وزير الداخلية الجزائري مهاجماً الحراك الشعبي: "إسرائيل تدعمه"

وزير الداخلية الجزائري مهاجماً الحراك الشعبي: "إسرائيل ودولة عربية وأوروبية تدعمه"

10 مارس 2020
بلجود أعاد استدعاء تصريحات لمسؤولين سابقين بعهد بوتفليقة (تويتر)
+ الخط -
هاجم وزير الداخلية الجزائري كمال الدين بلجود في تصريحات مثيرة للجدل، الحراك الشعبي، وأعاد استدعاء تصريحات المسؤولين السابقين في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بتوجيه اتهامات للناشطين والمتظاهرين في الحراك بدفع البلاد إلى الفوضى.

ولم يكد الجزائريون يتجاوزون تصريحات رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى، ووزير الداخلية السابق صلاح الدين دحمون اللذين وجها اتهامات للمتظاهرين في الحراك بدفع الجزائر إلى "المحرقة السورية" وبـ"العمالة للخارج"، حتى خرج بلجود بتصريحات في نفس المنحى.

وقال بلجود، اليوم الثلاثاء في تصريح صحافي على هامش زيارته إلى ولاية بسكرة جنوبي الجزائر، إن "بعض العناصر تريد هدم ما وصل إليه الحراك بخروجهم كل يومي جمعة وثلاثاء، واليوم يتكلمون عن أيام أخرى، لماذا هذا كله"، في إشارة إلى إطلاق الحراك الشعبي مظاهرات ثالثة كل يوم سبت، منذ ثلاثة أسابيع.
وأضاف وزير الداخلية الجزائري أن "هؤلاء لهم نوايا، والنوايا واضحة؛ هي هدم البلاد والرجوع إلى السنوات الماضية وإدخال البلاد في مشاكل"، مدّعيًا وجود دول أجنبية تدعم هؤلاء، بالقول "هذه العناصر مدعمة من بعض الدول الأجنبية، كإسرائيل، وهناك دولة أوروبية ودولة عربية أيضاً".


ودعا الوزير بلجود الجزائريين إلى ما وصفه بـ"اليقظة"، قائلًا: "أنادي كل المواطنين لليقظة، وأن يلتفوا حول رئيسهم عبد المجيد تبون الذي التزم بتطبيق طلبات ومطالب الحراك في الجزائر".

ودافع المسؤول الجزائري عن أداء عناصر الشرطة في مرافقة الحراك منذ أكثر من سنة، ونفى استخدامهم القوة ضد المتظاهرين، واتهم من يصفهم بـ"العناصر" بـ"اختلاق اتهامات لقوات الأمن باستخدام العنف"، وقال: "هؤلاء يتهمون في الفترة الأخيرة مختلف أسلاك الشرطة، وهم يريدون افتعال مشاكل في البلاد".

وتشبه هذه الاتهامات بحق المتظاهرين اتهامات مماثلة كان أطلقها رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى بعد اول مظاهرة للحراك الشعبي في فبراير/شباط 2019، عندما اعتبر أن المتظاهرين "يدفعون البلاد نحو الفوضى والمحرقة السورية"، وكذلك تصريحات وزير الداخلية السابق صلاح الدين دحمون، في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عندما اتهم المتظاهرين في الحراك بأنهم "عناصر مثلية مخترقة وتعمل لجهات أجنبية".
ويرى مراقبون أن تصريحات وزير الداخلية اليوم، إضافة إلى كونها متناقضة مع تصريحات الرئيس عبد المجيد تبون الذي وصف الحراك بـ"المبارك" والتظاهر بـ"الظاهرة الصحية والديمقراطية"، فإنها تعدّ تصعيداً سياسياً ضد المتظاهرين، وتبريراً لاستخدام القوة من قبل الشرطة ضد الحراك.

وقال الناشط في رابطة حقوق الإنسان إبراهيم بنو فان: "هكذا تصريحات في اعتقادي تمهد للقمع ولمنع المظاهرات، أتوقع أن السلطة تدفع بهذا المنطق إلى الصدام"، في حين يرى المتحدث باسم تنسيقية شباب الحراك رضوان منصوري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "تصريحات الوزير هي محض تفكير درجت عليه السلطة دائما، وينطلق من منطلق أمني لتبرير القمع والاعتقالات، نفهم الآن أن الحراك أصبح بالنسبة للسلطة هو المشكلة في حد ذاته، وهذا يتناقض تماما مع خطاب يتحدث عن حوار مع الحراك وإصلاح سياسي".

