نذر حرب "حاسمة" بطرابلس وسط تحذير من تفشّي كورونا

نذر حرب "حاسمة" بطرابلس وسط تحذير أميركي من تفشّي كورونا

28 مارس 2020
خبير: المعطيات الحالية "لا توفر قراءة واضحة لمستقبل الميدان"(Getty)
+ الخط -
تستعدّ ساحات المعارك في محيط طرابلس وشرقها وغربها لمواجهات عسكرية جديدة في ظل تحشيدات وإجراءات من كلا الطرفين؛ قوات حكومة "الوفاق" التي أطلقت مؤخراً عملية عسكرية جديدة تحت مسمى "عاصفة السلام"، وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر التي أطلقت قبل نحو عام عملية للسيطرة على العاصمة.

وكشف مصدر برلماني مقرب من قيادة قوات حفتر عن أوامر أصدرها الأخير لقادة الجبهات غرب ليبيا للاستعداد لجولة عسكرية جديدة وصفها بـ"الحاسمة"، مشيراً إلى أن حفتر شدّد على قادة قواته بضرورة إنهاء عملية السيطرة على طرابلس قبل نهاية شهر رمضان المقبل.

وجاء قرار حفتر بعد أن جدّد حلفاؤه وعودهم بتقديم الدعم العسكري اللازم، لا سيما الجوي، مؤكداً أن الطائرة الأجنبية التي قصفت مواقع لقوات حكومة الوفاق غرب سرت "كانت طائرة مصرية".

وإزاء تغاضي مجلس الأمن عن استمرار قوات حفتر في خرقها قرارته بشأن وقف إطلاق النار، وجّه السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند رسالةً مفتوحة إلى طرفي النزاع في البلاد، معبراً عن قلق بلاده من تجدّد التصعيد والعنف "الذي يلوح في الأفق".

ودعا السفير الأميركي في الرسالة حفتر إلى "تعليق حملته على طرابلس"، معتبراً أن "أفضل نهج للتعبير عن الهدنة الإنسانية، بما يسمح للجانبين بالعودة إلى مسودة وقف إطلاق النار الذي تمّ وضعه من خلال مفاوضات اللجنة العسكرية المشتركة التي يسّرتها البعثة الأممية في جنيف".

وشدّد نورلاند على ضرورة "تجميد فوري لنشر المقاتلين الأجانب، الذين يخاطرون بنشر مزيد من وباء فيروس كورونا المستجد في ليبيا"، مشيراً إلى أن بلاده تؤكد "مسؤولية الأطراف الخارجية عن تأجيج الصراع".

وبينما أكد السفير أن بلاده تعالج التدخل الخارجي في ليبيا "عبر القنوات الدبلوماسية"، فإنه أعرب في الوقت نفسه عن قلقه الشديد من "تهديد القتال الذي يلوح في الأفق"، لافتاً إلى أنه بعدم الاستجابة لوقف القتال "سيكون بمقدور وباء فيروس كورونا المستجد التفشي بسرعة ليخلق حالة طوارئ واسعة النطاق في مجال الصحة العامة، وينشر المرض والموت بين صفوف الجنود والمدنيين على حد سواء".


"كورونا فرصة سانحة" لحفتر

لكن الباحث الليبي في العلاقات الدولية، مصطفى البرق، أكد أن حفتر "لم يرضخ للضغوط السابقة ووجد في الانشغال العالمي بمرض كورونا فرصةً سانحة، فكيف سينصاع لهذه المطالب".

وبعد عملية نوعية نفذتها قوات الحكومة على قاعدة الوطية، جنوب غرب طرابلس، أقدمت قوات حفتر على الاستيلاء على قرى عدة، مثل الجميل ورقدالين المحاذيتين للمنفذ الحدودي مع تونس غرب العاصمة، أعقبه هجوم واسع على مواقع قوات الحكومة غربي سرت.

