لوكوك لـ"العربي الجديد": فلتسكت الأسلحة بالمنطقة العربية لنواجه كورونا

لوكوك لـ"العربي الجديد": فلتسكت الأسلحة في المنطقة العربية لنواجه كورونا

25 مارس 2020
لوكوك: نحتاج دعما ماليا لمساعدة المحتاجين (جوهان آيسلي/فرانس برس)
+ الخط -
أطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس، برفقة عدد من المسؤولين في المنظمة، بينهم منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ مارك لوكوك، "الخطة العالمية الإنسانية للتصدي لوباء "كوفيد 19"(كورونا الجديد). 

وخصّ لوكوك "العربي الجديد" بمقابلة حول جهود المنظمة لمكافحة الوباء العالمي، ومدى إمكانية جمع المبلغ المطلوب للخطة الإنسانية لمواجهة وباء كورونا عالمياً في ظل تفشيه في الدول الغنية.

ـ وجهتم نداء لتمويل الخطة العالمية للاستجابة الإنسانية لمكافحة وباء كورونا، وتحتاجون أكثر من ملياري دولار. يأتي هذا في وقت تواجه فيه دول غنية أو ذات اقتصادات قوية تحديات على أرضها. كيف ستقنعون هذه الدول بتقديم المساعدات؟

صحيح أن كل دولة تفكر أولاً بمواطنيها وبمشاكلها والتحديّات التي تواجهها.

وكما قلت فإن مركز الوباء الآن في أوروبا، وبشكل متصاعد في الولايات المتحدة، وعلى وجه التحديد هنا في نيويورك. ولكن لا يمكن هزيمة فيروس كورونا، إلا إذا تمكنّا من الانتصار عليه في كل مكان حول العالم. ولعل واحدا من أهم الأمور هو استخدام استراتيجية ذكية. 

وكما نعلم فإن الفيروس انتشر في أكثر من 150 دولة، في الدول التي تعاني من أوضاع إنسانية صعبة للغاية. كما هو الحال في عدد من دول الشرق الأوسط، كسورية ودول أفريقية وآسيوية، وسيكون من مصلحة الجميع دعم المجتمعات غير المحصنة التي تعاني من أوضاع إنسانية حرجة، وإلا فإن العالم بأجمعه سيعاني من تهديد هذا الفيروس لوقت طويل جداً.

ـ ما هي آخر المعلومات بشأن انتشار الفيروس في المناطق غير المحصنة، تلك التي تعاني من أوضاع إنسانية صعبة؟

حول العالم تم تسجيل أكثر من أربعمئة ألف حالة إصابة، وأكثر من 15 ألف حالة وفاة، في أكثر من مائة وخمسين دولة. إذن أغلب دول العالم سجلت حالات إصابة.

ما يحدث أنه في الكثير من الدول في حال ظهور حالات فردية تتضاعف الأعداد بشكل سريع، والتحدي الذي أمامنا هو محاولة تطوير استراتيجيات لحصر انتشاره. استراتيجيات كتلك التي اتبعتها دول في جنوب شرق آسيا، الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة واليابان، على سبيل المثال، ومن بينها الرد بشكل سريع للسيطرة والحد من انتشار الفيروس. 

ومن بين الخطوات التي اتبعتها توفير الفحوصات ومتابعة شبكة الأشخاص الذين كانوا على اتصال مع الشخص المصاب وعلاجهم، وكذلك عن طريق تشجيع الابتعاد الاجتماعي كي لا يتم نقل الفيروس لآخرين. وأفضل طريقة للسيطرة على الفيروس هو الوقاية المبكرة، والبلدان التي اتبعت ذلك تمكنت من تطويق الفيروس.

