديمة ومنها فتح شارع الشهداء أمام المركبات، لكن الاحتلال لم ينفذ ذلك، بل منع السير على الأقدام في الشارع.

وحول أهمية المكان المعلن عن مصادرته وخطورة مشروع الاحتلال، يقول مدير الحرم الإبراهيمي حفظي أبو سنينة، إن هذه الأراضي في الأصل وقفية تابعة للحرم الإبراهيمي لكنها تخضع للسيطرة الإسرائيلية منذ قرارات لجنة "شمغار" التابعة للاحتلال بتقسيم الحرم زمانياً ومكانياً عام 1994، ولا يسمح بالوصول إليها سوى 10 أيام في العام وهي الأيام المسموح فيها للمسلمين بدخول كامل المسجد.

وشدد أبو سنينة على أن القرار الأخير وإنشاء المسار السياحي والمصعد الذي سيسهل وصول المستوطنين للمسجد، "يُعتبر تعدياً صارخاً على المسجد وتغييراً لمعالمه، وإعلاناً للسيطرة التامة للاحتلال عليه".

بدوره، حذر نائب محافظ الخليل رفيق الجعبري، في حديث لإذاعة "صوت فلسطين" الرسمية، اليوم الأربعاء، من "عواقب وخيمة" في حال تنفيذ المشروع الاستيطاني بإقامة طريق لمرور المستوطنين في الحرم الإبراهيمي وإقامة مصعد لهم.

وأكد الجعبري أن "بلدية الخليل ولجنة الإعمار شرعتا بإجراءات ومتابعات قانونية للحيلولة دون تنفيذ هذا المخطط الخطير".