مصدر مصري يكشف الحصص المائية وفقاً للاتفاق الأميركي

مصدر مصري يكشف الحصص المائية من النيل وفقاً للاتفاق الأميركي

22 فبراير 2020
ستمرر إثيوبيا 37 مليار متر مكعب لمصر(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

أعلن مصدر مصري رفيع المستوى، مُطلع على مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، التي استضافتها العاصمة الأميركية واشنطن أخيراً، برعاية وزارة الخزانة الأميركية والبنك الدولي، أن القاهرة تمسكت برفضها تضمين حصة ثابتة لأديس أبابا من مياه النيل، يكون هناك إلزام بالحصول عليها من الإيراد السنوي للنهر. وأضاف أن منبع الرفض المصري لتلك الجزئية يكمن في أن المساس ببعض الأمور قد ينسف أصل اتفاقية 1959، التي تستند إليها مصر في مطالبتها بحقوقها المائية باعتبارها دولة مصب، لها حصة ضمن تلك الاتفاقية الثابتة بقوة القانون الدولي.

وأوضح المصدر، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن الجانب الأميركي بعث بمسودة الاتفاق الأولية، التي أشرف على صياغتها، للدول الثلاث للاطلاع عليها وإبداء الرأي بشأنها. وكشف أن الاتفاق، الذي صاغته الإدارة الأميركية، بالشراكة مع البنك الدولي، تضمن تمرير إثيوبيا 37 مليار متر مكعب من المياه في حالة الجفاف، على ألا يقل انخفاضها عن 30 مليار متر مكعب، مع الوضع في الاعتبار فائض الحصة السودانية التي تصل إلى مصر، في ظل عدم استغلال الخرطوم لها، بما سيزيد حجم ما يصل لمصر بنحو 5 مليارات متر مكعب إضافية، بشكل يخفف من التأثيرات السلبية. وأشار المصدر إلى أن السودان خلال المشاورات لم يعلن تنازله عن حصته، لكن المفاوض السوداني أبدى مرونة في التعامل مع الأزمة، مؤكداً أنه بالأساس هناك فائض عن الاحتياج السوداني وسيكون متاحاً استغلاله في التعامل مع الآثار السلبية التي قد تتعرض لها مصر، لحين قيام السودان ببناء مرافق وبنية تحتية تمكنها من استغلال تلك الفوائض.

وأوضح المصدر أن الأمر لا يزال محل نقاش داخل المؤسسات المسؤولة في الدول الثلاث. وقال إن "الخرطوم حسمت أمرها وتستعد للتوقيع على الاتفاق، حال وافقت أديس أبابا والقاهرة، فيما لا تزال هناك ممانعة إثيوبية". وأضاف "الأمر ليس فقط هو اعتراض أو عدم موافقة إثيوبيا، فالتسمية الصحيحة هي الممانعة، حيث تبذل أديس أبابا جهوداً واسعة لتعطيل الاتفاق الذي لا ترضى عن كثير من نقاطه المتعلقة بالحصص". وأكد المصدر أن القاهرة في المقابل "دونت بعض الملاحظات على مسودة الاتفاق المُرسل من واشنطن، بشأن آلية المراقبة والمتابعة لفترة ملء السد"، موضحاً أن الجزء الخاص بذلك لا يتضمن إلزاماً لأديس أبابا، مشيراً، في الوقت ذاته، إلى أن القاهرة أعلنت قبولها بوجود مراقبين من الولايات المتحدة والبنك للدولي للإشراف الدائم على عملية الملء والتشغيل لضمان التزام الجانب الإثيوبي بتمرير الكميات المتفق عليها، بالإضافة إلى الوقوف على حجم الإيراد الحقيقي للنهر، والذي سيتم على أساسه تمرير الكميات المتفق عليها.




واختتمت قبل أيام مفاوضات سد النهضة، التي احتضنتها العاصمة الأميركية على مدار يومين، بحضور وزراء الخارجية والري بالدول الثلاث، ورعاية وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، وممثلي البنك الدولي. ووفق نتائج الجولة الأخيرة، تم الاتفاق على أن يشارك الجانب الأميركي، مع البنك الدولي، في بلورة الاتفاق في صورته النهائية، وعرضه على الدول الثلاث في غضون أيام، للانتهاء منه وتوقيعه قبل نهاية فبراير/ شباط الحالي.

يذكر أن اتفاقية 1959، التي وقعت بين القاهرة والخرطوم، جاءت مكملة لاتفاقية عام 1929، وليست لاغية لها، حيث تشمل الضبط الكامل لمياه النيل الواصلة لكل من مصر والسودان في ظل المتغيرات الجديدة التي ظهرت على الساحة آنذاك، والرغبة في إنشاء السد العالي ومشاريع أعالي النيل لزيادة إيراد النهر وإقامة عدد من الخزانات في أسوان.

وتضم اتفاقية الانتفاع الكامل بمياه النيل عدداً من البنود، من أهمها احتفاظ مصر بحقها المكتسب من مياه النيل وقدره 48 مليار متر مكعب سنوياً، وكذلك حق السودان المقدر بثمانية مليارات متر مكعب سنوياً. كما تتضمن موافقة الدولتين على قيام القاهرة بإنشاء السد العالي وقيام الخرطوم بإنشاء خزان الروصيرص على النيل الأزرق، وما تستتبعه من أعمال تلزم السودان لاستغلال حصته. تجدر الإشارة إلى أنه تم توقيع اتفاقية تقاسم مياه النيل بين مصر والسودان في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 1959، وهي اتفاقية ثنائية مكملة لاتفاقية 1929، وليست لاغية لها، حيث وافق فيها الطرفان على إنشاء السد العالي بمصر وخزان الروصيرص بالسودان. واتفق الطرفان أيضاً على اقتسام مياه النيل الواصلة إلى أسوان المقدرة وقتها بـ48 مليار متر مكعب، بعد اقتطاع فاقد التبخر في السد العالي والمقدر بعشرة مليارات متر مكعب، والحقوق المكتسبة للبلدين (52 مليار متر مكعب، 48 مليار متر مكعب لمصر و4 مليارات متر مكعب للسودان)، بنسبة 7.5 مليارات متر مكعب لمصر و14.5 مليار متر مكعب للسودان، ليصبح نصيب مصر 55.5 مليار متر مكعب والسودان 18.5 مليار متر مكعب.


كما تنص على قيام السودان بالاتفاق مع مصر على إنشاء مشاريع لزيادة إيراد النهر بهدف استغلال المياه الضائعة في بحر الجبل وبحر الزراف وبحر الغزال وفروعه ونهر السوباط وفروعه وحوض النيل الأبيض، على أن يتم توزيع الفائدة المائية والكلفة المالية الخاصة بتلك المشاريع مناصفة بين الدولتين، إضافة إلى إنشاء هيئة فنية دائمة مشتركة لمياه النيل بين مصر والسودان.