علامات استفهام حول زيارة وفد "الكونغرس" لسيناء

علامات استفهام حول زيارة وفد "الكونغرس" لسيناء

24 يناير 2020
تابع الجيش المصري الزيارة بكاملها(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -


تداولت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي نبأ زيارة وفد من الكونغرس الأميركي لمحافظة شمال سيناء، شرقي مصر، هي الأولى من نوعها لوفد أميركي إلى هناك وبشكل علني؛ ما دفع الكثيرين للتساؤل حول توقيت الزيارة وأسبابها، تحديداً في ظلّ الأوضاع الأمنية السيئة التي تعيشها المحافظة. وكان الوفد قد تفقد المشاريع الاستراتيجية التي أُنشئت أخيراً في سيناء، ملتقياً مسؤوليها الحكوميين والعسكريين، للاطلاع على تطورات الموقف الأمني والاقتصادي والاجتماعي في المحافظة الواقعة أسيرة الحرب الدائرة بين تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" الإرهابي، وقوات الأمن المصرية منذ أكثر من ست سنوات.

وفي تفاصيل الزيارة، قال المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية، العقيد أركان حرب تامر الرفاعي، إنه "في إطار علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، في مختلف المجالات وفي ظلّ المساعي المشتركة لدعم السلام والتنمية والتصدي للتحديات الراهنة، قام 6 من مساعدي أعضاء الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بزيارة محافظة شمال سيناء". وأضاف عبر صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، أن برنامج الزيارة شمل لقاء محافظ شمال سيناء، اللواء عبد الفضيل شوشة، وتفقد بعض المشاريع الجاري تنفيذها بمدينة العريش في مجال التنمية الاقتصادية، وزيارة محطة تحلية المياه التي يتم إنشاؤها في العريش.

وأول ما يلفت في زيارة وفد الكونغرس، أن الإعلان عنها جاء على لسان الرفاعي، وفي ذلك إشارات عدة، أهمها أن الزيارة مدرجة ضمن نشاطات الجيش المصري بشكل مباشر ورسمي، وبالتالي تم نشر المعلومات عنها بواسطة المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية. وفي إشارة أخرى، فإن الإعلان عن الزيارة دليل على الاهتمام الجاد من الجيش المصري بزيارة الوفد الأميركي، ما يدفع للتساؤل عن أسباب الزيارة وتوقيتها، ونتائجها، ودافعها، بالإضافة إلى أن الوفد كان في ضيافة الجيش المصري وفقاً لما جاء في الصور المنشورة بواسطة المتحدث العسكري، مع ملاحظة وجود قادة عسكريين في جلسة الوفد مع محافظ شمال سيناء، كما أن كل وسائل الإعلام المصرية نقلت خبر الزيارة عن المتحدث العسكري، بما يؤكد أنه لم تكن هناك تغطية لزيارة الوفد إلا بواسطة إعلام الجيش المصري.



من جهته، قال مسؤول حكومي في محافظة شمال سيناء لـ"العربي الجديد"، إن الزيارة تمّت يوم الثلاثاء الماضي، فيما كانت مهمة التنسيق وتأمين الوفد في كافة مناطق سيناء ضمن اختصاص الجيش المصري، وهو نفسه الذي حدد جدول الزيارة، وأبلغ المسؤولين الحاضرين للاجتماع مع الوفد الأميركي، بموعد الزيارة قبل وقت قصير من وصول الوفد إلى مدينة العريش. وأضاف أن الوفد الأميركي عقد برفقة قادة أمنيين وعسكريين اجتماعاً مغلقاً في مقر الكتيبة 101 في مدينة العريش، قبل أن ينهي زيارته للمحافظة، بعد جولة على عدد من المشاريع الاستراتيجية في المحافظة، التي تشرف عليها القوات المسلحة المصرية. واطّلع الوفد على انتشار الجيش المصري وآخر إنجازاته في الملف الأمني على صعيد مجابهة تنظيم "داعش" الإرهابي في مدن محافظة شمال سيناء، تحديداً مدينة العريش التي باتت هادئة أمنياً منذ أشهر عدة في أعقاب العملية العسكرية الشاملة التي بدأت في فبراير/شباط 2018.

وأوضح المسؤول الحكومي أن المسؤولين عن ترتيب زيارة الوفد الأميركي، رفضوا حضور أي جهة شعبية أو نيابية لاجتماعات الوفد في محافظة شمال سيناء، وتم حجب كل المشاكل والأزمات التي يعاني منها المواطنون في المحافظة شمال سيناء. كما كان تنقّل الوفد في شوارع المحافظة، محاطاً بحراسة عسكرية وأمنية غير مسبوقة، لم يحظَ بها أي مسؤول حكومي أو أمني مصري زار سيناء على مدار سنوات الحرب مع الإرهاب فيها. ولفت إلى أن الوفد الأميركي كان حريصاً على تسجيل كل الملاحظات والمعلومات التي اطلع عليها خلال لقاءاته في سيناء، واعداً بتكرار الزيارة مجدداً خلال الأشهر المقبلة، مع السعي لدعم القطاعات الحيوية في المحافظة، من خلال الأجهزة الحكومية، والقوات المسلحة المصرية التي حضر مندوبون عنها كل لقاءات الوفد الأميركي مع الجهات الحكومية في سيناء.

وأُثيرت أسئلة عدة حول طبيعة الزيارة الأميركية وأسبابها وتوقيتها، وعن اختيار محافظة شمال سيناء، دوناً عن بقية محافظات مصر، بما فيها محافظة جنوب سيناء التي تعتبر قبلة سياحية دولية؛ ما زاد القلق لدى سكان محافظة شمال سيناء على مصير الحياة في المحافظة، في ظلّ الحديث المتكرر عن مخططات أميركية على أرض سيناء، بما يفضي إلى حل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وهذا ما يتطابق مع نشاطات الجيش المصري على أرض سيناء من خلال تعمد تهجير السكان، واستمرار توسع انتشار تنظيم "ولاية سيناء" بشكل كبير في مناطق واسعة من المحافظة، على الرغم من استخدام الجيش المصري لـ"القوة الغاشمة" في مواجهته كما وصفها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أكثر من محفل خلال السنوات الماضية.