"الطاولات المستديرة" سلاح الأمم المتحدة لتحريك ملف الصحراء

"الطاولات المستديرة" سلاح الأمم المتحدة لتحريك ملف الصحراء

14 ابريل 2020
أعادت استقالة كوهلر كل شيء لنقطة البداية(فابريس كوفريني/فرانس برس)
+ الخط -


في الوقت الذي يعرف فيه ملف الصحراء جموداً جراء تعثر تعيين مبعوث أممي جديد، فقد بدا لافتاً سعي مجلس الأمن الدولي، خلال الجلسة المغلقة التي عقدها، الخميس الماضي، نحو إعادة الدينامية والزخم إلى العملية السياسية، عبر إحياء آلية "الطاولات المستديرة"، التي كان راهن عليها المبعوث الأممي السابق هورست كوهلر لتحقيق اختراق في جدار نزاع عمر طويلاً، بسبب تباعد وجهات النظر بين أطرافه.

ولئن كانت الاستقالة المفاجئة لكوهلر، في 22 مايو/أيار الماضي لـ"دواع صحية"، قد أعادت كل شيء إلى نقطة البداية، فإن تمسك مجلس الأمن، خلال الجلسة المغلقة التي عقدها الخميس، بآلية "الطاولات المستديرة" يطرح تساؤلات عدة عما يمكن أن تسفر عنه لحلحلة النزاع بين المغرب وجبهة "البوليساريو"، خصوصاً بعد أن جدد التأكيد على المعايير التي حددها بوضوح في قراراته 2414 و2440 و2468 و2494 من أجل التوصل إلى حل نهائي للنزاع حول قضية الصحراء.

واعتبر أعضاء مجلس الأمن أنه من أجل التوصل إلى هذا الحل لا يوجد بديل لمسلسل الطاولات المستديرة، التي ضمت في ديسمبر/كانون الأول 2018 ومارس/آذار 2019 في جنيف كلاً من المغرب والجزائر وموريتانيا و"البوليساريو"، واتفق المشاركون في أعقابها على الاجتماع مرة أخرى وفق نفس الصيغة. وعلى مدى أكثر من سنة حاول كوهلر خلق معادلة جديدة، تعتمد مشاركة فعلية لجميع الأطراف المعنية بالنزاع بعد سنوات من القطيعة، أي المغرب و"البوليساريو" ومعهما الجزائر وموريتانيا التي تشترك بحدود طويلة مع الصحراء. كما بذل جهوداً كبيرة لمنح الاتحادين الأوروبي والأفريقي دوراً أكبر في مسار التسوية الأممي، باعتبارهما معنيين بأمن واستقرار منطقة المغرب العربي والحوض المتوسطي.

وبالرغم من شغور منصب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى الصحراء، إلا أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس كان قد عبر، في تقرير قدمه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى مجلس الأمن، عن أمله في الحفاظ على "الزخم" السياسي الذي تمّ التعهّد به العام الماضي لإيجاد حلّ للنزاع بين المغرب وجبهة "البوليساريو"، رغم عدم وجود مبعوث خاص مكلّف بهذا الملفّ.


وفي تقدير الباحث في الشؤون الصحراوية نوفل البوعمري، فإن عدم تعيين مبعوث جديد إلى الصحراء بسبب عدم توافق الدول حول خليفة كوهلر أثر على العملية السياسية، كما أرخى بظلاله على الإحاطة التي قدمها رئيس "بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية" (المينورسو) كولين ستيوارت، وعلى قرار مجلس الأمن حول الصحراء، المرتقب صدوره نهاية إبريل/نيسان الحالي. وأوضح البوعمري، لـ"العربي الجديد"، أنه على الرغم من الأوضاع التي فرضها تعثر تعيين مبعوث أممي، إلا أن الإحاطة أكدت على أهمية استمرار آلية "الطاولات المستديرة" كمنهج للوصول إلى المفاوضات، وذلك تأسيساً على التقدم الذي كان قد تحقق فيها على مستويات عدة، منها التأكيد على ضرورة التوصل إلى حل سياسي بروح ودينامية جديدتين، وعلى رباعية الطاولة المستديرة ورفع مستوى حضور الجزائر من خلال اعتبارها طرفاً أساسياً ومحدداً في الملف والعملية. وقال "رغم غياب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، فإن مجلس الأمن لم يغير من قراءته للوضع وللمخرج السياسي له، وهو ما يؤكد على وضوح الرؤية الأممية حيال ملف الصحراء".

ورأى أستاذ القانون الدولي في جامعة القاضي عياض بمراكش عبد الفتاح البلعمشي أن "مجلس الأمن يبقى وفياً للتوجه الذي يعتمده بخصوص قضية الصحراء، بعد أن أكدت الإحاطة (ستيوارت)، المقدمة في 9 إبريل، على ضرورة الاستمرار في عقد الطاولات المستديرة بين أطراف النزاع"، معتبراً أن "ذلك يحيل إلى عدم وجود أي خروج عن روح القرار 2494 الصادر في أكتوبر 2019 الذي قدمت الإحاطة بناءً عليه، حيث أكد أن الجزائر لا بد أن تتحمل المسؤولية لكونها طرفا في هذا النزاع".

وأوضح البلعمشي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "مجلس الأمن يقوم بإعمال مقتضيات الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة في تسوية نزاع الصحراء، مع تصحيح مسار تدبيره من خلال القرارات الأربعة الأخيرة، 2414 و2440، و2468، و2494". وأضاف "بالنظر إلى الواقع الدولي الذي جاءت فيه هذه الإحاطة، يمكن التأكيد أن ملف الصحراء لا بد أن يعرف تغيرات مهمة جراء ما ستخلفه جائحة كورونا على أولويات العمل الدولي، والتي من المتوقع أن تساعد في تسريع حلحلة هذا الملف من جهة، وأن تكرس التوجه الواقعي الذي بدأت تتبناه هيئة الأمم المتحدة بشكل لافت ضمن مساعيها لتسوية ملف الصحراء".

المساهمون