مؤتمر برلين: حلّ أزمة المتدخلين بليبيا والسراج وحفتر منزعجان

مؤتمر برلين: حلّ أزمة المتدخلين في ليبيا والسراج وحفتر منزعجان

طرابلس

العربي الجديد

العربي الجديد
20 يناير 2020
+ الخط -
أنهى مؤتمر برلين أعماله بعد أن جمع أبرز قادة الدول المعنية بالشأن الليبي لساعات، في "ظل تفاهمات الحد الأدنى"، على حدّ وصف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، لتتضمن مخرجاته اتفاقات حول جملة من القضايا التي مثلت خطوطاً عريضة، واعتبر مراقبون للشأن الليبي أنها قواعد عامة، ترك قادة العالم في برلين تفاصيل مسارها السياسي للبعثة الأممية للدعم في ليبيا، بينما لا يزال مسارا الأمن والاقتصاد غامضَين.
وتضمّن اتفاق برلين، والذي سبق أن نشره "العربي الجديد" الأربعاء الماضي، ستّة بنود توزعت بين إصلاحات في مجالات الاقتصاد والسياسة والأمن، لكنّها ركزت في المقام الأول على وقف إطلاق النار وتطبيق حظر توريد الأسلحة، وتشكيل لجنة عسكرية مشتركة من طرفي النزاع للإشراف على تطبيق وقف دائم للقتال، والبدء في مشاورات لتوحيد المؤسسة العسكرية، تتضمن برنامجاً لتفكيك المجموعات المسلحة ودمجها في المؤسسة العسكرية، كما أوكل للبعثة الأممية، المضي في تطبيق المسار السياسي من خلال لجنة الأربعين المنتظر أن تجتمع في جنيف قبل نهاية هذا الشهر، لبدء حوار سياسي من أجل تشكيل مجلس رئاسي جديد وحكومة وحدة وطنية، فيما لم يأتِ التفصيل بشكل واضح بشأن المسار الاقتصادي.
وبينما لم يصدر موقف رسمي ليبي حتى الآن من قبل ممثلي ليبيا في مؤتمر برلين، رئيس حكومة الوفاق المعترف بها دولياً فايز السراج واللواء المتقاعد خليفة حفتر، كشف مصدر دبلوماسي رفيع كان برفقة السراج أن السراج وحفتر أصيبا بخيبة أمل كبيرة، وعبّرا عن انزعاجهما أكثر من مرة في القاعات الجانبية التي جلسا فيها، من دون مشاركة في القاعة الرئيسة، التي جمعت زعماء وقادة الدول المعنية بالملف الليبي، وذلك لعدم استشارتهما في أغلب البنود التي اتُفق عليها.
وعلى الرغم من امتثال حفتر والسراج لمطلب وقف إطلاق النار، وترشيح أسماء ضباط عسكريين يمثلونهما في لجنة مشتركة مؤلفة من 10 ضباط، إلا أن الدبلوماسي أكد أن المشاركين في المؤتمر لم يولوا أي أهمية لمطالبهما الأخرى، قائلاً إن "حفتر والسراج باتا على ثقة بأن المؤتمر تجاوز كل مطالبهما، وأبلغهما عدد من المشاركين في المؤتمر بأن هذه المطالب من شأنها أن تعرقل ما توصلوا إليه من تفاهمات بشأن ليبيا".

وأفصح الدبلوماسي الليبي لـ"العربي الجديد"، عن بعض تلك المطالب، مثل تأكيد السراج ضرورة سحب حفتر لقواته من جنوب طرابلس وسرت قبل المضي في أي حوار سياسي في جنيف، بينما اشترط حفتر حلّ ما وصفه بـ"مليشيات الحكومة"، قبل وقف القتال وبدء أي عملية سياسية.
ويعبّر الباحث الليبي في العلاقات الدولية، مصطفى البرق، عن أسفه لانخفاض مستوى الأمل المعقود على المؤتمر، مؤكداً أن المؤتمر كان يبحث مصالح الدول المتدخلة في الشأن الليبي، واستبعد مصالح الليبيين.
وسأل البرق في حديثه لـ"العربي الجديد": "لماذا المسار العسكري هو الوحيد الذي نوقش وحُدّد أعضاء لجنته العسكرية خلال المؤتمر ولم يتم التفصيل في المسارين السياسي والاقتصادي؟"، معتبراً أن الفصل في الجانب العسكري ليس كلياً.
وأوضح بشكل أكثر تفصيلاً، أن "ما تم الاتفاق عليه هو وقف القتال لمصلحة المتصارعين على مصالحهما في البلاد؛ لكن أعمال اللجنة العسكرية الأخرى، كتوحيد المؤسسة العسكرية، وتفكيك المجموعات المسلحة، تُركت لمتابعة لجنة دولية انبثقت عن المؤتمر كما قالت ميركل"، معتبراً أن إرغام حفتر والسراج على ترشيح أسماء عسكريين للجنة، كما أُجبرا على حلّ مشكلة قفل الموانئ النفطية أخيراً، بحسب تصريحات وزير الخارجية الألماني اليوم، يعني أنه تم تغييب الطرفين الليبيين نهائياً وأنهما أُحضرا إلى برلين لتلقي الأوامر فقط.
وتبدو قراءة الأكاديمي الليبي، خليفة الحداد، لمخرجات برلين أكثر تشاؤماً، فهي بحسب رأيه جاءت لـ"تجميد الأزمة وليس لحلّها"، معتبراً أن "المجتمع الدولي ذهب إلى حلّ المسألة العسكرية، من خلال وقف الحرب ووقف تدفق السلاح، وانتزاع أوامر الحرب من كلا الطرفين، حتى ولو كان حفتر المصرّ على الحرب، بإحلال بديل عنهما وهو اللجنة العسكرية المشتركة، كما تم تجميد المسار السياسي".

