"كورونا" يفاقم الغضب من مجلس النواب الأردني

"كورونا" يفاقم الغضب من مجلس النواب الأردني

07 ابريل 2020
ازدادت حالات الإصابة بكورونا في الأردن (خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -
مع تفشي وباء كورونا في الأردن، وُجّهت انتقادات لاذعة لمجلس النواب الأردني من قبل المواطنين، ترتبط بتراكمات سابقة حول أداء المجلس خلال الدورات الماضية، والدور الهامشي له في الأزمة الحالية، خصوصاً في ظل حظر التجول الذي انعكس بشكل سلبي اقتصادياً على أغلب السكان. وزاد من الانتقادات للمجلس الذي تنتهي ولايته في سبتمبر/أيلول المقبل، كسر نائبين حظر التجول ودعوة اللجنة المالية في المجلس لإرجاء صرف الزيادات التي طرأت أخيراً على رواتب العاملين والمتقاعدين في الجهازين المدني والعسكري إلى مطلع العام المقبل. فتراجع ثقة المواطنين بالمجلس ليست انطباعاً عابراً، بل بات حقيقة دامغة. فوفق استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، ونشرت نتائجه في يونيو/حزيران الماضي، فإن 16 في المائة من الأردنيين فقط يثقون بمجلس نوابهم، وحتى هذه النسبة الضئيلة تتهاوى مع استمرار الإجراءات الحكومية للحد من انتشار الفيروس. 

في السياق، تعتبر الأمينة العامة لحزب "أردن أقوى"، النائبة السابقة في مجلس النواب رلى الفرا في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن مجلس النواب لم يظهر بالشكل المطلوب في أزمة كورونا، ولم يعقد أي جلسة في هذا الصدد منذ بدأ الحديث عن هذا الفيروس في يناير/كانون الثاني الماضي، حتى أنه لم يوجه أي استفسار للحكومة حول عدم إغلاق الحدود بشكل مبكر. وتضيف أن المجلس غاب تماماً عن دوره الرقابي على أداء الحكومة خلال هذه الفترة، مشيرة إلى أن هذا المجلس من أضعف المجالس النيابية، وانتقاد المواطنين محق ومبرر، فأغلب النواب يعملون لمصالح ذاتية، وكسر الحظر كان لمصالح انتخابية شخصية، فالمجلس لم يطالب الحكومة بشكل جدي بنقل بعض مخصصات الموازنة لمساعدة عمال المياومة ومن تأثروا بشكل فعلي بقرار الحظر.

وتتابع الفرا أن الحل الوحيد من أجل خلق الثقة بين مجلس النواب والمواطنين، هو إقرار قانون انتخاب جديد يؤسس لكتل حزبية قادرة على تغيير القوانين والتشريعات بشكل فعلي، لافتة إلى أن السلطة التنفيذية متغلغلة في السلطة التشريعية وهي ضعيفة في مواجهتها، فالحكومة تتعامل مع نواب تهمهم مصالحهم الشخصية أساساً. وتقول إنه إذا أُجريت الانتخابات وفق القانون النافذ، فسيكون لدينا مجلس مطابق للمجلس الحالي مكوّن من رجال المال والأعمال الذين دخلوا عبر بوابة المال والمصالح إلى المجلس، فضلاً عن النواب العشائريين والجهويين. وهذه التركيبة تفتقر إلى التمثيل السياسي، إذا تم استثناء حزب جبهة العمل الإسلامي، الذي يمثل شريحة معينة من المواطنين، وهم الإخوان المسلمون، فيما المعارضة غائبة تماماً عن المجلس.

