كورونا والقمة العربية

كورونا والقمة العربية

04 مارس 2020
أبو الغيط لم يقل الحقيقة (بلال بن سالم/ Getty)
+ الخط -
هل صحيح أنّ القمة العربية التي كانت مقررة في الجزائر في نهاية شهر مارس/ آذار الحالي ألغيت بسبب القلق الذي يسود العالم والمنطقة من وباء كورونا؟ مع أنّ وضع كهذا يفترض، من باب المسؤولية، أن يكون المناسب لعقد القمم والاجتماعات الإقليمية لمواجهة جملة المخاطر، أمنية أو سياسية كانت أو صحية، وتنسيق الجهود لاحتواء الوضع أياً كانت طبيعته.

الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في زيارته الأخيرة إلى الجزائر، قال إنّ مبررات تأجيل القمة العربية من موعدها إلى تاريخ لاحق تعود إلى وضع عالمي قلق وحساس لناحية عقد القمم والمؤتمرات والتجمعات الكبرى (بسبب كورونا)، على أن تُعقد القمة قبل نهاية منتصف العام الحالي.

في الواقع، فإنّ أبو الغيط لم يقل الحقيقة كاملة. الاشتراطات الجزائرية التي تربط انعقاد القمة أساساً بوضع عودة سورية على أجندة القمة وترتيباتها، هي التي دفعت إلى هذا التأجيل، وذلك لمزيد من بحث الصيغ الممكنة لتجاوز هذه المسألة. لا تريد الجزائر تضييع هذه الفرصة لإصلاح ما تعتبره الدبلوماسية الجزائرية "خطيئة تاريخية في حق سورية الدولة، بغضّ النظر عن طبيعة النظام". وهنا يمكن الانتباه إلى أنّ الرئيس عبد المجيد تبون قطع زيارته إلى السعودية الأسبوع الماضي، لوجود موقف حاد من قبل الرياض بشأن المسعى الجزائري لعودة سورية إلى مقعدها، لتختصر زيارته بيوم ونصف اليوم، على الرغم من أنّ البيانين الرئاسيين اللذين صدرا عشية الإعلان عن الزيارة ويوم الشروع فيها، تحدثا عن زيارة لمدة ثلاثة أيام.

وتجاوزاً لجدل الكواليس، في الحقيقة، عدم انعقاد القمة العربية في موعدها، ولو كمحطة رمزية تجتمع فيها العائلة العربية للتجمل (على طريقة أحمد زكي في فيلمه أنا أتجمل لا أكذب) وصنع صورة (كفيلمه الآخر، إضحك الصورة تطلع حلوة)، هو "كورونا" حقيقية تضاف إلى كتلة كبيرة من "كورونات" أحالت العالم العربي، مشهداً وخريطة، إلى منطقة موبوءة بالصراعات والحروب والدم والاقتتال، ومدججة بالاشتباك السياسي والقطيعة الاقتصادية، والحدود المغلقة بين أكثر من دولة ودولة. 

قد يسأل أحدهم: ما الذي سيغيّره انعقاد القمة العربية في الجزائر أو غيرها، بمشاركة سورية من عدمها، في هذا الواقع العربي المرير الذي لم يعد فيه العرب يشبهون العرب، ولا العروبة تشبه العروبة إلا ما رحم ربك، وفي وقت لم تغيّر فيه القمم السابقة من هذا الواقع شيئاً، مع أنّ كلفة ما يستهلك من الورق في القمة العربية يكفي لإعادة بناء اليمن وترميم ليبيا، بل إنه كلما عُقدت قمة عربية زاد انفراط العقد العربي أكثر.

أحمد أبو الغيط يعيش في مصر، ويعرف أكثر من غيره أنّ "كورونا" ليست أكثر فتكاً بالمجتمعات من الأنظمة التي تركب الدبابة وتصادر حاضر الشعوب ومستقبلها، ولديها كل الاستعداد للهدم في ليبيا وسورية واليمن، والتسليم بفلسطين... وهكذا أنظمة تجتمع في قمة أو لا تجتمع... سيان.

المساهمون