لا تأثير متوقعاً لهيمنة المحافظين على العلاقات الإيرانية الروسية

لا تأثير متوقعاً لهيمنة المحافظين على العلاقات الإيرانية الروسية

28 فبراير 2020
يرجح خبراء استمرار التنسيق الروسي الإيراني (Getty)
+ الخط -

يرجح خبراء روس ألا يؤثر تقدم المحافظين في الانتخابات البرلمانية الإيرانية، التي جرت نهاية الأسبوع الماضي، على العلاقات والمشاريع المشتركة بين موسكو وطهران، ما لم تتجه إيران نحو مزيد من التصعيد مع الغرب بعد تصدر "الصقور" المشهد السياسي في البلاد، وهو ما قد ترد عليه القوى الغربية بتشديد العقوبات بحق طهران، مع التزام موسكو بها.

ويشير الخبير في نادي "فالداي" الدولي للنقاشات، المحلل السياسي فرحات إبراهيموف، إلى أن موسكو استقبلت أنباء تقدم المحافظين بشيء من الهدوء، حيث كانت النتيجة متوقعة، مرجحاً استمرار التنسيق الروسي الإيراني في الملف السوري وغيره من القضايا الإقليمية. ويقول إبراهيموف، في حديث لـ"العربي الجديد": "كانت موسكو تدرك فشل الإصلاحيين، وأنها ستضطر للتعامل مع المحافظين الذين يمثلون أطيافاً مختلفة، ولم يخوضوا الانتخابات جبهة واحدة. قائمة مجلس تحالف قوى الثورة حققت تقدماً كبيراً، بقيادة عمدة طهران الأسبق والمرشح الرئاسي الخاسر محمد باقر قاليباف، الذي يدعو إلى علاقات وطيدة وتنسيق مع روسيا. إذا نظرنا إلى العلاقات بين البلدين من هذه الزاوية، فإن فوز تلك القوى يصب في مصلحة موسكو بدرجة ما".

وحول تأثير تقدم المحافظين على التنسيق الروسي الإيراني في سورية، يقول: "من وجهة نظري، فإن التنسيق بين البلدين بشأن هذه المسألة سيزداد عمقاً، لكن التوصل إلى اتفاقات بشأن قضايا بعينها سيزداد صعوبة أيضاً، حيث يتعامل السياسيون المحافظون الإيرانيون بدقة أكبر مع حل مثل هذه القضايا، لا سيما إذا كان الأمر متعلقاً بالطموحات الجيوسياسية للجمهورية الإسلامية". ولما كانت إيران قد واجهت مجموعة من الأزمات قبيل الانتخابات التشريعية، بما فيها إدراجها على قائمة مجموعة العمل المالي (فاتف) المعنية بمكافحة تبييض الأموال والإرهاب، وتسجيل أولى حالات الوفاة جراء الإصابة بفيروس كورونا، واغتيال قائد "فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، بغارة أميركية في بغداد، وواقعة إسقاط طائرة مدنية أوكرانية بصاروخ فوق طهران، يعتبر المحلل السياسي أدلان مارغويف، هو الآخر، أن نتيجة الانتخابات كانت متوقعة، مقللاً من تأثيرها على المشاريع المشتركة مع روسيا.




ويشير مارغويف، في مقال بعنوان "البرلمان المجمد"، نشر في صحيفة "إزفيستيا" الروسية، إلى الفارق الشاسع بين أدنى نسبة مشاركة تاريخياً، والتي بلغت 42 في المائة فقط هذه المرة، واحتشاد الطوابير أمام مراكز الاقتراع في الانتخابات التي جرت قبل أربع سنوات، حين زرعت محاولة الرئيس حسن روحاني تسوية المشكلة النووية الإيرانية، أملاً في قلوب الإيرانيين في أن تسفر العلاقات الاقتصادية مع الدول المتقدمة عن تحقيق رفاه وطني. ويعتبر كاتب المقال أن القوى المعتدلة في القيادة الإيرانية فقدت ثقة السكان، خلال فترتي حكم روحاني، معتبراً أن تقدم المحافظين، بما في ذلك سيطرتهم على جميع المقاعد الـ30 الممثلة للعاصمة طهران، كان متوقعاً، مرجحاً أن يسيطر المحافظون على ثلاثة أرباع مقاعد البرلمان الإيراني بعد الجولة الثانية من الانتخابات المقرر إجراؤها في 17 إبريل/ نيسان المقبل.

ويصف الخبير الروسي إيران بأنها "تعيش أزمة منتصف العمر" بعد مرور 42 عاماً على الثورة في العام 1979 في ظل "ضرورة تجديد الأيديولوجيا، حتى يواصل السكان الدفاع عن المشروع القومي داخل البلاد وخارجها". ومع ذلك، يتوقع مارغويف ألا يؤثر تغيير الأمزجة في إيران كثيراً على العلاقات مع روسيا، رغم تباين الرؤى على الأرض في سورية، في ظل إدراك طهران أن موسكو تبدي تفهماً أكثر من غيرها من القوى الدولية للمصالح الوطنية الإيرانية، ولا تنتقد الشركاء علناً، حتى وإن كانت لا تؤيد السياسة الخارجية الإيرانية.

ومع ذلك، يحذر الخبير الروسي في الشأن الإيراني من أنه في حال أدت سياسة المحافظين إلى عدم وفاء طهران بأحكام البروتوكول الإضافي لاتفاق ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أو زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المائة، أو المباشرة بإجراءات الانسحاب من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، فستضطر موسكو لوقف التعاون النووي السلمي مع طهران، الذي يشكل أكبر مشروع في العلاقات الروسية الإيرانية. وكانت مؤسسة "روس آتوم" الروسية قد بدأت، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعمال إنشاء الوحدة الثانية لمحطة بوشهر النووية التي ستلبي أعلى معايير الأمان، على أن تستغرق مدة تحقيق المشروع عشر سنوات. كما لم تثن العقوبات الدولية المفروضة على إيران، روسيا عن استكمال أعمال بناء الوحدة الأولى من محطة بوشهر في العام 2011 وتسليم تشغيلها للجانب الإيراني بشكل نهائي في 2016، مع استمرار "روس آتوم" في صيانة الوحدة وتوفير الوقود النووي.

لكن من مؤشرات تعامل بعض الشركات الروسية الكبرى بحذر مع تفعيل العقوبات الأميركية ضد طهران، إعلان شركة السكك الحديدية الروسية، أخيراً، نيتها الانسحاب من مشروع مد خطوط كهرباء على مسافة 495 كيلومتراً بين مدينتي اينتشه برون وغرمسار بقيمة 1.2 مليار يورو، وذلك تجنباً لاحتمال مواجهتها عقوبات بحق الشخصيات التي تشارك في صفقات كبرى في إيران.