مصير ما بقي من إدلب بيد التفاهمات الروسية-التركية مجدداً

أردوغان وبوتين... مصير ما بقي من إدلب بيد التفاهمات الروسية التركية مجدداً

07 يناير 2020
نزح عشرات الآلاف من إدلب أخيراً (محمد عبدالله/الأناضول)
+ الخط -
تراجعت العمليات العسكرية في الشمال الغربي من سورية إلى حدّ بعيد، في ظل استمرار حشد قوات النظام قواها في ريف حلب الجنوبي، للبدء بعمل عسكري واسع النطاق، مع تطابق المعطيات بعدم حصول هذا الأمر في حال استطاع الجانبان التركي والروسي التوصل لاتفاق جديد خلال القمة المرتقبة بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، غداً الأربعاء، يقوم على أنقاض اتفاق سوتشي المبرم في عام 2018. مع العلم أن تراجع العمليات العسكرية، لم يمنع قوات النظام من ارتكاب مجزرة بحق المدنيين في ريف إدلب الجنوبي، أول من أمس الأحد، فيما لا تزال فصائل المعارضة السورية تستعد هي الأخرى لمعركة تبدو فاصلة في حال حدوثها، لكونها تحسم مصير محافظة إدلب ومحيطها.

وجددت قوات النظام السوري، أمس الاثنين، قصفها الصاروخي على مدينة معرة النعمان كبرى مدن ريف إدلب الجنوبي، من مواقعها في محيط المدينة التي تعد أبرز الأهداف المعلنة للنظام والروس في المرحلة المقبلة. من جانبه، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن الهدوء الحذر يخيّم على محافظة إدلب ومحيطها بسبب الأحوال الجوية والأمطار الغزيرة التي تشهدها المنطقة، يتخلله استهداف متبادل بالقذائف والرشاشات الثقيلة على محاور التماس في ريفي إدلب الشرقي والجنوبي الشرقي، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف، والفصائل المعارضة من طرف آخر.

وذكر المركز الإعلامي للدفاع المدني في إدلب أن عدد قتلى قصف قوات النظام السوري على ريف إدلب، بلغ 13 قتيلاً مدنياً،  فيما بلغ عدد الجرحى 32 بينهم 8 أطفال. وأوضح المركز في بيان له أن 12 مدنياً بينهم 3 أطفال قُتلوا، فيما أُصيب 25 بينهم 6 أطفال، نتيجة قصف طيران النظام على الأحياء السكنية ومدرسة ومسجد وروضة أطفال في مدينة أريحا بريف إدلب الجنوبي. وأضاف أن امرأة قتلت وأصيب 7 مدنيين بينهم طفلان، جراء قصف على مدينة سراقب شرق إدلب من قبل طائرات النظام السوري.

في غضون ذلك، أكد موقع "سمارت" الإخباري المعارض، أن "الجيش الوطني السوري" التابع للمعارضة، أدخل يوم الأحد، مجموعتين من قواته من مراكزه في ريف حلب الشمالي إلى نقاط التماس مع قوات النظام في محافظة إدلب. ونقل عن مصدر في فصائل المعارضة السورية، أن كل مجموعة تضم 150 مقاتلاً مع أسلحة خفيفة ومتوسطة. وكان هذا الجيش اتفق منذ أيام مع "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) على إدخال مقاتلين للمشاركة في صدّ قوات النظام في إدلب.

وأكد المتحدث الرسمي باسم "الجيش الوطني"، الرائد يوسف حمود في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنه دخل حتى مطلع الأسبوع الماضي 1500 مقاتل إلى محافظة إدلب، مشيراً إلى أن هناك دفعات جديدة ستدخل. وأضاف أن التموضع والمهام عائد لغرفة عمليات الجبهة الوطنية للتحرير، التي تضم فصائل المعارضة السورية في محافظة إدلب. من جهته، أشار القيادي في الجيش السوري الحر، العميد فاتح حسون، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن مقاتلي "الجيش الوطني" سينتشرون قرب نقاط التماس مع قوات النظام والمليشيات الداعمة لها. ولفت إلى انخراط كثير من المقاتلين في جبهات معرة النعمان والجبهات الأمامية. وتوجّه عدد من المقاتلين لمدنهم وقراهم قرب نقاط التماس للدفاع عنها في حال حصول أي هجوم عليها.

على الصعيد ذاته، تواصل قوات النظام ومليشيات تساندها نقل تعزيزات عسكرية إلى مواقعها في جنوب وغرب مدينة حلب شمالي سورية. وذكرت مصادر في المعارضة السورية أن 200 عنصر من "لواء المدفعين" التابع لإيران، مدعومين بأربع دبابات وآليات عسكرية، وصلوا ليل الأحد – الاثنين، إلى منطقة الحمدانية ومدرسة الحكمة ومشروع 1070 غرب مدينة حلب. ومن المتوقع أن تبدأ قوات النظام والمليشيات عملية عسكرية واسعة النطاق، لاستعادة السيطرة على ريفي حلب الغربي والجنوبي من أجل التوغل في ريف إدلب الشرقي، وصولاً إلى مدينة سراقب، التي تعدّ عقدة طرق مهمة، مع اجتماع الطريقين الدوليين "أم 4" و"أم 5" اللذين يربطان حلب بوسط سورية وساحلها في غرب البلاد.

من جهته، أعرب القيادي في الجيش السوري الحر، العقيد الطيار مصطفى البكور، عن اعتقاده في حديث مع "العربي الجديد" بأن الخلافات التركية الروسية حول مجمل الشمال الغربي من سورية "كانت السبب وراء توقف الهجوم من قبل النظام والروس على محافظة إدلب". ولا يستبعد البكور أن يتابع الروس هجومهم في المستقبل القريب، مستدركاً: ربما بعد القمة التركية الروسية غداً يكون هناك كلام جديد. لفت إلى أنه لا يستبعد اتفاقاً تركياً روسياً جديداً حول إدلب. وأشار إلى أن هناك معلومات عن عودة الولايات المتحدة لأداء دور أكثر فاعلية، وهو ما من شأنه تقوية موقف الأتراك بوجه التغوّل الروسي.

ومن المقرر أن يعقد الرئيسان التركي والروسي قمة جديدة في أنقرة غداً، لبحث ملفات عدة، منها ملف الشمال الغربي من سورية. وكان مسؤولون أتراك وروس تفاوضوا على مدى الأسبوع الماضي في العاصمة الروسية موسكو حول هذه الملفات، ويبدو أن ما اتفقوا عليه يحتاج إلى مصادقة من الرئيسين في لقائهما. واستبق أردوغان القمة، بالقول إنه سيبحث مع بوتين آخر التطورات في محافظة إدلب. وأضاف الرئيس التركي خلال مقابلة مع قناتي "سي إن إن" و"دي" التركيتين، أول من أمس الأحد، أن بوتين سيزور تركيا وسيناقش معه القضايا الإقليمية، وسيبحث موضوع إدلب. وأضاف: "آمل أن ننجح في وقف إطلاق النار". ولم يعلن الجانبان حتى اللحظة انهيار اتفاق سوتشي المبرم بينهما أواخر عام 2018، والذي لم تنفذ بنوده، تحديداً لجهة إنشاء منطقة عازلة في محيط إدلب، واستعادة حركة السير والترانزيت على الطريقين الدوليين "أم 4" و"أم 5". كذلك كان الملف السوري حاضراً في الاتصال الهاتفي بين أردوغان والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، فيما يتوقع أن تبحث الملف مع الرئيس الروسي خلال زيارتها المرتقبة إلى موسكو يوم السبت المقبل.