اغتيال سليماني يؤجل تنفيذ مطالب المتظاهرين في العراق

اغتيال سليماني يؤجل تنفيذ مطالب المتظاهرين في العراق

07 يناير 2020
أصداء إيجابية في ساحة التظاهر العراقية لمقتل سليماني(فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أنّ اغتيال زعيم "فيلق القدس"، الجنرال الإيراني قاسم سليماني والقيادي بمليشيات الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، سينعكس سلبًا على مطالب المحتجين العراقيين، إذ يطغى حدث الاغتيال وتداعياته على الاحتجاجات ومطالبها، خصوصًا أنّ العراق هو الساحة الرئيسية للصراع الأميركي الإيراني حاليًا.

وخلال الأيام  الثلاثة الماضية، غاب الحديث عن المتظاهرين وما يحدث في ساحات الاحتجاج بسبب الانشغال بتبعات حادثة اغتيال سليماني والمهندس وتطورات الأوضاع الأمنية والسياسية، وما شهدته محافظات البلاد الشمالية والغربية من استهداف للقواعد والمصالح الأميركية عبر مليشيات مقربة من إيران تسعى للثأر من أميركا التي تبنّت صراحة عملية ضرب سيارة سليماني والمهندس، غير أنّ التظاهرات لم تهدأ وتحولت إلى اعتصام دائم.

وفي ظلّ الدور الذي لعبه سليماني في المنطقة قبل اغتياله، خصوصًا التحكّم بالشأن العراقي وضمنها سياسة مواجهة التظاهرات وإجهاضها، يخشى متظاهرون من حملات تصفية انتقامية قد تلجأ إليها الجماعات المسلّحة والمليشيات في سبيل إنهاء الحراك الاحتجاجي في العراق، لا سيما أن الموالين لإيران يروّجون بأنّ الحراك مدعوم من أميركا.

وفي السياق، قال أحد المعتصمين في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، حاتم كريم، إنّ "المتظاهرين يخشون حالياً من الهجمات المسلحة التي قد تطاولهم من الفصائل المسلحة، وخصوصاً التي كانت خاضعة لتوجيهات قاسم سليماني مثل سرايا الخراساني وكتائب حزب الله وسيد الشهداء والنجباء وغيرها، لأنها باتت تمتلك الذرائع الكافية لتوجيه ضربات للمحتجين الذين يعادون النفوذ الإيراني ويؤمنون بدولة مدنية، لا سلاح فيها خارج سياق القانون والدولة". 


وأوضح كريم لـ"العربي الجديد"، أنّ التخوف الثاني يكمن "في انشغال النظام الحالي بالخلاف الأميركي الإيراني وما ستسفر عنه تطورات الأحداث بعد مقتل المهندس وسليماني، وإهمال المطالب التي يُجاهد في سبيلها العراقيون منذ ثلاثة أشهر". ولفت إلى أنّه "لا مجال لتراجع المحتجين؛ فقد تحولت الاحتجاجات إلى أكثر من ساحة للتعبير عن الرأي والحديث عن المطالب الشعبية، إلى حالة اجتماعية ومقهى شبابي كبير تتوفر فيه كل مستلزمات الحياة"، موضحاً أنّ "المتظاهرين تعهدوا على عدم العودة إلى المنازل مهما طال الوقت، وأصبح المهم لهم أن تتحقق مطالبهم، وبناء دولة قوية بعيدة عن الفصائل المسلحة والأحزاب الكبيرة التي تتحكم بالبلد وخيراته". 

من جهته، أوضح أحد منسقي اعتصام ساحة الصدرين في مدينة النجف، أنّ الحديث عن ساحات الاحتجاج بات ثانويا منذ اغتيال سليماني والمهندس وما رافقه من تبعات سياسية وأمنية، مشددا على أن المتظاهرين لا يفكرون إطلاقا بالتراجع. وأضاف "يبدو أنّ اغتيال سليماني والمهندس سيؤجّل تنفيذ مطالب المحتجين، ولكن الحراك الشعبي متواصل ولن يتوقف، وهذا ما نراه في عيون المتظاهرين"، مشيراً إلى أنّ الأحزاب باتت تعرف أنّ لا علاقة  للمحتجين بأي دافع خارجي، وأنها بريئة من الاتهامات المرتبطة بالتمويل الخارجي.

في المقابل، أشار الناشط السياسي العراقي أيهم رشاد إلى أنّ "تظاهرات العراق الحالية، تختلف عن كل الاحتجاجات التي خرج فيها العراقيون، إذ لا توجد أي حكومة سقطت بأمر من الشعب طيلة تاريخ البلاد الحديث، ولكن الشباب الذين يتمسكون بمطالبهم حالياً في ساحة التحرير ببغداد ومدن الوسط والجنوب، أسقطوا حكومة كاملة ومستمرون من أجل إزاحة النظام السياسي الحالي والأحزاب المتهمة بسرقة أموال العراق، والفصائل المتورطة بقتل العراقيين". 

وأكد لـ"العربي الجديد"، أن "المتظاهرين ما يزالون ينتظرون ما ستؤول إليه الأمور، بعد التطورات التي شهدتها بغداد عقب اقتحام السفارة الأميركية من قبل أنصار الحشد الشعبي، وهم على ما يبدو لم يتراجعوا حتى الآن عن مطالبهم".

بدوره، يرى المحلل السياسي والباحث عبدالله الركابي أن المحتجين في ساحات العراق باتوا على قناعة تامة بأهمية الاستمرار في تظاهراتهم، مشيرا إلى أن تحقيق مطالبهم قد يتأخر في ظل التوتر بين إيران وأميركا. ولفت الركابي في اتصالٍ مع "العربي الجديد" إلى أن "المتظاهرين لا يريدون أن يحقق النظام الحالي انتصارا، ولذلك فإنهم غير مستعدين للعودة إلى المنازل".