ولفت الحداد في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن ترك المسار السياسي في شكل حوار بين الفرقاء الليبيين، بيد البعثة الأممية، "يعني تكرار الماضي وترك الحبل على غارب الزمن، الذي لن يجبر طرفَي الحوار على التوصل لتفاهمات بشأن تشكيل حكومة جديدة"، متسائلاً: "ما الجديد؟ وما الفرق؟ فهي ذات الشخصيات الماضية التي عرقلت كل الاتفاقات السابقة في باليرمو، وباريس، وحتى الصخيرات، لسنين، فكيف ستصل الآن إلى رأي مشترك؟"، مؤكداً أن الصراع سيكون أكثر حدة بنقله من ساحة المعركة إلى ساحة السياسة.

وأشار الحداد إلى "امتلاك المجتمع الدولي مسار الحلّ العسكري، والمسار الاقتصادي الذي لم تشر وثيقة برلين إلى الجهة التي ستشرف على الحوار بشأنه، بل قالت إنه سيعود خلال أسابيع لتوحيد المؤسسات الاقتصادية"، مؤكداً أن التعبير بلفظة "سيعود"، يعني الحوار الاقتصادي الذي ترعاه واشنطن منذ أشهر، بين رؤساء المؤسسات الاقتصادية المنقسمة، وأنها من سيستمرّ في الإشراف على تلك الحوارات للتوصل إلى توحيد المؤسسات وفق مصالح خارجية.
وأكد الحداد أنّ مضمون برلين يعني تجميد الأوضاع العسكرية، وتمييع الفترة السياسية بتركها بيد المتصارعين، والتوصل إلى شكل من اقتسام المصالح الاقتصادية في المسار الاقتصادي من دون أن توضحها وثيقة المؤتمر، لافتاً إلى أن "ما دار في القاعة المغلقة في برلين كان حول حلّ خارجي للأزمة الليبية، وليس حلاً لأزمة الليبيين".

ذات صلة

الصورة
فقدت أدوية أساسية في درنة رغم وصول إغاثات كثيرة (كريم صاهب/ فرانس برس)

مجتمع

يؤكد سكان في مدينة درنة المنكوبة بالفيضانات عدم قدرتهم على الحصول على أدوية، خاصة تلك التي للأمراض المزمنة بعدما كانت متوفرة في الأيام الأولى للكارثة
الصورة

منوعات

استيقظ من تبقى من أهل مدينة درنة الليبية، صباح الاثنين الماضي، على اختفاء أبرز المعالم التاريخية والثقافية في مدينتهم؛ إذ أضرّت السيول بـ1500 مبنى. هنا، أبرز هذه المعالم.
الصورة
عمال بحث وإنقاذ في درنة في ليبيا (كريم صاحب/ فرانس برس)

مجتمع

بعد مرور أكثر من أسبوع على الفيضانات في شمال شرق ليبيا على خلفية العاصفة دانيال، لا سيّما تلك التي اجتاحت مدينة درنة، وتضاؤل فرص الوصول إلى ناجين، صار هاجس انتشار الأوبئة والأمراض يثير القلق.
الصورة
دمر الفيضان عشرات المنازل كلياً في درنة (عبد الله بونغا/الأناضول)

مجتمع

ترك الفيضان كارثة كبيرة في مدينة درنة الليبية، كما خلف آلاف الضحايا، وقد تدوم تداعياته الإنسانية لسنوات، فالناجون تعرضوا لصدمات نفسية عميقة، وبعضهم فقد أفراداً من عائلته، أو العائلة كلها.