رحيل منصور خالد صاحب "النخبة السودانية وإدمان الفشل"

رحيل منصور خالد صاحب "النخبة السودانية وإدمان الفشل"

23 ابريل 2020
توفي منصور خالد عن 89 عاماً (يوتوب)
+ الخط -

توفي، في ساعة متأخرة من يوم أمس الأربعاء بالخرطوم، الكاتب والمؤلف والسياسي السوداني منصور خالد، عن عمر يناهز 89 عاماً، بعد صراع طويل مع المرض. 

ويُعد خالد واحدا من أكثر السياسيين إثارة للجدل بكتاباته ومؤلفاته، وتغلبه في المواقف السياسية، وعمله مع أنظمة ذات طابع شمولي، وانضمامه في فترة من الفترة إلى حركة تمردت على المركز في الخرطوم.

لمع نجم منصور خالد في بداية السبعينيات ونهاية الستينيات، حينما التحق بالنظام العسكري بقيادة الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري، وفيه عين أولاً وزيراً للشباب والرياضة، ثم وزيراً للخارجية، وصولاً إلى منصب مساعد لرئيس الجمهورية، وقبلها عمل سكرتيراً لرئيس الوزراء الأسبق عبد الله خليل 1956-1958.

وخلال تقلده لمنصب وزارة الخارجية، نجح منصور خالد، الذي درس الماجستير والدكتوراة في الولايات المتحدة، مع آخرين، في إقناع المتمردين في جنوب السودان بالتوقيع على اتفاق سلام مع نظام نميري، لكن الاتفاق الذي عرف باتفاقية أديس أبابا 1972 لم يصمد بعد 9 سنوات، فعادت آلية الحرب والتمرد من جديد في الجنوب.

وفي العام 1979، تمرد منصور خالد بنفسه على نظام جعفر نميري، بدأه بمقالات ما زالت تحتفظ بها الذاكرة السياسية، جاءت تحت عنوان "لا خير فينا إن لم نقلها"، وجه فيها انتقادات غير معتادة لنميري ونظامه، الذي لم يكن شأنه شأن كل الأنظمة الشمولية والعسكرية مستعداً لتقبل النقد.

غادر خالد، الذي عرف باعتداده بنفسه وثقافته ولغته الرصينة، البلاد، وتحول إلى معارض شرس للنظام الذي كان يوماً جزءا منه، وفي العام 1984 انضم إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان، بزعامة جون قرنق، حديثة النشأة والتكوين حينها، وهي حركة ظلت تقاتل في جنوب السودان "من أجل سودان جديد يحقق العدالة ويحترم التنوع"، فعينه قرنق مستشاراً سياسياً، وفشلت بعد ذلك محاولات منصور خالد في العام 1985 في التماهي مع ثورة شعبية أطاحت بنميري، فعاد أدراجه إلى الحركة الشعبية.

يضع كثيرون منصور خالد في مكان قريب من الغرب ومن دوائر القرار على وجه التحديد في الولايات المتحدة الأميركية، ربما لعامل الدراسة والتدريس في الجامعات الأميركية، والعمل في الأمم المتحدة في منتصف الستينيات، وفي اليونسكو، لكن البعض، ومنهم عبد الله علي إبراهيم، وهو أستاذ في الجامعات الأميركية، لا يضع منصور خالد قريباً من الدوائر الأميركية وحسب، بل عميلاً لها، وهذا التصنيف وثق له في كتاباته في الصحف وحولها لاحقاً لكتاب، تحت عنوان "ومنصور خالد".

في العام 2005، وقعت الحركة الشعبية لتحرير السودان اتفاق سلام مع نظام الرئيس عمر البشير، فعُين منصور خالد مستشاراً لرئيس الجمهورية حتى انفصال الجنوب 2011، ليتحول بعد ذلك إلى "حمامة سلام" بين البلدين.

ألف منصور خالد، المولود في مدينة أم درمان، مدينة الثقافة كما يطلق عليها، عدداً من الكتب، أشهرها على الإطلاق "النخبة السودانية وإدمان الفشل"، وجه فيه انتقادات حادة لتلك النخبة التي لم يعف نفسه من أنه جزء منها. 

وألف كذلك كتابا بعنوان "السودان والنفق المظلم، قصة الفساد والاستبداد" في نقد حكم الرئيس جعفر نميري، وله أيضا كتاب "جنوب السودان في المخيلة العربية"، و"السودان.. أهوال الحرب وطموحات السلام، قصة بلدين"، وآخر مؤلفاته كتاب بعنوان "تكاثر الزعازع وقلة الأوتاد".

كما كانت له اهتمامات واسعة بالتراث والفنون والشعر العربي القديم والحديث، والتصوف، أما ملبسه ومظهره واهتمامه بها، فقد سُطرت فيهما حكايات.

دلالات

المساهمون