"اف.بي.اي" يشارك بالتحقيق في محاولة اغتيال رئيس الوزراء السوداني

فريق من "اف.بي.اي" يشارك بالتحقيق في محاولة اغتيال رئيس الوزراء السوداني

11 مارس 2020
توقعات بالوصول سريعاً للجناة الحقيقيين (محمود حجاج/ الأناضول)
+ الخط -

فيما تتواصل التحريات بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، انضم فريق من 3 خبراء من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (اف بي اي)، اليوم الأربعاء، للمشاركة في التحقيقات التي يجريها أكثر من 600 عنصر من المباحث المركزية السودانية، لمعرفة الجهات الضالعة وراء المحاولة الفاشلة.
ووقعت المحاولة، الإثنين الماضي، حينما زرع مجهولون قنبلة مصنعة محلياً لاستهداف موكب رئيس الوزراء، على جانب الطريق بمنطقة الخرطوم بحري، وذلك أثناء توجهه من منزله إلى مقره في مجلس الوزراء.


وجاء وصول الفريق الأميركي بالتنسيق مع وزارة الداخلية، وبعد نداء وجهه مجلس الأمن والدفاع السوداني لمن سماهم "الأصدقاء للمساعدة في التحقيق"، الذي بدأ مباشرة بعد وقوع محاولة التفجير التي لم يصب خلالها رئيس الوزراء ولا أي من مرافقيه، باستثناء رجل شرطة كان في مقدمة الموكب.


وخلال اليومين الماضيين، استدعت فرق التحقيق التي يشارك فيها أيضا عناصر من الاستخبارات العسكرية، عددا من المشتبه بهم، من بينهم أجانب، أطلقت سراح بعضهم بعد ثبوت عدم وجود علاقة لهم بالحادث.
ومن بين الذين أوقفوا ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي قريبون من نظام عمر البشير السابق، كانوا قد توقعوا قبل أيام في منشورات لهم حدوث تفجيرات في السودان.
وفي آخر المستجدات، كشفت الحكومة السودانية عن تمكن السلطات الأمنية من إلقاء القبض على مشتبه بهم، لم تحدد عددهم، بالمشاركة في محاولة الاغتيال، بينهم أجانب.
وكان مجلس الوزراء قد استمع في اجتماع دوري له، اليوم، لتقرير من وزير الداخلية، الطريفي إدريس دفع الله، ومدير جهاز المخابرات العامة، الفريق أول ركن جمال عبد المجيد، حول نتائج التحقيقات الأولية.
وأكد وزير الإعلام، المتحدث الرسمي باسم الحكومة، فيصل محمد صالح، في تصريحات له تلت الاجتماع، أن التحريات ما زالت متواصلة في الحادثة، موضحاً أن مهمة فريق التحقيق الأميركي هي مساعدة الفريق الوطني، وذلك للخبرة التي يتمتع بها والأجهزة التقنية المتوفرة له. ولفت كذلك إلى أن وصول الفريق الأميركي جاء بناءً على الاتفاقيات الدولية في مجال مكافحة الإرهاب.


ويخلو السجل السوداني من أي محاولات اغتيال لشخصيات سياسية بارزة، باستثناء حادثة اغتيال السفيرين السعودي والأميركي في العام 1973، واغتيال المعارض العراقي لنظام صدام حسين، مهدي الحكيم، إضافة لحادثة اغتيال مسؤول المعونة الأميركية في سفارة واشنطن بالخرطوم جون غرانفيل في العام 2008.
ويدفع ذلك خبراء إلى توقع تأخر الكشف عن المتورطين في محاولة اغتيال حمدوك، لجهة عدم خبرة الأجهزة الأمنية في التعامل مع حوادث مماثلة، وهو برأيهم السبب الوحيد الذي دفع الحكومة ممثلة في مجلس الأمن والدفاع إلى طلب المساعدة من أجهزة مخابرات أجنبية.
لكن الخبير الأمني، النقيب المتقاعد عمر عثمان، يقلل من حجم تلك المخاوف، معرباً في حديثه لـ"العربي الجديد"، عن ثقته المطلقة في فرق التحقيق الجنائي السودانية في الوصول إلى الجناة بأسرع وقت، مثلما فعلت تماماً في حادثة اغتيال الدبلوماسي غرانفيل، باعتبارها الحادثة الأقرب عند مقارنتها بمحاولة اغتيال حمدوك.
وأوضح عثمان أنه على الأجهزة الأمنية الاعتماد بشكل أساسي على مسرح الجريمة التي تمثل، حسبه، الشاهد الصامت في أي جريمة، مبدياً خشيته من التجمهر الذي حدث في مسرح الجريمة، بعد المحاولة مباشرة، ما قد يؤدي إلى طمس بعض الأدلة، مثل العبوات الفارغة، التي يساعد تحليلها بشكل كبير في عملية التحقيق.
وفيما شدد على أن الأجهزة مطلوب منها القيام بحملة استدعاءات واسعة لكل القاطنين بالقرب من مكان الحادثة والعابرين في لحظة الانفجار، لأن أي معلومة يدلون بها يمكن ربطها بمعلومات أخرى، أشار إلى أن محاولة الاغتيال يمكن ربطها بعملية ضبط خلية في منطقة شرق الخرطوم قبل أسابيع، وهي تعمل في تصنيع متفجرات. وأبان أنه، وحسب معلوماته، فإن أفرادا من الخلية لم يتم إلقاء القبض عليهم حتى الآن.
وحول الاتهامات التي باتت تركز على النظام القديم بحكم أنه المستفيد الأول من الحادثة، أوضح الخبير الأمني أن تلك الاتهامات صادرة من سياسيين، بينما "المحقق الجيد والمهني لا يضع احتمالاً واحداً بطريقة كلاسيكية، بل يضع عددا من الاحتمالات، ويتعاطى مع كل واحد منها بجدية ليصل في النهاية لهدفه".


