هل يريد المجتمع الدولي حلاً لليبيا؟

هل يريد المجتمع الدولي حلاً لليبيا؟

12 مارس 2020
يعرف الليبيون أن المجتمع الدولي لا يريد حلاً(حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -

اختفى غسان سلامة فجأة، بينما لا يزال الليبيون تائهين في مساراته الثلاثة، حيث لم تعين الأمم المتحدة بديلاً له حتى الآن، لرفع الغموض وإجلاء حالة المجهول التي تسير فيها البلاد، ومن دون أن تعي الأطراف الليبية أن قضيتها ليست هدفاً للحل وأن المجتمع الدولي لا يرغب في تسويتها، لسبب بسيط، أن ملف بلادهم بنظر المجتمع الدولي هو ورقة مساومة وعامل لموازنة الصراعات في المنطقة، على خلفية التحالفات التي تفرضها المشاريع المتنافسة فيها.

ويتوهم قطاع كبير من قادة ليبيا بأن كل هؤلاء المتصارعين طامعون في خيرات البلد النفطية وموقعها الاستراتيجي، بمن فيهم اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يعتقد أن مشروعه العسكري يحقق مصالح داعميه في ليبيا. ولم يدرك هؤلاء أنهم، بكل صراعاتهم وأسلحتهم، مجرد ورقة يلعب بها ساسة في ساحة متشابكة.

فروسيا تدعم حفتر الذي يقاتل حكومة الوفاق، لكنها تفاوض تركيا التي تقف إلى جانب "الوفاق"، دون أن تخفي أنها تعتبر ليبيا بوابة للنفاذ إلى أفريقيا جنوباً وتتخذها أيضاً مصدراً لإزعاج أوروبا. والأخيرة قلقة من الدورين الروسي والتركي في ليبيا، وهي قلقة أكثر من تقارب أنقرة مع طرابلس بشأن اتفاق بحري يمس حدوداً غنية بالغاز في البحر المتوسط الذي تشرف أوروبا على مساحات شاسعة فيه. ولذا بادرت إلى مناقشة مهمة بحرية قبالة شواطئ ليبيا، تحت غطاء تطبيق قرار حظر توريد السلاح، لكنها لا تستهدف السواحل الشرقية التي تقابل مناطق سيطرة حفتر. كما أن السلاح يتدفق أيضاً براً وجواً إلى ليبيا.

وبمتابعة لمسار تعقد الحل في ليبيا نجد أن المواجهة العسكرية، التي بدأها حفتر في إبريل/نيسان الماضي، تزامنت مع تعقد ملفات ضاغطة في فضاءات إقليمية في المنطقة، وكان أحد آثارها تقويض كل مساعي السلام التي كانت ستتوج وقتها في ملتقى بمدينة غدامس. ومع استمرار التفاهمات بين أطراف الصراع الدولي يشهد محيط طرابلس هدوءاً حذراً، وسط خروقات بين الحين والآخر. الطرف الوحيد في الأزمة الذي يدرك جيداً أن المجتمع الدولي لا يريد حلاً هم الليبيون، الذين عبروا بشكل واضح عن إدراكهم لذلك. وبكل تأكيد، فإن لجوء طرفي الصراع للاستعانة بمقاتلين أجانب يعني تراجعاً كبيراً من قبل الليبيين عن دعم جبهات القتال. وآخر تلك المؤشرات الانفتاح الكبير على مبادرة جزائرية تونسية تدعو إلى لقاء مجتمعي قبلي واسع لإنتاج حل بعيداً عن التدخل الأجنبي. وحتى القبائل المصنفة كداعمة لحرب حفتر عبرت عن ذلك بشكل جلي وواضح في ملتقى قبلي استضافته ترهونة، التي تعد القاعدة الأولى لمليشيات حفتر.