من جهتها ترى النائبة عليا أبو هليل في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن الهجوم على مجلس النواب غير مبرر، وهناك تحامل من البعض عليه، مشيرة إلى أن النواب قدموا أداءً جيداً، خصوصاً في الجانب التشريعي، ومارسوا الدور الرقابي المنوط بهم، ولهم مواقف مشهودة كالوقوف ضد اتفاقية الغاز (مع إسرائيل) ورفع الأسعار وغيرها من القضايا. وتوضح أنه في أزمة كورونا حاول النواب بشكل أكبر خدمة دوائرهم الانتخابية في ظل عدم انعقاد جلسات المجلس، وهناك تواصل بين أعضاء اللجان البرلمانية. كما يتم التواصل مع الناس بشكل مباشر ومن خلال وسائل التواصل، بتقديم النصائح والتوعية حول فيروس كورونا، والخدمات الممكنة، لافتة إلى أن العديد من أفراد المجتمع تعرّضوا لضائقة مالية بسبب الإجراءات الحكومية المرافقة لمواجهة انشار فيروس كورونا، لكن النائب غير قادر على حل جميع المشاكل المالية للناخبين.

وتشدّد أبو هليل على أنه بعيداً عن أداء المجلس الجماعي، فالمطلوب من النائب خدمة أبناء المجتمع المحلي، وهو ما يقوم به النواب، لكنّ هناك حدا معينا من القدرة على تلبية الطلبات، مضيفة: لا شك في أن هناك تبايناً في أداء النواب، لكن الأغلبية تسعى إلى تحقيق طموحات الناخبين. وحول الحديث الدائر حول إمكانية حل المجلس في ظل قانون الدفاع وانتشار فيروس كورونا، تقول أبو هليل، إن حل المجلس من وجهة نظري قرار غير مناسب، والأفضل التمديد للمجلس الحالي فالظروف غير مناسبة لإجراء انتخابات برلمانية.

من جانبه يرى المحلل السياسي المتخصص في الشأن البرلماني الأردني، وليد حسني، أنه يجب التفريق بين مجلس النواب كمؤسسة برلمانية وسلطة تشريعية، والنواب كأفراد، وعدم الخلط الذي يضر بمصالحهم وحقوقهم الدستورية، مشيراً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن عوامل عديدة ساهمت بتكوين النظرة السلبية للمجلس التي تصل أحياناً إلى الاتهام والتجريح. وينبّه إلى أن قانون الانتخاب الحالي ومخرجاته، ساهما بدرجة كبيرة في تكوين الصورة غير اللائقة للمجلس في عيون المواطنين، لافتاً إلى أنه بعد كل انتخابات، وحتى قبل انعقاد الجلسة الأولى يبدأ الناخبون بمهاجمة المجلس ونقده بشدة، من دون أن يسألوا أنفسهم عن مسؤوليتهم عبر التصويت بإفرازه. ويضيف حسني أن النواب أنفسهم ساهموا بتشويه صورة المجلس، فالوعود الانتخابية ترفع من منسوب التوقعات إلا أن أداء النواب تشريعياً ورقابياً وخدماتياً لا يرقى للطموحات، الأمر الذي يجعل الهجوم يصل إلى حدّ التجريح. ويشير إلى أن الحكومات المتعاقبة عملت أيضاً على إضعاف المجلس من خلال التدخل المباشر وغير المباشر، ليكون أداة تخدم مصالح الحكومة لا المواطنين.

ويعتبر حسني أن مجلس النواب الحالي خسر شعبيته، وهناك عبء يتحمّله النواب أنفسهم بسبب عدم نجاحهم في التواصل مع جمهور الناخبين، والملاحظ أن الهجمة على مجلس النواب الحالي واتهامه بتغييب دوره في ظل وباء كورونا، يرتبطان بتوقعات الناخبين، فيما المجلس لا دور مباشراً له في معالجة الفيروس، إلا بالقدر الذي يراقب به أداء الحكومة، ويراقب قراراتها وانعكاساتها على الناس. ويلفت إلى أن المجلس النيابي، واستجابة لقانون الدفاع، عطّل أعماله التشريعية والرقابية، مكتفياً بالأداء الفردي لكل نائب في منطقته، مما أثّر على الصورة الكلية للمجلس، وزاد من حجم الانتقادات الموجهة إليه.