مقتلة مأرب تُسقط التهدئة: أكبر خسارة للجيش اليمني بعامين
أكبر خسارة للجيش اليمني خلال عامين (صالح العبيدي/فرانس برس)
في واحدة من أكثر العمليات فداحة التي يتعرض لها الجيش اليمني التابع للحكومة الشرعية في السنتين الأخيرتين على الأقل، سقط ما يزيد على 100 قتيل وأكثر من 140 جريحاً في قصف استهدف ليل السبت معسكراً تابعاً للقوات الحكومية في مأرب شرقي اليمن، اتُّهمت جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) بالوقوف خلفه، على الرغم من أنها لم تعلن حتى ساعة متأخرة من عصر أمس الأحد مسؤوليتها عنه. وجاءت هذه المقتلة بالترافق مع تصعيد في الأطراف الشرقية للعاصمة صنعاء، يُنذر مجدداً بالعودة إلى تصدّر المسار العسكري على حساب جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة، والمتعثرة هي الأخرى إلى حد كبير، وذلك بعدما كانت العمليات العسكرية قد تراجعت منذ ما يقرب شهرين. إضافة إلى ذلك، طرح الهجوم الكثير من التساؤلات، خصوصاً أنه استهدف معسكراً يضم قوات اللواء الرابع حماية رئاسية، المعروف كخصم لأبوظبي وحلفائها في عدن، وكان مسلحو "المجلس الانتقالي الجنوبي" قد اقتحموا مقر اللواء في عدن خلال انقلاب أغسطس/ آب الماضي، ما دفع اللواء إلى الانسحاب إلى مأرب، ليضيف ذلك تساؤلاً عن عدم تمكّن الدفاعات الجوية التابعة لقوات التحالف السعودي الإماراتي، من التصدي لهذا الهجوم.
وأفادت معلومات بأن الهجوم حصل بصاروخ وطائرة مسيّرة، واستهدف مسجداً في معسكر "الاستقبال" التابع للقوات الحكومية في مأرب، لتصل حصيلة الضحايا إلى 100 قتيل و140 مصاباً على الأقل حتى عصر أمس. وأطلقت مستشفيات مدينة مأرب، نداءات للتبرع بالدم لإنقاذ حياة المصابين بالتفجير، وأغلبهم من الجنود وطالبي الالتحاق بقوات الجيش، فيما أفاد موقع وزارة الدفاع اليمنية بأن من بين الضحايا في الهجوم مدنيين كانوا يؤدون الصلاة في المسجد.
ووصفت مصادر في الجيش اليمني، تحدثت لـ"العربي الجديد"، ما شهده المعسكر بأنه "مجزرة" حقيقية، إذ سقط الصاروخ البالستي الذي أطلقه الحوثيون خلال صلاة العشاء، في حين أن أغلب الموجودين من المنتمين إلى اللواء الرابع حماية رئاسية، الذي يقوده العميد مهران القباطي، وكان اللواء في الأصل يُرابط في عدن حتى أحداث انقلاب أغسطس الماضي المدعوم من الإمارات، الذي اقتحم خلاله مسلحو "المجلس الانتقالي الجنوبي" مقر اللواء، لينتقل بعد ذلك إلى مأرب لتجميع أفراده في معسكر "الاستقبال".
وفي الوقت الذي تحفّظ فيه الحوثيون عن الإعلان الفوري لتبنّي الهجوم، أفادت مصادر عسكرية يمنية متطابقة، بأن الضحايا سقطوا بصاروخ أطلقته الجماعة من أطراف صنعاء المحاذية لمأرب، في ظل العديد من التساؤلات التي طُرحت بشأن دقة الإصابة وعدم تمكّن الدفاعات الجوية التابعة لقوات التحالف السعودي الإماراتي من اعتراض الصاروخ، كما حصل في العديد من الهجمات التي نفذها الحوثيون باتجاه مأرب التي تُعَد بمثابة مركز لقوات الجيش الموالية للشرعية منذ سنوات.
اقــرأ أيضاً
وفي تعليقه على الهجوم، قال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، في بيان نقلته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ): "إن الأفعال المشينة للمليشيات الحوثية تؤكد من دون شك عدم رغبتها أو جنوحها للسلام لأنها لا تجيد غير مشروع الموت والدمار، وتمثل أداة رخيصة لأجندة إيران في المنطقة". وأكد هادي "أهمية تعزيز اليقظة العسكرية والجاهزية القتالية وتنفيذ المهام والواجبات العسكرية وإفشال كل المخططات العدائية والتخريبية وحفظ الأمن والاستقرار".
من جهته، قال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، في تصريح على حسابه في "تويتر"، إن الحوثيين استهدفوا بـ"صواريخ إيرانية" مسجد المعسكر، ووصف العملية بأنها "هجوم وحشي" يهدد بنسف كل جهود إنهاء الحرب والسلام. وطلب من المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، بموقف وإدانة واضحين إزاء الهجوم، الذي اعتبره "انتقاماً" لمقتل قائد "فيلق القدس" الإيراني، قاسم سليماني.
