العراق: رشقات الكاتيوشا تعيد خطاب التصعيد ضد القوات الأميركية

رشقات الكاتيوشا الليلية في العراق: عودة لخطاب التصعيد ضد القوات الأميركية

16 فبراير 2020
قصف طاول قاعدة عسكرية تستضيف قوات أميركية (فرانس برس)
+ الخط -
شهدت الأيام الأخيرة عودة لافتة لتهديدات قادة مليشيات مسلحة مقربة من إيران للقوات الأميركية في العراق، بالتزامن مع معاودة القصف الصاروخي بواسطة الكاتيوشا، حيث استهدفت ثلاثة صواريخ فجر اليوم الأحد المنطقة الخضراء، وقع أحدها على مقربة من السفارة الأميركية، وذلك بعد يوم واحد من قصف مماثل طاول قاعدة عسكرية عراقية تستضيف قوات أميركية بمحافظة كركوك شمالي البلاد.

وبينما يؤكد زعماء فصائل مسلحة وقيادات عراقية معروفة بقربها من إيران أن خروج الأميركيين أصبح "ضرورة لا بد منها"، يرى قادة كتل سياسية ومراقبون وخبراء في القانون أن السبل الدبلوماسية والقانونية هي الحل الأمثل لتجاوز هذه الإشكالية، التي تعد واحدة من أهم التحديات التي ستواجه حكومة محمد توفيق علاوي في حال نالت ثقة البرلمان.

وأقرّت خلية الإعلام الأمني الحكومية، اليوم الأحد، بسقوط ثلاثة صواريخ كاتيوشا داخل المنطقة الخضراء، قالت إنها لم تسفر عن أي خسائر.

تهديدات

وأطلق زعيم مليشيا "النجباء" أكرم الكعبي تهديدات جديدة ضد المصالح الأميركية في العراق، معتبراً أن "العد التنازلي لساعة صفر الانتقام من الأميركيين قد بدأ".

وأشار الكعبي، في كلمة له بالعاصمة الإيرانية طهران، ضمن مؤتمر بمناسبة مرور أربعين يوماً على اغتيال الولايات المتحدة لزعيم "فيلق القدس" قاسم سليماني، والقائد بـ"الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، مساء أمس الجمعة، إلى ما وصفه بـ"حتمية الرد العسكري للمقاومة العراقية على المحتل الأميركي"، الذي أوضح أنه "سيكون استنزافياً ومفاجئاً".

وأشاد بدور إيران وسليماني في دعم العراق، مضيفاً أن "أقل الوفاء والثأر من الجريمة الأميركية الجبانة في استهداف القادة الشهداء هو تطهير المنطقة من الوجود الأميركي المشؤوم بشكل كامل"، وتابع "قد اتخذنا قراراً بأن نحقق توازن الرعب ونطردهم من أرضنا".

وبيّن الكعبي أن ما أسماها "فصائل المقاومة" تجهزت لـ"حرب استنزاف بعمليات نوعية ستقلب الموازين على الأميركيين بالعراق"، موضحاً أن "الحرب ستبدأ من طرف واحد، وأن القوات الاميركية لن تجد أهدافاً لتضربها"، لافتاً إلى "امتلاك الجهوزية الهجومية من خلال رصد كل تحركات العدو البرية في قواعد عين الأسد، وكي وان، والتاجي، والمطار (التيِ تستضيف قوات اميركية)، وغيرها، وكذلك حركته الجوية". 

وتعرضت قاعدة "كي وان" بمحافظة كركوك شمالي البلاد، والتي تضم قوات أميركية، مساء الخميس، إلى قصف بصاروخ كاتيوشا، كما قُتل في القاعدة ذاتها متعهد أميركي نهاية العام الماضي بقصف بالصواريخ اتهمت واشنطن مليشيات عراقية بالوقوف وراء تنفيذه.

وشدد عضو مجلس محافظة كركوك السابق المقرب من "الحشد الشعبي" نجاة حسين على ضرورة إنهاء التدخل الأجنبي في الشؤون العراقية، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن وحدة العراق تتطلب رفض التدخلات الخارجية.

وقال الأمين العام لمليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي إن "المقاومة ضد الوجود الأجنبي في العراق ستستمر"، مؤكداً، خلال مقابلة متلفزة، أنه "على القوات الأميركية الانسحاب فوراً دون تأجيل"، وأن الحكومة العراقية الجديدة مطالبة بإخراج الأميركيين.

كما دعا القيادي في "الحشد الشعبي" علي الحسيني إلى إخراج القوات الأميركية من العراق، مبيناً، في تصريح صحافي، أن "خروجها سيسرع بالقضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي في البلاد".

الطرق الدبلوماسية

في المقابل، هناك من يعتقد أن السبل السياسية والقانونية هي الأنسب لإخراج القوات الأميركية بدلاً عن التهديد.

وشدد عضو "ائتلاف دولة القانون" سعد المطلبي على ضرورة اتباع الطرق الدبلوماسية لإخراج القوات الأميركية أو تقييد حركتها في العراق، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن "الاتفاق الوطني مهم جداً في هذا الموضوع".

وأشار المطلبي إلى "عدم وجود حاجة للقوات الأميركية في العراق في الوقت الحاضر، لكن في حال وجد اتفاق على إبقاء مستشارين ومدربين فإن حركتهم ينبغي أن تُقيد".

وتحدث الخبير القانوني طارق حرب لـ"العربي الجديد" عن الآلية القانونية التي يمكن من خلالها التعامل مع ملف وجود القوات الأجنبية في البلاد، مؤكداً أن ذلك يتم من خلال قيام السلطة التنفيذية المتمثلة بالحكومة بالطلب من الدول التي لديها جيوش في العراق بسحبها أو تنظيم وجودها.


وذكر حرب أن "حكومة تصريف الأعمال الحالية ليس لديها حق التصرف في هذا الملف"، مشيراً إلى أن "الأمر منوط بحكومة محمد توفيق علاوي الجديدة في حال التصويت عليها".

ضغط لأجل "ضمانات"

في السياق، قال سياسي عراقي مقرب من حوارات رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي إن بعض القوى، وخصوصاً تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لمليشيات "الحشد الشعبي" المقرب من إيران، تضغط على علاوي من أجل الحصول على ضمانات لإخراج القوات الأميركية، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "هذا الموضوع يعد من التحديات الكبيرة التي ستواجه حكومة علاوي، بالإضافة إلى الاحتجاجات، بسبب صعوبة التعامل معه".

ومطلع الشهر الحالي، طالب النائب عن تحالف "الفتح" أحمد الكناني رئيس الوزراء المكلف بـ"المضي في إجراءات إخراج المحتل الأميركي سريعاً"، موضحاً أن "حديث علاوي في بياناته لم يتطرق إلى ملف إخراج القوات الأميركية"، و"هذا الأمر ينبغي أن يتم توضيحه". 

كما أكد تحالف "سائرون" التابع لـ"التيار الصدري" أن رئيس الوزراء المكلف ملزم بتنفيذ قرار مجلس النواب بإخراج القوات الأجنبية، وعلى رأسها القوات الأميركية.

وفي الخامس من يناير/كانون الثاني الماضي صوت مجلس النواب العراقي على قرار قضى بإلزام الحكومة بإخراج القوات الأجنبية من البلاد، وذلك على خلفية مقتل قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس مليشيات "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس في ضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد الدولي. 

المساهمون