"الوفاق" لن تقدم مقترحات بجنيف قبل انسحاب قوات حفتر

حكومة "الوفاق" لن تقدم مقترحات جديدة بمحادثات جنيف قبل انسحاب قوات حفتر

16 فبراير 2020
ضبابية ترافق مسارات الحل الليبي (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
ينتظر أن تستأنف اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) حول ليبيا أعمالها ضمن الجولة الثانية، الثلاثاء المقبل، في العاصمة السويسرية جنيف، في وقت أكد فيه رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق أنه "ستبدأ جولة أخرى ستكون حاسمة ضد استمرار التجاوزات".

ويأتي استئناف المحادثات العسكرية بحسب الموعد المقرر من البعثة إثر إعلانها إنهاء الجولة السبت قبل الماضي، وسط مخاوف دولية من استئناف اللواء المتقاعد خليفة حفتر القتال في محاور جنوب طرابلس وشرقي مصراته، تزامناً مع استمرار تدفق السلاح والمقاتلين إلى قواعده ومقاره العسكرية، ما قد يؤثر بشكل آخر في مسار الحوار السياسي المقرر عقد أولى جلساته في 26 من الشهر الجاري، إذ لا يزال مجلس النواب المجتمع في طبرق يماطل بشأن اختيار ممثليه الـ13 في لجنة الأربعين السياسية.

تحركات دبلوماسية

وفي مستجدات كواليس استعدادات حكومة الوفاق، قال مصدر دبلوماسي ليبي مطلع إن ممثلي الحكومة العسكريين لن يبادروا بتقديم أي مقترح جديد في الجولة المقبلة كما حدث في الجولة الماضية، مشيراً إلى أن الوفد الحكومي العسكري سيكتفي بالإصرار على مطلب انسحاب قوات حفتر من أحياء جنوب العاصمة كشرط أول لاستمرار المحادثات.

وأكد الدبلوماسي، الذي تحدث لــ"العربي الجديد"، أن "الحكومة أبلغت جهات دولية على صلة بمسارات برلين الثلاثة أن استمرارها متوقف على توصل المحادثات العسكرية المقبلة إلى نتائج نهائية ومحددة بشأن انسحاب قوات حفتر من جنوب طرابلس بشكل نهائي"، لافتاً إلى أن الحكومة تنازلت عن شرط عودة قوات حفتر إلى مواقعها ما قبل يوم 4 إبريل/ نيسان في هذه المرحلة، مقابل أن تنسحب إلى مواقع خارج طرابلس، في وقت كثفت فيه الاتصالات الدبلوماسية مع عدة دول تقدم الدعم لحفتر، من بينها فرنسا وروسيا، وتحاول فتح خط للتواصل الدبلوماسي مع مصر.

وبينما ينتظر أن يجري وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم زيارة قريبة لطرابلس، تلقى وزير الداخلية بحكومة الوفاق، فتحي باشاغا، الذي كثف من لقاءاته مع سفراء الدول الكبرى لدى ليبيا أخيراً، دعوة من فرنسا لزيارتها، بحسب موقع السفارة الفرنسية في ليبيا.

ولمّح السراج، خلال خطابه الذي وجهه إلى الليبيين بمناسبة الذكرى التاسعة لثورة 17 فبراير، مساء أمس، إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية لحكومته بالقول: "نتواصل مع الدول كافة، رغم علمنا باصطفاف بعضها إلى جانب الطرف الآخر، ونحاول إفهام هذه الدول أن مواقفها ستكسبها عداوة الشعب الليبي"، مبيناً أن حكومته "أبلغت هذه الدول أنّ مصالحها يمكن تحقيقها بالتعامل مع حكومة الوفاق بطرق نظامية".

وكانت البعثة الأممية قد أعلنت، السبت قبل الماضي، عدم توصل طرفي المحادثات العسكرية في جنيف إلى "تفاهم كامل" بشأن عودة الحياة إلى شكلها الطبيعي في أحياء جنوب طرابلس، التي تُعَدّ مسرحاً للقتال، واقترحت أن تلتئم جولة ثانية بين طرفي المحادثات في 18 فبراير/ شباط الحالي، لكن رئيس اللجنة العسكرية الممثلة لحكومة الوفاق في المحادثات، اللواء أحمد أبوشحمة، أكد، في تصريحات سابقة، أن ممثلي حفتر لم يوافقوا على مقترح قدمته لجنته للبعثة يقضي بـ"فك اشتباك القوات وعودة المواطنين النازحين والمهجرين، ووقف نزف الدم بين الليبيين"، مضيفاً: "وعليه لم تحصل الموافقة والتوقيع من طرفنا".