ويُعدّ الهجوم تصعيداً خطيراً، إذ إنه واحد من أكبر الحوادث الدموية التي شهدتها البلاد في العامين الأخيرين، وأعاد الأنظار إلى هجوم الحوثيين في الخامس من سبتمبر/ أيلول 2015، حين استهدفت الجماعة بصاروخ بالستي معسكراً للتحالف في منطقة صافر في مأرب، ونتج من ذلك مقتل أكثر من 50 من جنود الجيش الإماراتي، وعشرة على الأقل من السعوديين، فضلاً عن قتلى من القوات السودانية والبحرينية المشاركة ضمن التحالف.
وتبرز أهمية هذا التصعيد في كونه يأتي في ظل تهدئة ضمنية سادت في أغلب جبهات الحرب في اليمن، وصولاً إلى المناطق الحدودية مع السعودية منذ ما يقرب من شهرين، في حين أن القصف جاء بعد يومين فقط من إعلان المبعوث الأممي مارتن غريفيث أمام مجلس الأمن الدولي، الخميس الماضي، أن 80 في المائة من الأعمال العدائية في اليمن تراجعت، وأن الأيام التسعة الأولى من شهر يناير/ كانون الثاني الحالي، مرت من دون تسجيل أي ضربات جوية للتحالف، الأمر الذي يُعَدّ تطوراً غير مسبوق على صعيد ما يُطلَق عليه "خفض التصعيد" في اليمن.
من زاوية أخرى، جاء توقيت قصف الحوثيين، في ما يبدو، رداً على تصعيد القوات الحكومية فجر الجمعة الماضي، بتنفيذ محاولة تقدّم في منطقة نِهم شرق صنعاء، إذ أعلن الحوثيون أنهم تصدوا لـ"زحف واسع" مدعوم بالمقاتلات الحربية، في الجبهة التي تُعد بوابة الشرعية لمحاولة التقدّم نحو استعادة السيطرة على العاصمة صنعاء من أيدي الحوثيين، في حين أن مأرب، تُعدّ بمثابة مركز عمليات قوات الشرعية في المحافظات الشمالية، بما في ذلك أطراف صنعاء الشرقية. واستمر القتال في نهم أمس الأحد، بحسب ما نقلت وكالة "سبأ" الرسمية عن مصدر عسكري، أوضح أن هناك "عشرات القتلى والجرحى من عناصر المليشيات الحوثية".
إلى ذلك، يضمّ المعسكر المستهدف قوات اللواء الرابع، وهو خصم لأبوظبي وحلفائها في عدن، وهو ما كان مثار تساؤلات وتعليقات، مع طرح العديد من اليمنيين إمكانية أن يكون الهجوم قد نفذته الإمارات، أو في إطار تخادمٍ بطريقة أو بأخرى مع الحوثيين. فيما علّق وزير النقل صالح الجبواني، الذي عُرف بمواقفه المعارضة لممارسات أبوظبي، على الحادثة بالقول إن "جيشنا الوطني يدفع ثمن دفاعه عن اليمن الجديد، فإن تقدّم لإسقاط الانقلابيين استُهدف، وفي ثكناته يُستهدف، تأتيه الصواريخ من السماء والأرض في معركته مع أرباب الانقلاب والتمرد في صنعاء وعدن". وأضاف في تغريدة على حسابه في "تويتر" أن "جراحنا نازفة، لكن عزمنا أمضى من الفولاذ لسحق هذه المشاريع".
وفي ضوء مختلف المعطيات، من المتوقع أن يدفع قصف الحوثيين لهذا المعسكر مجدداً، إلى مزيد من التصعيد في الفترة القليلة المقبلة، إذ أعقب "المقتلة" دعوات في أوساط مؤيدي الشرعية إلى "توحيد الصف"، واعتبار الحادثة مؤشراً آخر على ضعف ما يتردد بشأن جهود السلام، على الرغم من أن الهجوم، لجهة التوقيت، يأتي امتداداً لاستراتيجية اتّبعتها جماعة "أنصار الله" خلال عام 2019، بتنفيذ هجمات مباغتة باستخدام الصواريخ والطائرات المسيّرة، في أكثر من جبهة مواجهات في البلاد، بما في ذلك مهاجمة معسكرات في عدن وفي الساحل الغربي للبلاد.
اقــرأ أيضاً
ووصفت مصادر في الجيش اليمني، تحدثت لـ"العربي الجديد"، ما شهده المعسكر بأنه "مجزرة" حقيقية، إذ سقط الصاروخ البالستي الذي أطلقه الحوثيون خلال صلاة العشاء، في حين أن أغلب الموجودين من المنتمين إلى اللواء الرابع حماية رئاسية، الذي يقوده العميد مهران القباطي، وكان اللواء في الأصل يُرابط في عدن حتى أحداث انقلاب أغسطس الماضي المدعوم من الإمارات، الذي اقتحم خلاله مسلحو "المجلس الانتقالي الجنوبي" مقر اللواء، لينتقل بعد ذلك إلى مأرب لتجميع أفراده في معسكر "الاستقبال".
