هل تشارك ألمانيا عسكرياً في ليبيا؟

هل تشارك ألمانيا عسكرياً في ليبيا؟

20 يناير 2020
نتائج المؤتمر حملت الكثير من التساؤلات بألمانيا(مايكل كابيلر/فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من ردود الفعل الإيجابية من دول الاتحاد الأوروبي ودول أخرى على النجاح الكبير الذي حققته الدبلوماسية الألمانية، في إعداد وتوجيه مؤتمر ليبيا في برلين، إلا أنّ أصداء نتائج المؤتمر الذي انعقد أمس الأحد، بمشاركة الدول المؤثرة في ليبيا والعالم، حملت الكثير من التساؤلات في ألمانيا، في ظل الحديث عن كيفية المشاركة في تنفيذ القرارات وحمايتها، ومعها مسألة كيفية العمل، وضمن أية ضوابط، وأهمها التزام حظر الأسلحة، حيث أبرز البيان الختامي للمؤتمر أنه يجب أن يكون كاملاً ولا لبس فيه.
وعن نجاح المؤتمر، برزت العديد من التحليلات والتعليقات التي تشيد بالمستشارة أنجيلا ميركل وألمانيا، التي أثبتت دورها مجدداً كوسيط ذي مصداقية على المستوى الدولي، مبرزة الموقف الذي اتخذته برلين في أعقاب قرار الأمم المتحدة عام 2011، برفضها المشاركة في التدخل العسكري من جانب الغرب، الذي أدى إلى إطاحة معمر القذافي، وسبّب لها في حينه الكثير من الانتقادات، بعد امتناعها عن التصويت في مجلس الأمن، لكنّ ذلك بُرِّر لاحقاً، بصوابية التحذير الذي أبدته المانيا في حينها، ولا سيما أنها اعتبرت أن تغيير النظام، من دون مفهوم سياسي، يمكن أن يزعزع استقرار منطقة الساحل.
إلى ذلك، فإن ألمانيا صاحبة أقوى اقتصاد في أوروبا، ليست لديها مصالح أساسية كالاستثمار في النفط مثلاً، وهنا تبرز أهمية حيادية الموقف الألماني، فمصالح ألمانيا الخاصة هناك تكمن الآن في إنهاء الحرب الأهلية، واستعادة هيكلية الدولة المستقلة في طرابلس، وهذا يعني زيادة في الأمن لأوروبا، وإمكانية الحديث فيما بعد مع شريك يمكن العمل معه من أجل مساعدتها على الحدّ من تدفق اللاجئين إلى أوروبا، وهذا مطلب لكلّ دول الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً أن البحر المتوسط يقع بين ليبيا وسواحل أوروبا.
وفي هذا الإطار، قال وزير الخارجية الاشتراكي هايكو ماس لشبكة "ايه أر دي"، ليل أمس الأحد، إن همّه ليس التحدث فقط بشأن بعثات السلام والمشاركة الألمانية المحتملة فيها، بل من الضروري إعادة النظر في مهمة الإنقاذ التابعة للاتحاد الأوروبي في البحر المتوسط "صوفيا"، وعلى الاتحاد أن يتحمل المسؤولية في هذه النقطة أيضاً، بعدما لم تعد لديه سفن تنقذ المهاجرين المتجهين إلى أوروبا من الغرق، وبعدما قيّد أيضاً مهمته في تدريب خفر السواحل الليبي.
وحول تنفيذ مقررات المؤتمر وحمايتها، اعتبر المحللون أن النجاح في الدبلوماسية وتحمّل المسؤولية السياسية ليسا دليلاً على فعالية القوة العسكرية، مبرزين أن هذا الأمر تجلّى مع ظهور إشارات متناقضة من الحكومة الاتحادية الألمانية، فالمستشارة أنجيلا ميركل كانت أكثر تردداً في الاجابة عن سؤال خلال المؤتمر الصحافي المشترك بعد انتهاء اجتماع برلين، إذ قالت إنه لا يمكننا مناقشة الخطوة التالية، من دون حصول الخطوة الأولى، أي إنّ المطلوب أولاً وقف دائم لإطلاق النار، ووقف "الخدمات الإضافية الأخرى" من الخارج لأطراف النزاع، ومن ثم يجري الحديث عن المراقبة والحظر، وهذا ما عقّب عليه وزير خارجيتها هايكو ماس، وساندها فيه، عندما قال إن "المؤتمر حصل على المفتاح لحلّ الصراع في ليبيا. الآن تبقى مسألة وضع المفتاح في القفل ومحاولة فتحه"، وفق تعبيره.
في المقابل، يبدو أن وزيرة الدفاع، زعيمة حزب ميركل "المسيحي الديمقراطي"، انغريت كرامب كارنباور، لم تستبعد أن يكون لبلادها دور عسكري في ليبيا، وهي أبدت موقفاً إيجابياً من برلين قبل يوم من المؤتمر، حيال مشاركة ألمانية محتملة لحفظ الأمن، شرط التزام هدنة دائمة هناك، التي يبدو أن الاتحاد الأوروبي يفكر في القيام بها، وهو أمر عبّر عنه صراحة جوسيب بوريل، منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، في حديث إلى "دير شبيغل" الأسبوع الماضي، إذ قال إن القيام بعمل عسكري في ليبيا قد يساعد في مراقبة وقف إطلاق النار، وإن الاتحاد يجب أن يكون مستعداً للمساعدة في تنفيذ وقف إطلاق النار المحتمل  ومراقبته، وربما مع الجنود أيضاً".

أما الأحزاب الأخرى المتمثلة في البوندستاغ، فيبدو أن لديها اختلافاً في الآراء حول هذا الخيار، فقد أعلن "الحزب الليبرالي الحر" موقفه الواضح من مشاركة ألمانية محتملة في عملية السلام في ليبيا، إذ قال المتحدث باسم السياسة الخارجية في كتلة الحزب في البوندستاغ، بيان دجير سراي، إن على الحكومة "الفيدرالية ألا تبتعد عن المشاركة، وإنه كان عليها أن تقدم خطة معقولة واستراتيجية في البوندستاغ".
أما "حزب الخضر"، فاعتبر أنّ من السابق لأوانه التكهن بنشر "البوندسفير" في ليبيا، وأشارت نائبة رئيس كتلة الحزب في البوندستاغ، وخبيرة السياسة الخارجية اوميد نوريبور، إلى أن حزبها سيدقق في كل تفويض مقدم من قبل الحكومة بعناية وعقلانية وبصورة منفتحة.

المساهمون