العراق: علاوي في محاولة أخيرة لضمان حكومة توافقية

العراق: علاوي في محاولة أخيرة لضمان حكومة توافقية

21 فبراير 2020
يستعد العراقيون لتظاهرت جديدة اليوم الجمعة (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من دعوة رئيس الوزراء العراقي المكلف محمد توفيق علاوي البرلمان للانعقاد، يوم الاثنين المقبل، للتصويت على حكومته الجديدة، إلا أن مسؤولين وقيادات سياسية في البلاد أكدوا لـ"العربي الجديد"، أن اجتماعات علاوي مستمرة مع قادة القوى السياسية المتحفظة على منح حكومته الثقة، بغية جعلها حكومة توافقية أكثر من كونها حكومة أغلبية برلمانية، علماً أن علاوي نجح حتى الآن في الحصول على الأصوات اللازمة لتمرير حكومته، حتى وإن استمر تحالف القوى العراقية والأكراد في التمسك بشروطهم مقابل التصويت له. يأتي ذلك في ظل استعداد ساحات وميادين التظاهرات العراقية لتحشيد مليونية جديدة خلال الساعات المقبلة من اليوم، الجمعة، للتأكيد على رفض منح الثقة لعلاوي كرئيس للوزراء.

وصباح أمس، الخميس، تسلّم علاوي للمرة الأولى جملة من الشروط والمطالب التي قدمها تحالف القوى العراقية في مقابل الموافقة على منحه الثقة، من بينها أن يضمن رئيس الحكومة المكلّف موعداً محدداً للانتخابات المبكرة في برنامجه الحكومي، فضلاً عن إضافة فقرة إعادة النازحين إلى مدنهم، خصوصاً في جرف الصخر ويثرب والعويسات وسنجار وباقي المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة وتمنع أهلها من العودة إليها، إضافة إلى الالتزام بإعادة إعمار المدن المدمّرة والكشف عن مصير المختطفين من أبنائها، والتحقيق في انتهاكات ارتُكبت في المحافظات المحررة من سيطرة تنظيم "داعش". وهي ذاتها الشروط التي دوّنها التحالف نفسه في مشاورات تشكيل حكومة عادل عبد المهدي السابقة ولم يُنفّذ منها شيء. كما أن قسماً منها موجود في وثيقة مطلبية منذ حكومة حيدر العبادي أيضاً، ما اعتُبر أن تلك الشروط ليست موجهة لعلاوي أو للكتل السياسية الداعمة له، بقدر ما هي موجّهة لجمهور المحافظات الشمالية والغربية التي يقدم تحالف القوى العراقية نفسه ممثلاً عنها، في سياق محاولات مختلف الأحزاب والكتل التمسك بقواعدها بعد تراجع أسهمها في الشارع.

في هذا الإطار، قال قيادي بارز في تحالف "الفتح" البرلماني لـ"العربي الجديد"، إن "المخاوف من عدم اكتمال النصاب في جلسة الاثنين باتت بعيدة اليوم، فهناك نحو 200 عضو جاهز للتصويت على حكومة علاوي"، مؤكداً أن الأخير حصل على دعم عدة كتل سنية وكردية وهناك قوى ما زال يتفاوض معها، لأن علاوي يرغب بألا تكون حكومته حكومة ليّ أذرع أو حكومة أغلبية برلمانية، بل يخطط لكي تكون حكومة توافقية. ولفت القيادي إلى أن شروط تحالف القوى كثيرة وتحتاج إلى أربع سنوات، وفي الوقت عينه تتحدث تلك القوى عن تحديد موعد لإجراء انتخابات نيابية مبكرة خلال عامٍ على الأكثر، لكن المفاوضات مستمرة، ومن المقرر أن تعقد، مساء اليوم الجمعة، جولة مباحثات جديدة بين علاوي وممثلين عن الكتل الرافضة. وكشف القيادي في تحالف "الفتح" أن نقطة إصرار تلك الكتل تتمحور حول أن تكون تسمية مرشحي الوزارات من خلالهم.



من جانبه، قال القيادي في تحالف القوى العراقية النائب عبد الله الخربيط، لـ"العربي الجديد"، إن "القوى السياسية العربية السنية لغاية الآن لم تتفق بشكل نهائي على التصويت من عدمه لعلاوي وحكومته، وهذا الأمر يتعلق بنتائج الحوارات المتواصلة". وأبدى رغبته في "تمرير الحكومة الجديدة بشكل توافقي بين الجميع وليس بفرض رأي سياسي على رأي آخر، ونحن مطالبنا واضحة، وهي ذاتها التي نطالب بها منذ عام 2014، ولغاية الساعة، من دون أن يحققها أي رئيس وزراء حكم العراق طيلة السنوات الماضية".

وعدّد المطالب مشيراً إلى ضرورة "منح علاوي ضمانات على إعادة كافة النازحين، وكشف مصير المغيبين من أبناء المناطق المحرّرة، وحسم ملف التعويضات لذوي المنازل المدمّرة في المناطق المحررة، وكذلك إعطاء موعد صريح للانتخابات المبكرة يكون ملزم التطبيق. وفي حال قدم ما يضمن هذه النقاط، سنصوّت له من دون النظر إلى الوزراء، لكن بخلاف ذلك لا يمكن القبول بتمريره".

في المقابل، اعتبر النائب عن كتلة "صادقون" البرلمانية محمد البلداوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الرأي الحالي يكمن في أهمية تمرير الحكومة الجديدة بشكل توافقي، رغم قدرتها على الحصول على الأغلبية البرلمانية المطلقة، لكن الحكومة تريد مشاركة القوى السياسية السنية والكردية في دعمها". ورأى أن "إصرار بعض القوى السياسية على عرقلة تمرير الحكومة الجديدة سيُجبر القوى السياسية الأخرى على تمرير الحكومة بالأغلبية". وأشارت مصادر مطّلعة لـ"العربي الجديد"، إلى أن عبد المهدي سيعقد، يوم غد السبت، اجتماعاً هو الأخير مع طاقمه الحكومي والإداري في مكتبه، مع صرف مكافآت لكل العاملين، في إشارة إلى أن الأجواء العامة داخل المنطقة الخضراء تتجه لمنح علاوي الثقة يوم الاثنين المقبل.

ورأى المحلل محمد التميمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن مفاوضات علاوي مع تحالف القوى تهدف بالدرجة الأولى لإزالة الخلاف بينه وبين رئيس البرلمان الذي يمثل أعلى سلطة تشريعية في البلاد، في إشارة إلى رئيس البرلمان، زعيم تحالف القوى، محمد الحلبوسي. وذكر أن "عدم تصويت كتل سياسية كبيرة تمثل مكونات كبيرة ورئيسية، قد يدفع بعض الدول الإقليمية وحتى الدولية، إلى عدم دعم الحكومة الجديدة بشكل قوي، على اعتبار أنها لا تمثل كل العراقيين. لهذا يريد علاوي إقناع مختلف القوى السياسية بدعمه، رغم تمكنه من جمع أغلبية برلمانية". وأضاف أنه "من غير المستبعد أن تكون هناك تدخلات من بعض الأطراف الدولية لإقناع القوى السياسية العربية السنية والكردية بدعم علاوي خلال الفترة المقبلة، فهذا الطرح حالياً مطروح بقوة، ويمكن أن يكون آخر الحلول لجعل حكومة علاوي حكومة توافقية، لا حكومة لي أذرع".