ـ نعرف أن دولاً غنية كالولايات المتحدة تعاني من مشكلة توفير الفحوص لكل من يحتاجها. هل لدى الأمم المتحدة إمكانية توفير ذلك في المناطق ذات الحاجات الإنسانية الصعبة، وما هي تقديراتكم للأعداد المطلوبة، وما الذي سيحدث في تلك المناطق إذا لم تتمكنوا من القيام بذلك؟

هناك نقص حول العالم في ما يخص المعدات التي نحتاجها لمحاربة الوباء، بما فيها الفحوصات، ومعدات الحماية الشخصية، كالقفازات والكمامات الواقية وأجهزة التنفس الصناعي، وغيرها. 

وقد شحنت منظمة الصحة العالمية معدات حماية شخصية لـ68 دولة، كما شحنت قرابة 1.5 مليون طقم اختبار لإجراء الفحوصات. وهذه مجرد بداية، ولكن ما زال أمامنا الكثير لكي نقوم به، ويجب القيام بذلك بأسرع ما يمكن. ربما العائق الوحيد الذي قد يواجهنا هو توفر كل المعدات وسرعة تصنيعها.

ـ هل يمكن أن تحدثنا عن تأثير فيروس كورونا على العمليات الإنسانية حول العالم وفي الشرق الأوسط بشكل خاص. ربما نبدأ باليمن؟

لم نر، حتى اللحظة، حالات إصابة في اليمن، ولكن ما يحدث هو أنه بسبب التراجع في حركة الطيران الدولي حول العالم يصعب الوصول إلى الكثير من المناطق. كما أن الكثير من الدول تفرض منعاً على السفر، وهذا معناه أنه من الصعب جداً الدخول إلى البلدان والخروج منها. واليمن مثال على هذا. 

ومن ضمن ما طلبناه هو أموال لزيادة قابلية طيران الأمم المتحدة الإنساني، وهي المنظومة التي تمكننا من نقل عمال الإغاثة والمساعدات إلى اليمن، لتتسع رقعة عملها لتعويض عن النقص الحاصل. 

في بلدان أخرى هناك حالات تم تسجيلها، مثل سورية وأفغانستان. ونحن نحاول مساعدة هذه البلدان على التعامل مع الوضع. نحتاج إلى تكثيف برامجنا لإيصال المعدات والمعونات إلى الناس، ونزيد برامج تنقية المياه لدعم غسل اليدين. لا بد أن تتوفر المعلومات لدى الجميع لكي يعرفوا كيف يحمون أنفسهم. ولا بد من إيجاد وسيلة لتقليل التجمعات أثناء توزيع الغذاء.

ـ بخصوص طيران الأمم المتحدة. كانت هناك مشكلة في ليبيا بعدم السماح لطائرات الأمم المتحدة بالوصول إلى بعض المناطق الليبية. كيف ستتمكنون من توزيع المعونات علماً أن القتال مستمر بالرغم من وعود الالتزام بإطلاق النار؟

عليهم أن يعودوا إلى رشدهم. ما يفعلونه هو أنهم يؤذون أنفسهم، لأن الفيروس سينتشر بشكل أوسع وسيؤثر على الجميع. لذلك دعونا إلى وقف إطلاق نار عالمي الاثنين. هناك رحلات والأمم المتحدة تساعد الجميع، ومن مصلحتهم أن يسمحوا للمعونات الإنسانية بالوصول.

ـ تم تسجيل حالتي كورونا في قطاع غزة المحتل. كما تعلمون فإن الوضع في ظل الحصار بالغ الخطورة. ما الذي يجب فعله حالاً لمساعدة الناس هناك؟

غزة مذكورة في النداء، وهناك دول عرضت تقديم مساعدات مالية لمعاونة أهل غزة. يجب أن يحدث هناك ما حدث في البلدان الأخرى التي تعاملت مع الفيروس بشكل ناجح. يجب إجراء الفحوصات على أكبر عدد ممكن. يجب تتبع الذين كانوا على اتصال بالمصابين. ويجب معالجة المصابين بالفيروس وحجرهم لكي لا ينقلوه. 

وعلى الجميع المحافظة على النظافة وممارسة الابتعاد الاجتماعي، والبقاء بعيدين عن الآخرين قدر الإمكان. هذا مهم بالذات في الأماكن ذات الكثافة السكانية العالية، مثل غزة.

ـ ذكرتم وجود حالات كورونا في سورية. لكن سورية مقسمة إلى مناطق تحت نفوذ أطراف مختلفة. كيف هو الوضع في إدلب، وما هي المناطق التي تقلقكم بالذات؟

يقلقنا الوضع في سورية كلها. لكن أكثر المناطق التي تحتاج إلى مساعدات إنسانية هي ذات الكثافة السكانية، وهذا يشمل إدلب. لأن أكثر من مليون شخص هجروا بيوتهم من جراء القتال في الأشهر الثلاثة الأخيرة. والكثيرون في خيم أو تحت أشجار زيتون، وهم بحاجة إلى مياه نظيفة وطعام وعناية طبية. هناك احتياجات كبيرة في كل أنحاء سورية. 

ـ لدي سؤال عن الصحة النفسية. ألغيتم بعض برامج الصحة النفسية في الماضي بسبب ضعف التمويل. هل يتضمن نداؤكم خدمات الصحة النفسية، وهل تخططون لإضافة بعض البرامج؟

الكثير من نداءاتنا تتضمن برامج الصحة النفسية، من ضمنها تلك المتعلقة باللاجئين والمعونات الإنسانية في النداء الجديد. لأن هناك حاجة كبيرة لها في حقل المساعدات الإنسانية. وفيروس كورونا يضيف إلى الإجهاد النفسي الذي يعاني منه الناس، لذلك يجب أن تكون الصحة النفسية جزءاً مما نخطط له.

ـ ماذا عن البلدان التي تستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين. مثل لبنان وتركيا والأردن. لكل منها سياسته وخططه، كيف ستساعدونها على مواجهة الفيروس، وكيف ستساعدها خطتكم للاستعداد؟

لا يفرق الفيروس بين المهاجر أو اللاجئ، أو من هو مواطن في بلده. فهو يهاجم الجميع. والاستراتيجية الذكية هي أن نحاول حماية الجميع. لدينا برامج لدعم اللاجئين في لبنان وتركيا، ونجمع ملايين الدولارات كل سنة لها. ومن المهم جداً، ونحن نطلق طلبنا الخاص بملياري دولار لمواجهة كورونا، أن تستمر هذه البرامج. 

الأمم المتحدة تساعد مائة مليون إنسان بشكل متواصل عن طريق هذه البرامج التي توصل الطعام والدواء، وتوفر المسكن، والماء. يجب أن تستمر هذه البرامج في نفس الوقت الذي نتعامل فيه مع التهديد الإضافي الذي يشكله فيروس كورونا.

ـ هل هناك طلب أو نداء تود توجيهه لدول الخليج، خصوصاً بوجود كل هذه الحروب في المنطقة؟ هل تعتقد أنه من المهم أن يساهموا في دعم الطلب؟

نعم، أرجو أن يستمروا في دعمهم. لقد قدّموا مساعدات كريمة لدعم اليمن وسورية والروهينغا في بنغلادش. منظمة الصحة العالمية تتلقى دعماً من عدد من دول الخليج للتعامل مع كورونا في المنطقة. أتمنى أن يزيدوا من دعمهم، لأن في ذلك مصلحة ذاتية وليست فقط للتضامن.

ـ دعا غوتيريس إلى وقف إطلاق نار عالمي لإيقاف انتشار الفيروس؟ ما مدى تفاؤلك بتحقيق ذلك؟

على الناس أن يفكروا في مصلحتهم. الذين ما زالوا يحتربون يؤذون أنفسهم، لأنهم يوفرون بيئة أكثر ملاءمة للفيروس لكي يقتل. يجب أن نوصل الرسالة إلى الناس بأن التهديد الذي يواجهونه يختلف الآن. إنه الوباء، وأفضل ما يكن لكم أن تقوموا به لمصلحتكم الشخصية هو إسكات الأسلحة.