تحركات عسكرية "مريبة" لحفتر.. ومدن غرب ليبيا تعلن النفير

تحركات عسكرية "مريبة" لحفتر.. ومدن غرب ليبيا تعلن النفير

23 فبراير 2020
حفتر عازم على إطلاق حملة عسكرية جديدة(محمود تركي/فرانس برس)
+ الخط -
عبّر ملتقى المدن الأمازيغية بالجبل الغربي عن الاستعداد لـ"الضرب بيد من حديد لكل من يحاول زعزعة السلم والأمن في مدينتي زوارة والزاوية وكافة مدن المنطقة الغربية"، وذلك بعد إعلان بلدية زوارة الحدودية مع تونس "حالة النفير القصوى" إثر رصد أجهزة الأمن فيها تحركات عسكرية مريبة لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر بالقرب منها.

وبينما قرر الملتقى "تشكيل غرفة عمليات عسكرية يتم تحريكها عند الضرورة"، إلى جانب تشكيل وفد مشترك من البلديات الأمازيغية للتواصل مع حكومة الوفاق والجهات ذات العلاقة، بما فيها البعثة الأممية وبلديات الجوار لتأمين الإمداد العسكري الكافي، أكد، خلال بيانه، اليوم الأحد، وقوف بلديات ومناطق الجبل الغربي إلى "جانب مدينتي زوارة والزاوية ضد التهديدات والتحشيدات المستمرة لمليشيات الكرامة".

وجاء البيان بعد إعلان بلدية زوارة حالة النفير القصوى، ليل أمس السبت، و"التعبئة العامة بعد رصد أجهزة الأمن لتحركات مشبوهة وتحشيد لمليشيات حفتر".

وكانت مصادر ليبية مطلعة، قد أكدت في وقت سابق، لـ"العربي الجديد"، عزم حفتر إطلاق عمليات عسكرية جديدة غرب العاصمة طرابلس بهدف السيطرة على مدينة الزاوية، انطلاقاً من مدينتي العجيلات وصرمان غربي البلاد.

وتسيطر قوات حفتر على الجزء الأكبر من غرب البلاد باستثناء زوارة الواقعة على الحدود مع تونس، والزاوية المتاخمة لغرب العاصمة طرابلس، حيث تتوفر المنطقة الغربية على معسكرات وقواعد عسكرية هامة من أبرزها قاعدة الوطية الجوية التي تنطلق منها الطائرات الإماراتية المسيرة.

استراتيجية حفتر

وتهدف العملية، بحسب التحركات الجديدة، إلى السيطرة أيضاً على مدينة زوارة، أهم مدن الساحل الغربي، ويشرح الخبير الأمني الليبي الصيد عبد الحفيظ أهميتها بأنها تتوفر على الميناء الوحيد غربي البلاد، كما أنها تطل على المنفذ الحدودي الرابط بين طرابلس وتونس، بالإضافة لمواقع نفطية هامة منها مصفاة الزاوية لتكرير النفط ومجمع مليته للغاز.

وعلى غرار استراتيجياته السابقة، يؤكد عبد الحفيظ، لـ"العربي الجديد"، أن حفتر سيستخدم في عمليته الجديدة العامل القبلي وإثارة النعرات التاريخية القديمة، لا سيما بين القبائل العربية والأمازيغ في زوارة، بتكوين مليشيات من قبائل النوايل والمحاميد التي تمتلك تاريخاً طويلاً من الصراع مع الأمازيغ، وهي قبائل لا تزال على ولائها للنظام السابق.

وفي الزاوية، التي تمثل المنفذ الغربي للعاصمة وطوقها الآمن، يقول الخبير الأمني إن "حفتر سيلعب على ورقة عصابات تهريب الوقود والاتجار بالبشر، حيث يعتبر ساحل المدينة من أهم نقاط تهريب البحر إلى سواحل أوروبا"، لافتاً إلى أن تصريحات لقادة أوروبا، أخيراً، تطالب بفك علاقة دول أوروبية كإيطاليا بجهاز حرس السواحل الليبي ووقف دعمه على خلفية اتهامه بالتورط في تسهيل عمليات الهجرة عبر البحر، يمكن أن تكون ذريعة مناسبة لحفتر لمهاجمة المدينة.