وفيما أكد المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي، محمد قنونو، ليل البارحة، في إيجاز صحافي نشرته الصفحة الرسمية لعملية "بركان الغضب"، فشل الهجوم على مواقع الجيش في محيط منطقة أبوقرين، الواقعة في منتصف المسافة بين سرت ومصراته وسط البلاد، أكد المصدر البرلماني نفسه لـ"العربي الجديد" أن "قادة قواته في محاور جنوب طرابلس وفي العجيلات وصرمان غرب طرابلس تلقّوا أوامره بالاستعداد لإشعال كل المحاور"، ما يبيّن أن "عاصفة السلام"، التي أكد رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق ضرورةَ استمرارها خلال بيان له الخميس الماضي، ردّاً على قصف حفتر المتكرر للأحياء المدينة، سيقابلها حراك عسكري جديد من جانب حفتر.

ويعتبر البرق من جانبه، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن المناخ "بات موائماً لعودة المعارك"، مضيفاً أن "العملية السياسية فشلت تماماً والمحادثات العسكرية بشأن وقف القتال نهائياً فاشلة، فعلي أي أساس يطالب المجتمع الدولي بوقف الحرب"، مشيراً إلى أن "مضي الأطراف في القتال تشجّعه المشاغل الدولية بالمرض الذي لا يعنيها، فالبلاد خالية منه حتى الآن".

مقتل 3 قادة بارزين بمليشيات حفتر

وشهدت المعارك حول طرابلس مقتل عدد من مقاتلي مليشيات حفتر أمس، حيث قالت مصادر ميدانية لـ"العربي الجديد" إن من بين القتلى ضباطاً بمليشيات حفتر بينهم القيادي العقيد علي سيدا التباوي، وهو آمر مايعرف باسم الكتيبة 129 مشاه خلال المعارك أمس بمحور الوشكة.

وبحسب المصادر فإن التباوي كان المسؤول الميداني عن تسلم المقاتلين القادمين من تشاد والسودان وتوزيعهم على محاور القتال.

وأشارت المصادر إلى أن المعارك بمحور الوشكة شهدت أيضا مقتل موسى الحائل آمر المدفعية بالكتيبة 302، ضمن مليشيات حفتر، ومقتل صابر المطهر أحد أبرز القادة الميدانيين بمليشيات شرق ليبيا.

وأكدت المصادر أن عدد القتلى في صفوف مليشيات حفتر خلال معارك الأمس على محور الوشكة تجاوز 45، بخلاف الخسائر المادية التي تكبدتها المليشيات والتي شملت تدمير عدد من مدرعات "تايجر" الإماراتية.

ويستشهد الخبير الأمني الصيد عبد الحفيظ بمقتل القيادي البارز في قوات حفتر، العقيد علي سيدا، على صحة المعلومات بشأن إعداد حفتر لحملة عسكرية جديدة.

ويوضح عبد الحفيظ لـ"العربي الجديد" أن وجود سيدا المقرب من حفتر في محاور القتال الأولى داخل غرفة العمليات الرئيسية غرب سرت يعني وجود خطط جديدة ومعركة جديدة.



وحول مستجدات الميدان قالت غرفة عمليات "بركان الغضب" إن طيران قوات الوفاق استهدف في الساعات الأولى من صباح اليوم السبت غرفة عمليات لقوات حفتر في منطقة الوشكة القريبة من أبوقرين.

ويرى الخبير الأمني أن المعطيات الحالية "لا توفر قراءة واضحة لمستقبل الميدان"، موضحاً أن "الحكومة أطلقت عملية عسكرية جديدة، لكنها توقفت عن الحديث عنها وبدت أنها تدافع في بعض المحاور أكثر من كونها تهاجم"، لافتاً إلى أن عودة الطيران الأجنبي مؤشر يُفهم منه استشعار حلفاء حفتر بخطورة العملية وفي هذا التوقيت.

لكن عبد الحفيظ في ذات الوقت لا يجد مؤشرات يمكن أن تدل على مواجهات يمكن وصفها بالحاسمة للمعركة، مؤكداً أن ما سيحدث جولة جديدة من المعارك دون نتائج كبيرة.

ومنذ قرابة العام أطلق حفتر عملية عسكرية باتجاه طرابلس، لكن أياً من الطرفين لم يتمكن من تجاوز مواقع سيطرته الأولى، باستثناء خسارة حفتر مدينة غريان في يونيو/ حزيران من العام الماضي، وخسارة حكومة الوفاق مدينة سرت منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي.