مصر: المخابرات العامة صاحبة الكلمة العليا بإدارة أزمة كورونا

مصر: المخابرات العامة صاحبة الكلمة العليا بإدارة أزمة كورونا

17 مارس 2020
تتخوف السلطة من انعكاسات سلبية على السياحة(أحمد حسن/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر مطلعة في مجلس الوزراء المصري عن تقديم وزارة الصحة تقريراً مكتوباً، من واقع إحصائيات الاشتباه والحالات الإيجابية الجديدة المكتشف إصابتها بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، يوصي بغلق جميع المجمّعات التجارية، وبعض المناطق الأثرية، ودور السينما والمسرح، وبتحديد حد أقصى لعدد المواطنين المسموح بوجودهم في وقت واحد داخل المحال التجارية الكبيرة (الهايبر/السوبر ماركت)، وذلك كإجراءات وقائية لمنع انتشار الفيروس، بالتوازي مع التدابير السابق اتخاذها الخاصة بغلق المدارس والجامعات والمدن الطلابية ومراكز الدروس الخصوصية لمدة أسبوعين، الأمر الذي تم رفضه "لأسباب سياسية". كما أوصت الوزارة بوقف الرحلات الجوية مع عدد من الدول الأوروبية التي اكتشف عدد كبير من المصابين العائدين من مطاراتها والمخالطين لهم، الأمر الذي تمت الاستجابة له أمس بإعلان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في مؤتمر صحافي تعليق حركة الطيران في المطارات المصرية اعتباراً من يوم الخميس 19 مارس/آذار الحالي وحتى 31 منه.

وقالت المصادر إن الوزارة طلبت الاستجابة لهذه التوصيات لتمكينها من السيطرة على الفيروس وعدم حدوث تسربات وعدوى لا يمكن التحكّم بها، وذلك على ضوء حالة الهلع المجتمعية التي دفعت ملايين المواطنين للنزول إلى المحال والمجمّعات التجارية لشراء احتياجاتهم بكميات كبيرة لتخزينها، وسط شائعات عن اقتراب "فرض حظر التجول" التي نفاها مجلس الوزراء، والتأكد من ارتفاع الأسعار المبالغ فيه لبعض السلع الأساسية استغلالاً للموقف، من دون تدخّل ملحوظ من الحكومة.

وأضافت المصادر أن المخابرات العامة، وهي الجهة صاحبة الكلمة العليا حالياً في ما يتعلق بإدارة الموقف الاجتماعي والسياسي والتنفيذي للأزمة، لم توافق حتى الآن على مقترح غلق المجمّعات التجارية ودور الترفيه، على ضوء تقارير أخرى من وزارات السياحة والمالية والاستثمار، وحذرت من انعكاسات سلبية كبيرة لهذه القرارات على حركة السياحة وجذب رؤوس الأموال الغربية والخليجية على المدى الطويل، واقترحت بالاكتفاء باتخاذ تدابير تتعلق بتطهير بعض المنشآت الكبرى كالمجمّعات التجارية الأكثر كثافة، يومياً، وهي الخطوة التي بدأ تنفيذها بالفعل في بعض تلك المجمّعات أمس الأول، بصورة غير معلنة، تحسباً لإخافة المواطنين.

لكن وزارة الصحة تعتقد أن هذه الخطوات ليست كافية للتأمين والسيطرة. وبحسب المصادر، فإن المؤشرات التي تعكسها ظروف اكتشاف الحالات الأخيرة، خصوصاً بعد ثبوت مخالطة بعض المصابين لبالغين وأطفال في ضواحي الزمالك ومصر الجديدة والهرم وكرداسة والعمرانية، وكلها ضواح ذات كثافة سكانية عالية في القاهرة والجيزة، توضح للوزارة سرعة انتشار الفيروس ودخوله مجتمعات جديدة من جهة، مقابل صعوبة رصد جميع المخالطين وتحركاتهم من جهة ثانية، وذلك على عكس ما كانت تتسم به ظروف اكتشاف الحالات الأولى العائدة من الخارج أو من السائحين والعاملين على البواخر النيلية في الأقصر وأسوان.