وقد يسند تحليلات عبد الحفيط ما تحدث به مصدر عسكري بارز تابع لحكومة الوفاق، أن حفتر يحاول في خطة جديدة التحايل على قرارات مجلس الأمن لوقف إطلاق النار من خلال تكليفه لأجهزة أمنية تابعة له لتنفيذ عمليته الوشيكة.

وبيّن المصدر العسكري، في حديث خاص مع "العربي الجديد"، أن "العملية الجديدة سيحاول حفتر بأن يعلنها ليس كعملية عسكرية بل كعملية أمنية تنفذها عناصر تابعة له فارة من المدينة وبإشراف من الحكومة التابعة لمجلس النواب".

مكاسب عملية حفتر

وبينما كشف المصدر العسكري النقاب عن تكليف حكومة مجلس النواب العميد سعد بن رجب مديراً لمديرية أمن مدينة الزاوية تمهيداً لإطلاق العملية الجديدة، رأى المحلل السياسي الليبي، مروان ذويب، أن المجتمع الدولي لا يبدو أنه سيقف موقفاً حازماً من تحركات حفتر التي أعلن عنها بشكل رسمي.

لكن ذويب لفت في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن حفتر يهدف إلى حصد مكاسب أخرى بالإضافة إلى سيطرته على المدينتين اللتين تتوفران على مواقع طاقة هامة، مبيناً أن "السيطرة عليهما ستضعف من موقف الحكومة التفاوضي في أي مسار من مسارات الحل الثلاثة". وتساءل "ما تبقى لحكومة محاصرة في العاصمة وعدة مدن صغيرة مقابل طرف يسيطر على كل مهم في البلاد".

وفي محاولة لدفع مسارات الحل، أعلن المجلس الأعلى للدولة، أمس السبت، عن تعليق مشاركته في محادثات جنيف إلى حين "إحراز تقدم في المسار العسكري"، لكن ذلك غير كاف بحسب ذويب.

وذهب ذويب إلى أبعد من ذلك، بالقول إن "سيطرة حفتر على القطاع الغربي للعاصمة تعني ضميناً تغيراً وشيكاً في مواقف الدول المجاورة لليبيا غرباً، وتحديداً تونس والجزائر، خصوصاً أن الأخيرة بدأت فعلياً في الميل لحفتر"، مشيراً إلى أن السيطرة أيضاً على "مجمع مليته" للغاز تعني ورقة ضغط مباشرة على إيطاليا التي تمتلك أهم حصص الغاز الليبي من خلال شركة "إيني" التي تشغل المجمع.

ووصف ذويب مواقف حكومة الوفاق بـ"المرتبكة"، مشيراً إلى أن موقفها الذي أعلنت فيه تعليق مشاركتها في المسار العسكري كان خطوة ناجحة، لكنها عادت في اليوم التالي من دون أن تبين أسباب عودتها وتركت الأمر لسفارة دولة أجنبية، وهي السفارة الأميركية، لتعلن عودتها بالنيابة عنها.

ورغم تشاؤم ذويب من المواقف الرسمية، إلا أنه يرى في القوات على الأرض العامل الأبرز الذي غير في السابق معادلات إقليمية ودولية بشأن ليبيا، مرجحاً أن "باستطاعة قوات هذه المدن إحراز تغيير جديد إذا تمكنت من صد حملات حفتر، التي تعمل بالأساس على اختراقها من الداخل عبر وجود مؤيدين لها، أو من خلال إطلاقها مسار تفاهمات مع قبائل المناطق المجاورة التي سيستخدمها حفتر ذراعاً عسكرية في عمليته الجديدة".

المساهمون