حوشا الشوايات وقناطر خضير بالقدس القديمة: منازل آيلة للسقوط

حوشا الشوايات وقناطر خضير في القدس القديمة: منازل آيلة للسقوط

القدس المحتلة

محمد محسن

محمد محسن
11 فبراير 2020
+ الخط -

في حوشي الشوايات وقناطر خضير في بلدة القدس القديمة، تبدو منازل المقدسيين هناك آيلة للسقوط، ويُمنع أصحابها الفلسطينيون من ترميمها بسب إجراءات الاحتلال الإسرائيلي، الذي يسمح في المقابل للمستوطنين بترميم منازل استولوا عليها بالقوة واتخذوها بؤراً استيطانية، ليظهر جلياً حجم معاناة الأهالي في الحوشين بتصدع منازلهم نتيجة الحفريات الإسرائيلية وشح إمكانية الترميم.
حوش الشوايات يحاذي حي القرمي الملاصق لعقبة الخالدية والمؤدي إلى طريق الهكاري، ومنه أيضاً إلى حي باب السلسلة حيث حوش النيرسات، وحيث خان السلطان، وكلها أحياء وحارات مقدسية مهددة بالانهيار، إما بسبب الحفريات الإسرائيلية أو بسبب انعدام الترميم اللازم الناتج عن شح الموارد المالية، وإن توافرت في يوم، فإن سلطات الاحتلال تمنع المقدسيين من الترميم، بينما تمنح التراخيص اللازمة للمستوطنين الذين يحتلون نحو مائة من عقارات المقدسيين في ذات الأحياء التي يقطنها المقدسيون.

الشوايات الذي يشوهه الاحتلال
من حوش الشوايات تتراءى للناظر قبة مسجد الصخرة الذهبية في المسجد الأقصى، ولا يشوه المشهد الجميل سوى نجمة سداسية وضعت غصباً على عقار ضخم، وبالقرب من النجمة رفع العلم الإسرائيلي. حوش الشوايات كان قد اكتسب اسمه من محلات الشواء التي كانت تزدحم بها المنطقة التي يقع فيها الحوش، وظل لعقود يحمل هذا الاسم وما زال. في هذا الحوش تقطن ثماني عائلات مقدسية يزيد عدد أفرادها مجتمعة عن الأربعين نسمة، وأشهر من يقيم فيه عائلة الحاج محمد عزام النتشة ونجله منتصر، وبجواره عائلة زيتون المقدسية.

حال حوش الشوايات من حيث بنيان مساكنه المتصدعة والتي توشك على الانهيار، كحال عقارات كثيرة صدّع أصحابها رؤوس لجان الترميم الكثيرة منذ عقدين بلا نتيجة، كما يقول لـ"العربي الجديد" منتصر النتشة، المقيم وعائلته المكونة منه ومن زوجته وأبنائه الأربعة، في غرفة ضيقة لا تتجاوز مساحتها بضعة أمتار. يضيف النتشة، وهو يشير إلى جدران المساكن المتصدعة: "في أي لحظة يمكن أن ينهار هذا الحوش على ساكنيه، كل ما نريده هو أن يفوا بوعود منذ سنوات طويلة في ترميم مساكن الحوش التي تتسرب إليها مياه الأمطار وتتسبب في مزيد من التصدعات".
الحكاية طويلة ولا تنتهي بالنسبة لعائلات حوش الشوايات إلا بترميمه، ويحذر النتشة من أنه "في حال تأخروا في نجدتنا قد يحدث أسوأ مما جرى قبل سنوات في حي القرمي، وحوش النيرسات قبل أسابيع، وفي أحياء أخرى من البلدة القديمة".

تصدعات في قناطر خضير
القصة ذاتها تتكرر في حوش قناطر خضير، الواقع في تفرع طريق الواد في البلدة القديمة من القدس يميناً نحو سوق خان الزيت، وجنوبه نحو المسجد الأقصى. وقناطر خضير هذه واحدة من تسعين قنطرة تنتشر في البلدة القديمة من القدس منذ العهدين المملوكي والعثماني، وخضير هذا الذي سميت القناطر باسمه هو واحد من المجاهدين الفاتحين للقدس في عهد صلاح الدين الأيوبي، فيما تضم القناطر العديد من البيوت والعقارات المتصلة مع بعضها، حيث تتوزع على طرفي القناطر.