رئيس الحكومة يدعو لوقف المظاهرات

بالتوازي مع تصريحات وزير الداخلية، دعا رئيس الحكومة الجزائرية، عبد العزيز جراد، إلى وقف مظاهرات الحراك الشعبي في البلاد، وإنهاء ما وصفها بمظاهر احتلال الفضاءات العامة، ومنح الرئيس عبد المجيد تبون فترة معقولة وظروفاً مقبولة لتنفيذ خطة إصلاح سياسي ودستوري وتحقيق مطالب الحراك الشعبي المعلنة منذ 22 فبراير 2019.

وذكر جراد أنه "سيكون من الحكمة تخفيف النزعة المطلبية والاحتلال المبالغ فيه للطريق العام". وقال في حوار لوكالة الأنباء الجزائرية، نشر الثلاثاء، إن "الاحتلال المبالغ فيه للطريق العام، لن يزيد سوى في تأزيم الوضع الحالي، من دون تقديم حلول ملموسة لمختلف المشاكل التي يواجهها المواطنون والمواطنات"، مشيراً إلى أن "رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون تعهد بإرساء مسار بناء جمهورية جديدة بقاعدة دستورية تكرس شفافية الانتخابات وديمقراطية تشاركية حقيقية ومجتمعا مدنيا قويا، وطبقة سياسية ممثلة، وصحافة حرة ومسؤولة".

وأكد جراد، أن "الحكمة والتفهم وتجند القوى الحية للأمة تمثل السبيل الوحيد الذي يتيح حلا هادئا من أجل ضمان خروج من أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية لم يسبق لها مثيل"، محذراً مما وصفها بالتلاعبات السياسية "المفضوحة التي لن تتمكن من تقسيم أبناء هذا البلد ولا المساس باللحمة الوطنية للشعب الجزائري".

ويتظاهر الجزائريون في الشارع بشكل مستمر منذ 56 أسبوعاً، بعد اندلاع الحراك الشعبي في 22 فبراير 2019 ، لإنهاء حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ثم المطالبة بعد استقالته بإقرار انتقال ديمقراطي وصياغة دستور توافقي. وأخفقت السلطة في إفناع جزء من المكونات السياسية والمدنية للحراك الشعبي بوقف المظاهرات والانخراط في المسار الانتخابي خلال الانتخابات التي جرت في 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وانتهت بانتخاب تبون رئيساً للجمهورية.

وتعهد رئيس الحكومة، وهو أستاذ جامعي سابق في كلية العلوم السياسية، بوجود نوايا جدية للسلطة للقطيعة مع ممارسات النظام السابق وتحقيق مطالب الحراك، وقال "الحراك الشعبي لـ22 فبراير 2019 بدأ في عملية لا رجعة فيها لبناء جزائر جديدة في قطيعة مع نظام وممارسات الماضي"، مضيفاً أن "الحكومة التي عينها الرئيس تبون جعلت عملها امتداداً لمطالب هذا الحراك المنقذ بفضل مرافقة وحماية الجيش ومصالح الأمن".

وناشد جراد مكونات الحراك الشعبي المساعدة في إنجاز مهمة التغيير السياسي وتجاوز الأزمة الراهنة ، وقال "يُنتظر تجند كل الأطراف للخروج من هذه الأزمة متعددة الأبعاد عبر مشاركة أكثر فعالية للحركة الشعبية لا سيما في المهمة الثقيلة المتمثلة في بناء الدولة المتجددة التي يتطلع إليها كافة أبناء بلدنا، لأن الجزائر ملك لجميع أبنائها، وللخروج من الأزمة متعددة الأبعاد لبناء دولة متجددة، أمام حجم المهمة والتحديات الراهنة وكذا خطورة الوضع الاقتصادي والاجتماعي الراهن للبلد".

وفي سياق تداعيات الأزمة في بعدها الاقتصادي، خاصة بعد انهيار أسعار النفط وتآكل مخزون البلاد من احتياطي الصرف، أعلن رئيس الحكومة الجزائرية أن الدولة تعتزم الإبقاء على التزاماتها في مجال تمويل التنمية، وعقلنة الإنفاق العمومي والحد من التبذير.