وفي ما يتعلق بطلب مساعدة الأصدقاء للمساعدة في التحقيق ووصول فريق مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، قال عمر عثمان إنه طلب عادي تقوم به كل الدول التي تواجه مثل هذه الأحداث، قائلا إنه حتى الولايات المتحدة طلبته بعد تفجيرات 11 سبتمبر/ أيلول 2001. وعزا ذلك لكون "الإرهاب جريمة عابرة للحدود وفرضية التخطيط له في دولة وتنفيذه في دولة أخرى هو أمر وارد، وتستطيع أجهزة المخابرات تبادل المعلومات حوله، وتتبادل كذلك الدعم الفني"، مشيراً إلى أن جهاز المخابرات المصري التقط المبادرة بوصول مديره اللواء عباس كامل للخرطوم، الاثنين، مرجحا أن يكون الأخير قد عرض على الأجهزة الأمنية السودانية خدماته لفك لغز محاولة الاغتيال الفاشلة.
من جهته، يرى المحامي طارق إلياس، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تجربة الأجهزة الأمنية في القبض على منفذي حادثة اغتيال السفيرين السعودي والأميركي، وكذلك الدبلوماسي الأميركي، تؤكد قدرة الأجهزة الأمنية على الوصول لمنفذي محاولة الاغتيال، مستبعدا التأثير السلبي لقرار الحكومة الانتقالية تحجيم صلاحيات جهاز المخابرات السوداني وحصر مهامه في جمع المعلومات. واعتبر أن الشرطة وحدها قادرة على القيام بالمهمة.
ويوضح إلياس أن "دائرة الاشتباه في الحادثة يجب أن تبدأ بتحليل أي من الجهات الأكثر استفادة من الحادث، ثم التركيز على الجماعات المتطرفة التي تشعر بالوحدة واليتم بعد ذهاب النظام السابق، الذي كان يتعاطى معها بصورة أو بأخرى".


أما الصحافي المتخصص في تغطية القضايا الجنائية، محمد أزهري، فيشير من جانبه إلى أن عدم تمرس الأجهزة السودانية بالتحقيق في محاولات الاغتيال قد يساهم ربما في عدم الوصول للجناة، مشيراً إلى أن منفذي المحاولة لم يتركوا آثارا خلفهم وربما كان تفكيرهم في الهروب أكبر من التفكير في إنجاح العملية. ولفت إلى أن وجود كاميرات مراقبة بالقرب من مكان الحادث قد يساعد في القبض على المتورطين.
من جهته، يرى الخبير الأمني، النور يوسف، أن "حادث الاغتيال من حيث التكييف القانوني هو جريمة كغيرها من الجرائم التي ترتكب في حق الإنسان والتي تمرست الشرطة في كشفها والوصول فيها للجناة، ثم يأتي البعد السياسي من جهة الشخصية المستهدفة"، مبيناً أن ذلك البعد قد يشير بصورة أو أخرى إلى احتمالات تساعد المحققين في الوصول للجناة.
وأضاف يوسف في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "المعطيات المتوفرة بمسرح الحادثة يمكن قراءتها بدقة بواسطة المحققين مع الأخذ في الاعتبار تقرير المعامل الجنائية الذي سيوفر معلومات دقيقة عن المواد المستعملة وطريقة الإعداد ويساهم في حصر المشتبه بهم، وربما يساعد في استبعاد آخرين".


وأشار إلى أن مسرح الجريمة غالباً ما يحوي، لو تم الحفاظ عليه بسرعة بعد الحادث، على 75 في المئة من الحل، وأكد أن الحيثيات تفرض وجود عدد مقدر من الشهود، لأن الحادثة وقعت في ساعات الصباح وفي منطقة مكتظة، وأكد أن العملية برمتها غير معقدة لا من حيث التوقيت ولا المكان. وأعرب عن اعتقاده بأن "اختيار المكان كان لصالح الجناة أكثر منه لضمان نجاح عمليتهم"، مبينا أن "الدعم الوحيد الذي تحتاجه الأجهزة الأمنية من المخابرات الأخرى هو دعم فني يحدد نوع القنبلة التي استخدمت".

المساهمون