التفاف ديمقراطي غير مسبوق حول بايدن... وكورونا عامل مساعد

التفاف ديمقراطي غير مسبوق حول بايدن... وكورونا عامل مساعد

17 ابريل 2020
إجماع حزبي واسع ومبكر حول بايدن (Getty)
+ الخط -
"رب ضارة نافعة" للمرشح الرئاسي جو بايدن. مصادفة التوقيت وضعت مصيبة كورونا في خدمة معركته. في الأيام الأخيرة، أعلنت كل رموز ومرجعيات وأجنحة حزبه، اليسارية منها والوسطية، تأييدها لترشيحه، وأسقطت كل تحفظاتها.
تكلّل الالتفاف في الأيام الأخيرة بإعلان الرئيس السابق باراك أوباما والمرشحة إليزابيت وارن وقبلهما المرشح والمنافس القوي بيرني ساندرز، الوقوف بقوة إلى جانبه.
واللافت أيضاً، أن هناك مجموعة من نخب الحزب الجمهوري المناوئة للرئيس دونالد ترامب، مثل ستيف شميدت وجورج كونواي (زوج مستشارة الرئيس ترامب، كاليان كونواي) أعلنت تأييدها لبايدن، والالتحاق بحملته الانتخابية.

إجماع حزبي واسع ومبكر، غير متوقع، من شأنه توفير المهلة الكافية لتأمين تماسك واستنفار قواعد الحزب حول هذا الترشيح، والتركيز على استقطاب المستقلين. فلم يسبق أن حظي مرشح رئاسي جديد بمثل هذا الإجماع الحزبي قبل ستة أشهر من موعد الانتخابات.
في العادة، تبقى المنافسة الحزبية مستمرة حتى نهاية انتخابات التصفية، وأحياناً، حتى موعد انعقاد المؤتمر الحزبي في الصيف، قبل شهرين أو ثلاثة من موعد الاستحقاق. وهذا ما كان متوقعاً هذه المرة، إذ كان المنافس بيرني ساندرز على درجة من القوة للمضي في حملته حتى النهاية، لكنّ ظروف كورونا ساعدت في حسم الموقف قبل الأوان، لتحسين فرص بايدن، ليس فقط في معركة الترشيح، بل ربما أيضاً في نوفمبر/تشرين الثاني. وقد تزايدت المؤشرات في هذا الاتجاه: رصيد الرئيس ترامب هبط من 49% إلى 43% حسب آخر استطلاع. استفحال الوباء ارتبط جزء كبير منه بسوء إدارة أزمته، وانعكس ذلك في احتلال أميركا الموقع الأول في الإصابات، التي تقترب من 700 ألف والوفيات التي بلغت 35 ألفا.
أرقام مفتوحة على المزيد، وتثير أسئلة عديدة، مع الكثير من القلق والاستياء، والاعتقاد أن الموجة بالكاد وصلت إلى الذروة، ومن المتوقع أن تتجدد في وقت ما بين مايو/أيار، ومطلع الخريف المقبل. والتوجيهات التي كشف عنها الرئيس ليل الخميس قد تعجّل، على الرغم من ضبابيتها، في تفاقم العدوى إذا اعتمدها حتى عدد قليل من الولايات، وفق التقديرات الطبية.


فعلى الرغم من التحذيرات من "التسرع في فك العزلة"، ولو أنها غير إلزامية، دعا الرئيس ضمناً إلى استعادة النشاط في أول مايو المقبل. تراجع عن تلويحه بتوجيه أوامر إلى الولايات لإجبارها على "فتح أبوابها وأعمالها" في الشهر المقبل، بعد أن تنبه إلى أنه لا يمتلك مثل هذه الصلاحية، لكنه شجع بعض الولايات، خصوصاً التي يحكمها جمهوري، على هذه الخطوة، تحت غطاء "مضي فترة أسبوعين على هبوط عدد المصابين" فيها، وهي مجازفة خطيرة في اعتقاد غالبية الجسم الطبي، خصوصاً أنه ترك عملية الفحص والتشخيص الشامل للولايات كي تضطلع هي به. هو نأى عنها، وهي غير قادرة عليها لوحدها كونها تتطلب قدرات الحكومة الفدرالية لإنجازها. التقصير الفادح فيها (حتى الآن بالكاد تجاوز الفحص المليونين) كان حسب الجهات المختصة، من الأسباب الرئيسة لاستفحال الفيروس. وهذا النقص مرشح لتفريخ موجات لاحقة تزيد تداعياتها من عبء الأزمة على البيت الأبيض، والتي من شأنها مفاقمة "الخراب الاقتصادي"، وكلفته الانتخابية المحتومة على الرئيس، خصوصاً وأن أرقامه تنذر بالأسوأ والأخطر.

البطالة (18 مليونا خلال 3 أسابيع) صارت بمعدلات حالة الكساد بين 12 و15% حالياً، مع احتمال بلوغها 20% بعد شهرين. والتصحيح يلزمه وقت قد يستغرق سنة وأكثر، ولغاية العثور على اللقاح حسب توقعات المختصين. وحزمة التحفيز 2,2 تريليون دولار، بدت غير كافية حتى الآن.
وفي الكونغرس خلافات حول أولويات وحجم حزمة أخرى، وهو في كل حال لن يستأنف دورته قبل الرابع من الشهر المقبل، وبذلك يبقى النزيف الاقتصادي على حاله وأكثر. معالجته مرهونة بفك لغز الفيروس، أو على الأقل وقف زحفه. بخلاف ذلك يبقى "فتح البلد" الذي ينشده الرئيس ترامب "أشبه بوضع العربة أمام الحصان". يعقّد المشكلة، وبالمعيّة، يفيد بايدن.

المساهمون