حفتر يسعى لاستئناف القتال بغطاء روسي... واستمرار التحشيد العسكري

حفتر يسعى لاستئناف هجوم طرابلس بغطاء روسي... واستمرار التحشيد العسكري

20 فبراير 2020
وزير الدفاع الروسي يلتقي حفتر (الأناضول)
+ الخط -
أثارت الزيارة المباغتة للواء المتقاعد خليفة حفتر للعاصمة الروسية موسكو، أمس الأربعاء، العديد من التساؤلات عن أهدافها، في وقت يحشد فيه حفتر قواته بمحيط طرابلس.

وفيما ذكر المتحدث باسم حفتر، أحمد المسماري، أن مواصلة القتال من ضمن أسباب زيارة حفتر لموسكو، أكد برلماني قريب في دوائر صنع القرار المحيط بحفتر لــ"العربي الجديد"، أن حفتر "يناقش في موسكو إمكانية حصوله على غطاء سياسي لاستئناف القتال".  

وأشار البرلماني أيضاً إلى بحث مسألة اعتراض المجتمع الدولي على اختراقه لقرار مجلس الأمن الأخير بشأن وقف إطلاق النار، ولا سيما أن موسكو هي الدولة الوحيدة التي جاهرت بمعارضة القرار وخرجت عن الإجماع حول صدوره.

وأوضح المسماري، في مؤتمر صحافي ليلة الأربعاء، أن حفتر "وصل إلى موسكو لعقد مباحثات مع المسؤولين حول تسوية الأزمة الليبية سياسياً"، لكنه استدرك بالقول إنه "لا سلام واستقرار ولا سيادة بوجود الإرهاب وقوات أجنبية في ليبيا، والأزمة طالت ويجب أن تنتهي بوقت سريع"، مضيفاً: "ولا حل لها إلا عسكرياً".

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن وزير الدفاع سيرغي شويغو، التقى يوم أمس الأربعاء بحفتر في العاصمة موسكو لــ"بحث الوضع الليبي".

وأوضح بيان الوزارة أنهما "اتفقا على أهمية المباحثات الروسية التي عُقدت في الثالث عشر من شهر يناير/كانون الثاني الماضي، لتسوية الملف الليبي، وعدم وجود بديل للطرق السياسية لإنهاء الأزمة وعودة الاستقرار في كل ليبيا".

ولا يشير البيان إلى أن حفتر حصل على ما يسعى إليه من الجانب الروسي، لكن الباحث الليبي في العلاقات الدولية، مصطفى البرق، يرجّح أن حفتر كان يسعى لترميم علاقته المتوترة مع موسكو بعد إحراجه لها إثر مغادرته لموسكو في 16 يناير/كانون الثاني الماضي دون أن يستجيب لمساعيها في التوسط بينه وبين حكومة الوفاق لوقف إطلاق النار وأفشل مساعي روسيا لقطع الطريق أمام عقد قمة برلين وقتها.

وأوضح البرق لــ"العربي الجديد" أن "حلفاء حفتر، وعلى رأسهم الإمارات، لم يعد بمقدورهم دعم حفتر سياسياً بعد إجماع الدول الكبرى في مجلس الأمن على وقف إطلاق النار، ويجب عليه البحث عن شريك قوي كروسيا لدعمه سياسياً والاستفادة من موقفها في مجلس الأمن الرافض لصدور القرار".

ويبدو أن استثمار العلاقة المتوترة بين روسيا وتركيا كانت سبيلاً آخر لوصول حفتر إلى مساعيه، إذ مزج المسماري، في مؤتمره الصحافي، بين حديثه عن زيارة حفتر لموسكو ومزاعمه عن قصف سفينة تركية محمّلة بالأسلحة في ميناء طرابلس.

وشكل الوجود التركي إلى جانب حكومة الوفاق، كما يبدو، رادعاً كبيراً لتحقيق حفتر لمشروعه العسكري، فمنذ دخول الاتفاق الأمني بين تركيا وحكومة الوفاق، تراجع تقدم حفتر وعملياته العسكرية بشكل كبير، وحتى حادثة قصف ميناء طرابلس تباينت الروايات الرسمية من جانب حفتر، ما حدا حكومة الوفاق إلى إيضاح طبيعة الهدف.

فبينما قالت القيادة العامة لقوات حفتر إن القصف استهدف "مستودع أسلحة تركية في الميناء"، قال المسماري، ليلة أمس، إن القصف استهدف "سفينة تركية محملة بالأسلحة والذخيرة"، ليتبين أن الهدف كان "باخرة أغنام وفيها حيوانات أخرى وبعض المستلزمات الطبية، علاوةً على بعض السلع"، بحسب تصريحات رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فايز السراج لتلفزيون محلي ليبي ليلة أمس.

ولم تعلن تركيا قصف سفينة تابعة لها في الميناء، لكن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أكد، خلال تصريحات له أمس الأربعاء، استمرار دعمه لحكومة الوفاق حتى بسط سيطرتها على كامل البلاد.

التحشيد العسكري جنوب طرابلس 


وبشأن التحشيد العسكري من جانب حفتر في محاور جنوب طرابلس وحول مدينة الزاوية غرب طرابلس، يرى الناشط السياسي، عقيلة الأطرش، أن التحشيد يهدف إلى استفزاز حكومة الوفاق وجرّها لخرق قرار مجلس الأمن، لإيجاد ذرائع لحفتر لاستئناف معاركه، مؤكداً أن القرار الدولي بدأ يقوض مساعي حلفاء حفتر ولم يعد بإمكانهم تجاوزه.

وعن إمكانية استفادة حفتر من الموقف الروسي تجاه الأزمة الليبية، نفى الأطرش في حديثه لــ"العربي الجديد" انحياز موسكو مجدداً إلى حفتر بشكل كلي، معتبراً أن زيارة حفتر لموسكو مباشرةً بعد لقائه السفير الأميركي، محاولة للاستفادة من المتناقضات الدولية ولتغيير الصورة النمطية التي تنظر من خلالها موسكو إلى حفتر، لكونه الرجل الذي عاش عشرين عاماً في فرجينيا الأميركية، بعد فراره من القذافي، مقرباً من دوائر الاستخبارات هناك.
وأكد الأطرش أن روسيا، وإن كانت لا تزال تحتفظ بمقاتلي فاغنر، إلا أن علاقة حفتر بها باتت مهزوزة، وأنها لا تهدف إلى تمكينه من حكم ليبيا عسكرياً.

ويشير إلى وجود أهداف أخرى لتحركات حفتر العسكرية الحالية حول طرابلس، منها مهادنة حلفائه المحليين الذين يشكلون جزءاً كبيراً من قواته حول طرابلس، مثل أنصار النظام السابق الذين يرفضون السلام ويطالبون بمواصلة القتال وبعث رسائل إليهم يمكن أن تفيد في طمأنتهم إلى أنه لا يزال يتمسك بهدفه العسكري. 

المساهمون