واعتبر المحلل السياسي الليبي سعيد الجواشي موقف حكومة الوفاق وممثليها متوقعاً، مشيراً إلى أن "الأجواء التي خيمت على المحادثات لم تكن إيجابية منذ البداية، فخلال خمسة أيام كانت المحادثات تجري بشكل منفصل ولم يلتق الطرفان للتفاوض مباشرةً".

وبينما اعتبر الباحث الليبي في العلاقات الدولية مصطفى البرق إصدار مجلس الأمن لقرار بوقف إطلاق النار، الأربعاء الماضي، كان الهدف منه دعم الجولة الثانية من المحادثات العسكرية المقبلة، وقال إن "القرار تأثر بالمعارضة الروسية، وبقي فضفاضاً دون أن يوضح آليات لتنفيذه"، مشيراً إلى أنه نص على "التشديد على حظر توريد الأسلحة وحظر السفر وتجميد الأصول، والإجراءات المتعلقة بصادرات النفط غير المشروعة"، من خلال "تمديد ولاية فريق الخبراء المعني بالعقوبات على ليبيا حتى 15 مايو/ أيار 2021".

ولا يعتقد الجواشي، في حديثه لــ"العربي الجديد"، أن تكون الجولة المقبلة في جنيف "حاسمة" كما عبّر السراج، ولكنه قال: "يمكن أن يكون إصرار وفد الحكومة على مطلب الانسحاب من جنوب طرابلس ضاغطاً على مجلس النواب لتشكيل وفده السياسي أو للقبول بمطالب معينة في المفاوضات الاقتصادية، التي لا تزال غامضة حتى الآن"، معتبراً أن "تحذيرات المجتمع الدولي من استئناف القتال تعني استمرار قناعة المجتمع الدولي بأن الكلمة الفصل لا تزال للميدان، رغم برلين وقرارات مجلس الأمن".

سجال تركي روسي

وفي وقت يدلل فيه الجواشي على صحة رأيه بعودة السجال والاتهامات بين تركيا التي تقف إلى جانب حكومة الوفاق، وروسيا التي تدعم حفتر، يعتبر البرق أن "ذهاب الحكومة إلى خيار التأثير الدبلوماسي بمواقف الدول الداعمة لحفتر قد يعكس ذلك، وأنها تستبق شيئاً وشيك الحدوث وتحاول إيقافه".

واتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان روسيا بأنها تدير النزاع في ليبيا "على أعلى مستوى"، بواسطة "شركة الفاغنر"، رغم أن الروس ما زالوا ينفون علاقتهم بدعم حفتر، لكن المبعوث الشخصي للرئيس الروسي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، وصف تصريحات أردوغان بــ"المزاعم"، واكتفى بالقول: "هذا لا يتسق مع الواقع وحقيقة الوضع"، دون أن يتحدث عن حقيقة وجود مرتزقة شركة "الفاغنر".

الإحجام الأميركي

وتعليقاً على الاستياء الذي بدا في حديث نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، أحمد امعيتيق، لصحيفة "واشنطن تايمز" الجمعة قبل رجوعه من زيارة رسمية لواشنطن، من غياب "الدعم الأميركي لحكومة الوفاق"، وأن "إدارة ترامب كانت بطيئة في الاستجابة، مفضلة بدلاً من ذلك أن تبقى بعيدة عن النزاع الفوضوي في ليبيا"، يؤكد البرق أن "واشنطن لا تقترب من الملف الليبي إلا بقدر اقتراب موسكو، فالأخيرة لم تتدخل بالشكل الكافي لترجيح كفة حفتر، واكتفت ببعض مرتزقة شركة أمنية فقط، دلالة على أنها لا تراهن عليه في الوصول إلى أهدافها، لكنه الرجل الوحيد الموجود في الساحة، وعليها التعامل معه من خلال بوابة الإمارات"، بحسب البرق.

ومن هذه الزاوية، أي الإمارات، يحدد البرق مكمن الخطر الذي يهدد الأوضاع في البلاد، فـ"أبوظبي انفردت بقرار استمرار دعمها لحفتر عسكرياً، رغم تراجع نسبي في مواقف دول أخرى مثل فرنسا ومصر"، ولذا فإن "قول السراج إن الحكومة ستركز على المسار العسكري والأمني، لأنه يقضي بوقف دائم لإطلاق النار، ودونه يبقى الحديث عن باقي المسارات نوعاً من العبث، خطوة في الطريق الصحيح".

واعتبر أن "رسالة السراج أمس كانت واضحة بأن حفتر وداعميه يحاولون كسب الوقت، وأن قوات الحكومة تتخذ التدابير اللازمة، وأنها لن يسمح للمعتدي بدخول العاصمة أو أي مدينة أخرى".