وشهد حي قناطر خضير، الأسبوع الماضي، تصدعات وانهيارات أرضية كان آخرها ما حدث في بيت ظاهر الشرباتي، وشقيقه نبيه، اللذين يعانيان وعائلتاهما بسبب ما آل إليه حال منزليهما بسبب التصدعات والانهيارات. أحد الانهيارات كاد أن يُحدث كارثة، كما يقول نبيه الشرباتي في حديثه لـ"العربي الجديد"، مضيفاً "لقد انشقت أرضية المنزل فجأة، ولولا لطف المولى لقضى كل أفراده داخله".
أما ظاهر الشرباتي فيتحدث لـ"العربي الجديد" عن معاناة أسرته وأسرة شقيقه، اللتين تنتظران حلاً جذرياً للتصدعات والانهيارات لتعودا إلى منزليهما، علماً أن ظاهر وشقيقه انتقلا للسكن في منزل قريب حالياً بسبب تلك التصدعات.

ويُقدّر المقدسيون أن أكثر من 90 في المائة من بيوت البلدة القديمة من القدس يتهددها السقوط والانهيار، وترميم هذه البيوت يحتاج إلى أموال طائلة وتراخيص من بلدية الاحتلال في القدس وسلطة الآثار الإسرائيلية، التي تفرض قيوداً مشددة على أعمال الترميم، وتفرض على المقدسيين إخضاع ما يقومون به إلى مراقبتها، كما تقول لجان الترميم في البلدة القديمة التي تحاول أن تقدم مساعدات لمن هم بحاجة عاجلة للترميم. لكن الواقع كما يقول النتشة والشرباتي، لا يقع على الاحتلال فقط، فالحصول على موافقة من لجان الترميم يستغرق سنوات طويلة، فيما يتساءل النتشة "هل ننتظر حتى تقع الكارثة؟".

تكاليف ترميم مضاعفة

كلفة ترميم المنازل المتضررة في البلدة القديمة من القدس هي أضعاف مثيلتها خارج البلدة القديمة، بل في المناطق الواقعة داخل أسوار المدينة البعيدة عن مواقع الحفريات المتاخمة للمسجد الأقصى.
يقول أحد المقاولين الذي يقوم بأعمال ترميم في منازل البلدة القديمة، مفضّلاً عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد": "غالباً ما نضطر إلى إعادة أعمال الترميم بسبب ما تحدثه الحفريات من تصدعات، لكن تنفيذ هذه الترميمات مجدداً يتطلب الحصول على تراخيص جديدة من الاحتلال، وهذا ما يعقّد عملية الترميم والتسريع بها لكثير من العقارات المتضررة".



والواقع أن ترميم المئات من عقارات المقدسيين، والكثير منها آيل للسقوط، يتطلب ميزانيات ضخمة تعجز لجان الترميم المحلية أو العربية والإسلامية عن توفيرها، علما أن لجان الترميم هذه بما في ذلك التابعة لدائرة الأوقاف الإسلامية في القدس تبذل قدر استطاعتها لترميم العقارات الأكثر خطورة وتعطيها أولوية للترميم، في حين تنتظر طلبات كثيرة دورها ليتم المباشرة بالترميم. لكن التأخير الذي يحدث، غالباً ما يؤدي إلى أضرار إضافية في العقارات التي انتظر أصحابها فترات أطول ليتم ترميم عقاراتهم، على ما يقول وزير القدس الأسبق، حاتم عبد القادر، لـ"العربي الجديد"، داعياً الدول العربية والإسلامية إلى إيلاء القدس القديمة اهتماماً أكبر، وأن تخصص ميزانيات خاصة لحماية بيوت القدس العتيقة.

ذات صلة

الصورة
مشهد لموقع مجمع الشفاء الطبي في غزة في 1 إبريل 2024 (محمد الحجار)

مجتمع

كشف فلسطينيون كانوا في مجمع الشفاء الطبي ومحيطه في شمال قطاع غزة عن فظائع ارتكبتها القوات الإسرائيلية في خلال اقتحامها المستشفى قبل انسحابها منه كلياً.
الصورة

سياسة

أعلنت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي استولت، بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، على 27 ألف دونم من الأراضي.
الصورة
بيان أبو سلطان (إكس)

منوعات

أعلنت الصحافية الفلسطينية بيان أبو سلطان "نجاتها"، بعدما اعتقلها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مستشفى الشفاء، غربي غزة، وانقطعت أخبارها منذ 19 مارس/آذار الحالي.
الصورة

سياسة

شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية عنيفة استهدفت كتيبة عسكرية ومستودعات أسلحة في محيط مطار حلب الدولي، ما أسفر عن سقوط 42 قتيلاً.