وأشارت المصادر إلى أنه تم رفع درجة الاستعداد والتشديد الأمني في مركز بلقاس في محافظة الدقهلية، شرق دلتا النيل، بعد اكتشاف حالات عدة في قرية السماحية التي شهدت أول حالة وفاة لمصرية الأسبوع الماضي، والتي تبيّن أنها حملت الفيروس بعد تواصلها مع سيدة إيطالية، ثم اتضح أن تلميذين في مدرستين بالقرية أصيبا لاحقاً، وتم عزل جميع طلاب ومعلمي وإداريي المدرسة، وأكدت التعليمات على منع دخول وخروج أهالي القرية منها إلا بتنسيق مع مديرية أمن الدقهلية.


وفي سياق متصل، عهدت وزارة العدل للقوات المسلحة بتطهير كل مباني المحاكم على مستوى الجمهورية خلال الأسبوعين المقبلين، اللذين سيشهدان تعليقاً كاملاً، غير مسبوق، لكل المحاكم المصرية، بما في ذلك الابتدائية والجزئية والأسرة والاقتصادية ومجلس الدولة ومحكمة النقض، مع منع القضاة والإداريين من الحضور إلا للضرورة القصوى. وقالت مصادر قضائية إن كل الدعاوى المتداولة تم تحديد آجال قريبة لها، ومد أجل الدعاوى المحجوزة للحكم إدارياً من دون احتسابها من إجراءات التقاضي المعتادة، كما صدرت تعليمات بأن يتم السماح للمتقاضين بتسجيل الدعاوى الجديدة فقط، وألا يتم احتساب الأسبوعين من المدة المحددة قانوناً بين وقوع القرار أو التصرف المتضرر منه والطعن عليه في القضايا الإدارية. وأضافت المصادر أنه تم احتواء غضب شباب القضاة والنيابة العامة بشأن استمرار عمل النيابات طوال الفترة المقبلة، بحيث يتم تقليص عدد ساعات العمل في كل النيابات وتأجيل جلسات التحقيق ونظر قرارات الحبس، مع عدم السماح بدخول أكثر من محامٍ واحد مع كل متهم، ومنع الأهالي من التواجد في مقار النيابات.

وتخطى عدد الحالات المكتشفة المصابة بفيروس كورونا، المعلنة حتى صباح أمس، 130 حالة، وأعلنت وزارة الصحة تعافي 26 حالة وأن 34 حالة في طور التعافي تحت الملاحظة بعد تحوّل نتائج التحليل من إيجابية إلى سلبية. وسبق أن قال مصدر في وزارة الصحة لـ"العربي الجديد"، إن الوزارة حذرت في تقرير رفعته للرئاسة والمخابرات العامة نهاية الأسبوع الماضي، من تسجيل حالات إصابة قد تصل إلى ألف شخص على مستوى الجمهورية خلال الشهر الحالي، إذا لم يتم اتخاذ كل التدابير الموصى بها وعلى رأسها وقف الدراسة مع تشديد إجراءات الحجر الصحي على جميع القادمين من خارج البلاد، خصوصاً العابرين في مطارات أوروبية وآسيوية.

وبحسب المصدر، فإن الوزارة أيضاً أبدت قلقها الشديد من انتشار الفيروس في قرى الدلتا، وتحديداً في محافظات الدقهلية والقليوبية ودمياط وكفر الشيخ، نتيجة انتشار ظاهرة الهجرة للعمل في أوروبا في تلك المحافظات، ولا سيما في إيطاليا واليونان، إذ تبيّنت عودة أكثر من 400 مصري من تلك المحافظات إلى وطنهم خلال الشهر الماضي، خوفاً من انتشار الوباء في أوروبا، الأمر الذي يعزز فرص حملهم للفيروس حتى من دون ظهور أعراض.

في المقابل، قالت مصادر حكومية في وقت سابق، إن وزير المالية محمد معيط عرض على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي مؤشرات "سلبية للغاية" لوضع الخزانة والبنوك والأسواق حالياً، في ظل توقعات بتراجع السياحة ووقف رحلات الطيران مع العديد من الدول الرئيسية المصدرة للسياحة، وفي الوقت نفسه توقف استيراد السلع الأساسية والكماليات من الصين وبعض دول أوروبا لعدة أسابيع سابقة. وأضافت المصادر أن التقديرات العامة للوزارات المعنية بتوفير السلع الأساسية والرقابة على الأسواق، هي أن الأزمة الحالية ستتسبّب في زيادة الأسعار بنسبة قد تصل إلى 30 في المائة خلال شهرين، إذا لم تستطع الدولة توفير مصادر جديدة ومستدامة لبعض السلع، كالقمح والأرز والذرة والفول والبصل والثوم.

المساهمون