وفي الوقت الذي تحفّظ فيه الحوثيون عن الإعلان الفوري لتبنّي الهجوم، أفادت مصادر عسكرية يمنية متطابقة، بأن الضحايا سقطوا بصاروخ أطلقته الجماعة من أطراف صنعاء المحاذية لمأرب، في ظل العديد من التساؤلات التي طُرحت بشأن دقة الإصابة وعدم تمكّن الدفاعات الجوية التابعة لقوات التحالف السعودي الإماراتي من اعتراض الصاروخ، كما حصل في العديد من الهجمات التي نفذها الحوثيون باتجاه مأرب التي تُعَد بمثابة مركز لقوات الجيش الموالية للشرعية منذ سنوات.
وفي تعليقه على الهجوم، قال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، في بيان نقلته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ): "إن الأفعال المشينة للمليشيات الحوثية تؤكد من دون شك عدم رغبتها أو جنوحها للسلام لأنها لا تجيد غير مشروع الموت والدمار، وتمثل أداة رخيصة لأجندة إيران في المنطقة". وأكد هادي "أهمية تعزيز اليقظة العسكرية والجاهزية القتالية وتنفيذ المهام والواجبات العسكرية وإفشال كل المخططات العدائية والتخريبية وحفظ الأمن والاستقرار".
من جهته، قال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، في تصريح على حسابه في "تويتر"، إن الحوثيين استهدفوا بـ"صواريخ إيرانية" مسجد المعسكر، ووصف العملية بأنها "هجوم وحشي" يهدد بنسف كل جهود إنهاء الحرب والسلام. وطلب من المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، بموقف وإدانة واضحين إزاء الهجوم، الذي اعتبره "انتقاماً" لمقتل قائد "فيلق القدس" الإيراني، قاسم سليماني.
ويُعدّ الهجوم تصعيداً خطيراً، إذ إنه واحد من أكبر الحوادث الدموية التي شهدتها البلاد في العامين الأخيرين، وأعاد الأنظار إلى هجوم الحوثيين في الخامس من سبتمبر/ أيلول 2015، حين استهدفت الجماعة بصاروخ بالستي معسكراً للتحالف في منطقة صافر في مأرب، ونتج من ذلك مقتل أكثر من 50 من جنود الجيش الإماراتي، وعشرة على الأقل من السعوديين، فضلاً عن قتلى من القوات السودانية والبحرينية المشاركة ضمن التحالف.
وتبرز أهمية هذا التصعيد في كونه يأتي في ظل تهدئة ضمنية سادت في أغلب جبهات الحرب في اليمن، وصولاً إلى المناطق الحدودية مع السعودية منذ ما يقرب من شهرين، في حين أن القصف جاء بعد يومين فقط من إعلان المبعوث الأممي مارتن غريفيث أمام مجلس الأمن الدولي، الخميس الماضي، أن 80 في المائة من الأعمال العدائية في اليمن تراجعت، وأن الأيام التسعة الأولى من شهر يناير/ كانون الثاني الحالي، مرت من دون تسجيل أي ضربات جوية للتحالف، الأمر الذي يُعَدّ تطوراً غير مسبوق على صعيد ما يُطلَق عليه "خفض التصعيد" في اليمن.
من زاوية أخرى، جاء توقيت قصف الحوثيين، في ما يبدو، رداً على تصعيد القوات الحكومية فجر الجمعة الماضي، بتنفيذ محاولة تقدّم في منطقة نِهم شرق صنعاء، إذ أعلن الحوثيون أنهم تصدوا لـ"زحف واسع" مدعوم بالمقاتلات الحربية، في الجبهة التي تُعد بوابة الشرعية لمحاولة التقدّم نحو استعادة السيطرة على العاصمة صنعاء من أيدي الحوثيين، في حين أن مأرب، تُعدّ بمثابة مركز عمليات قوات الشرعية في المحافظات الشمالية، بما في ذلك أطراف صنعاء الشرقية. واستمر القتال في نهم أمس الأحد، بحسب ما نقلت وكالة "سبأ" الرسمية عن مصدر عسكري، أوضح أن هناك "عشرات القتلى والجرحى من عناصر المليشيات الحوثية".
وفي ضوء مختلف المعطيات، من المتوقع أن يدفع قصف الحوثيين لهذا المعسكر مجدداً، إلى مزيد من التصعيد في الفترة القليلة المقبلة، إذ أعقب "المقتلة" دعوات في أوساط مؤيدي الشرعية إلى "توحيد الصف"، واعتبار الحادثة مؤشراً آخر على ضعف ما يتردد بشأن جهود السلام، على الرغم من أن الهجوم، لجهة التوقيت، يأتي امتداداً لاستراتيجية اتّبعتها جماعة "أنصار الله" خلال عام 2019، بتنفيذ هجمات مباغتة باستخدام الصواريخ والطائرات المسيّرة، في أكثر من جبهة مواجهات في البلاد، بما في ذلك مهاجمة معسكرات في عدن وفي الساحل الغربي للبلاد.
