السراج: الدعم التركي للحكومة في طرابلس قلب المعادلة الاستراتيجية

السراج: الدعم التركي للحكومة في طرابلس قلب المعادلة الاستراتيجية

17 فبراير 2020
شكّك السراج بنية حفتر الدخول بمباحثات سلام(محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
نقلت صحيفة "ذا تايمز" البريطانية، الأحد، عن رئيس حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دولياً فايز السراج، حديثه عن انقلاب مسار المعارك في ليبيا لصالح الحكومة بعد التدخل التركي. وتشير الصحيفة في المقابلة التي أجرتها مع السراج في العاصمة الليبية، إلى أن الدعم التركي للحكومة في طرابلس قلب المعادلة الاستراتيجية، وخصوصاً بعد الاتفاقيات التي زوّدت تركيا بموجبها حكومته بالمقاتلين والعتاد الحربي المتقدم.
إلا أنّ السراج اشتكى من الأذى الذي يسبّبه الحصار المفروض على صادرات النفط. وكان الحصار الذي تطبقه القوى المتحالفة مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر على صادرات النفط، قد دفع البلاد إلى حافة الانهيار، حيث أدى إلى تراجع صادرات النفط بنحو مليون برميل يومياً، مما دفع حكومة السراج المعترف بها دولياً إلى اللجوء إلى احتياطي النقد لتغطية العجز في الميزانية.
وقال السراج في المقابلة: "إن المجتمع الدولي، الذي يدعو إلى الاستقرار في ليبيا، لم يقم بأي أمر واضح للتعامل مع هذا الإغلاق. إنه مصدر عيش الليبيين: النفط هو مصدر دخل الليبيين. والآن يلجأ المصرف المركزي إلى توفير الميزانية من احتياطي النقد".
وكان الحصار البحري قد بدأ عندما قامت مليشيات حفتر، التي تسعى للهيمنة على طرابلس، بالسيطرة على الموانئ وحقول النفط، مما أوقف الصادرات. ووفقاً لشركة النفط الوطني المملوكة للدولة، فقد تراجع إنتاج النفط من 1.2 مليون برميل يومياً إلى أقل من 164 ألفاً.
ويؤكد السراج للصحيفة البريطانية، أن بلاده تواجه أزمة مالية نتيجة لذلك، فالحصار قد تسبب بأزمة وقود في البلاد انعكست على حركة السيارات وتوفير الكهرباء. وتشير الصحيفة إلى أن حصار حفتر يتسبب بنزيف قدره 1.4 مليار دولار لليبيا، منذ أن بدأ في 18 يناير/ كانون الثاني.

وكان مجرى الحرب في ليبيا قد انقلب العام الماضي، بعد تقدم لمليشيات حفتر منذ إبريل/ نيسان، وصولاً إلى توقيع حكومة السراج اتفاق تعاون عسكري مع تركيا في نوفمبر/ تشرين الثاني. ويقول السراج: "لم يتمكن حفتر من دخول مركز طرابلس منذ ذلك الحين، ولن ينجح الآن".
وكان المستشارون العسكريون الأتراك قد دخلوا المدينة جالبين معهم أسلحة مضادة للطائرات، وأنظمة طائرات مسيّرة عن بعد، إضافة إلى عربات مسلحة. كما جلبت شركة تركية ألفين من المرتزقة من سورية لتعزيز دفاعات الحكومة الوطنية.

وتشير الصحيفة إلى أن الخطوة التركية أوقفت زحف حفتر، والذي تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن صفوف قواته تشمل 3 آلاف من المرتزقة السودانيين والتشاديين، إضافة إلى بضع مئات من المرتزقة الموالين لموسكو من شرق أوكرانيا. وتضيف الصحيفة أن الإمارات تدعم حفتر بالمستشارين والطائرات المسيّرة عن بعد، بينما تأتي الأسلحة والمعدات اللوجستية من مصر والأردن. كما يقاتل إلى جانب حفتر عدد من المرتزقة السوريين الموالين لنظام الأسد.
وأعرب السراج في المقابلة، عن إحباطه من "المعايير المزدوجة" للمجتمع الدولي، والتي تسمح لحفتر بحصار النفط من دون ردّ، وتسمح له باستيراد الأسلحة من الخارج على الرغم من حظر استيراد السلاح المفروض منذ 9 سنوات. وسأل: "هل موسكو عاجزة عن وقف تدفق المرتزقة الروس إلى حفتر؟ هناك طائرات إماراتية تحوم في الأجواء الليبية. وجدنا أسلحة لدى حفتر يزودها الجانب الفرنسي. هذه حقائق واضحة، وليست تخمينات أو توقعات".
وإذ أصرّ السراج على أن الاتفاقية التي أبرمتها حكومته مع تركيا تأتي رداً على تدفق الدعم العسكري لقوات حفتر، قال: "نعم يوجد سوريون هنا. لكن التركيز على وجودهم يجب ألا يتم بينما نتجاهل الدعم المتدفق على الجانب الآخر. فهناك المرتزقة القادمون من المجموعات المعارضة في السودان وتشاد، والأسلحة القادمة من كل مكان لهم خلال السنوات الأربع الماضية".

ويتوقع الدبلوماسيون الغربيون أن تتمكن قوات السراج قريباً من دفع مليشيات حفتر بعيداً عن ضواحي طرابلس، على الرغم من أنه قد يتوجه بعد ذلك للدعوة للحوار، بدلاً من إطلاق هجوم خاص به، وإن كانت لديه شكوك حول نية حفتر الدخول في مباحثات سلام.
ويقول لـ"ذا تايمز": "يستخدم حفتر حصار النفط كوسيلة أخرى للوصول إلى أهدافه. لم يكن جدياً أبداً في الطريق السياسي. يريد كسب المزيد من الوقت ليظهر للمجتمع الدولي أنه يرغب بالحل السياسي، بينما جل ما يؤمن به هو أن الحلّ العسكري في ليبيا هو الحلّ الوحيد".