حفتر إلى موسكو: إعادة لبيت الطاعة؟

حفتر إلى موسكو: إعادة لبيت الطاعة؟

17 يناير 2020
لم يعلن حفتر أسباب مغادرته لموسكو (Getty)
+ الخط -
قالت مصادر متطابقة ومقربة من اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، اليوم الجمعة، إنه يستعدّ لزيارة موسكو مجدداً تلبية لدعوة وجهها له الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لمواصلة المفاوضات بشأن التوقيع النهائي على اتفاق وقف إطلاق النار.
وبحسب المصادر التي تطابقت شهاداتها لـ"العربي الجديد"، فإن حفتر لم يحدّد ما إذا كانت زيارته لموسكو ستكون قبل يوم الأحد المقرّر عقد قمة برلين فيه، أو قبله. لكنّ تلك المصادر، التي فضلت عدم نشر هويتها، كشفت عن أن قبول حفتر لدعوة بوتين جاء بعد مباحثات يجريها حالياً في أثينا مع مسؤولي الحكومة اليونانية تتجه للفشل، من دون إبداء المزيد من التفاصيل.

ويرى الباحث الليبي في العلاقات الدولية، مصطفى البرق، بأنّ "التحول المفاجئ لحفتر بعودته إلى موسكو بعد رفضٍ دام لأيام، مؤشر على ارتباك موقفه، حيث أنه قد يواجه نتائج غير مقبولة في قمة برلين، من شأنها إفشال مشروعه العسكري".
وبينما لم يعلن حفتر أسباب مغادرته لموسكو من دون التوقيع على الاتفاق الذي وقعته حكومة "الوفاق"، ممثلة برئيس المجلس الرئاسي لحكومة "الوفاق" فايز السراج، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن حفتر طلب مزيداً من الوقت، بينما أكدت العديد من الأوساط أن اللواء المتقاعد غادر موسكو بطلب وتأثير من حلفائه العرب، وتحديداً قادة الإمارات.
ولاحقاً، قال وزير الخارجية بحكومة "الوفاق"، محمد سيالة، إن روسيا أبلغته بأنها تمارس ضغطاً على حفتر للتوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، وفق الصفحة الرسمية للوزارة.
لكن البرق يؤكد في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن حفتر، الذي قيل إنه غادر غاضباً بعد أن انتظر لساعات طويلة مقابلة الرئيس بوتين، يبدو أنه لم يعلن رفضه للاتفاق، ولكنه ترك الباب موارباً ليترك فرصة للتراجع وفق المتغيرات الدولية المتسارعة.
ويبدو من خلال الإعلانات المتوالية لعواصم العديد من الدول الكبرى، التي أكدت مشاركة رؤسائها في قمة برلين، أن نتائجها ستكون أكثر فعالية من نتائج المبادرات الدولية السابقة، بحسب البرق، ولذلك، فإنّ حفتر لا يزال يدور في حلقة مفرغة، ولم يحدّد اتجاهه، محاولاً استثمار ما يمكن استثماره، خصوصاً محاولة موسكو المستمرة في الاستحواذ على جزء من مفاتيح حلّ الأزمة الليبية، لضمان استمرار وجوده في المشهد الذي يمكن أن يفرزه لقاء برلين.
وتحدّد الوثيقة المسرّبة من إعلان برلين المرتقب، بنوداً عدة يمكنها أن تقوّض مساعي حفتر العسكرية، وأولها عدم وجود حلّ عسكري للأزمة في ليبيا، ما يعني اعترافاً ضمنياً بفشل حفتر، وضرورة الذهاب إلى حلول سياسية، بالإضافة إلى بنود أخرى تشدّد على ضرورة تنفيذ صادق لقرار حظر توريد السلاح لليبيا، والذي يمكن أن يكون طريقاً لتحجيم قوة حفتر العسكرية، وقطع الطريق أمام داعميه، خصوصاً الإمارات.
من جهته، يؤكد المحلل السياسي الليبي، عبد الحميد المنصوري، رأياً سابقاً أدلى به لـ"العربي الجديد"، بأنّ روسيا لديها الإمكانيات والقوة لإرجاع حفتر لبيت طاعتها، فكما أرغمته على القبول بوقف إطلاق النار، يمكنها أن ترجعه رغماً عنه لموسكو لمواصلة جهودها للتوسط في ليبيا.
ويرى المنصوري في حديثه الجديد لـ"العربي الجديد"، أن الساعات الفاصلة عن يوم الأحد المقبل ستشهد تحركات كثيفة وعلى مستويات عالية، قد تكشفها أو تؤشر إليها الاتصالات المعلنة بين رؤساء الدول.

ويعتقد المحلل السياسي الليبي أن ما يجري ليس تنافساً بين الحلف التركي الروسي من جانب، والأوروبيين من جانب آخر، على امتلاك خيوط الملف الليبي وإدارته، وإنما التنافس يبدو حول شكل اقتسام المصالح، ومن يمكنه من الأطراف الداخلية تحقيقها والحفاظ عليها.
ويؤكد المنصوري أيضاً أن روسيا، التي اعترفت بأن مقاتلين من بلدها يقاتلون في صفوف حفتر، تمتلك الكثير من أوراق الضغط عليه للقبول بوساطتها، ويمكنها مساومة داعميه العرب في أبوظبي والقاهرة، لتحفظ لها كرسياً مؤثراً في برلين.
ورجح ألا يكون إعلان الكرملين اليوم عن تمثيل بوتين شخصياً لبلاده في قمة برلين، يكشف عن شيء، سوى عن أن الرئيس الروسي سيحضر القمة وفي يده ورقة حفتر، التي تمثل اليوم أهم الأوراق في ليبيا، وقد سيطر على أجزاء كبيرة من البلاد، وتسيطر قواته على مصالح نفطية كبيرة ومهمة للأوروبيين.

حفتر يشكر صديقه

وشكر حفتر في رسالة، اليوم الجمعة، بوتين على جهوده لإنهاء الحرب في بلاده. وقال، في الرسالة التي وجّهها للرئيس الروسي ونشرها الكرملين: "فلاديمير بوتين، صديقي العزيز! أعرب عن امتناني الشخصي وتقديري لجهود روسيا الاتحادية لإحلال السلام والاستقرار في ليبيا".


"حفتر رجل لا يوثق به"

ووصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حفتر، بأنه "رجل لا يوثق به". وأضاف في تصريحات للصحافيين عقب صلاة الجمعة في مدينة إسطنبول التركية، أن حفتر "واصل قصف مدينة طرابلس بالأمس". وتابع "سنرى ذلك في برلين بشكل مفصل، وسنرى ماذا سيفعلون بعد يوم أو يومين فوراً مما سيقولونه في برلين".
واستدرك "لذلك أولي أهمية كبيرة ليوم الأحد، وكذلك الاثنين والثلاثاء والأربعاء.. وآمل أن يلتزموا بتعهداتهم وإلا فإننا سنتابع الأمر".
في مقابل ذلك، قال وزير الخارجية اليوناني، اليوم الجمعة، بعد لقائه خليفة حفتر في أثينا، إن اليونان شجعته على أن يكون بناء في مؤتمر برلين حول ليبيا. ونقلت وكالة "رويترز" عن الوزير اليوناني، نيكوس ديندياس، قوله بعد الاجتماع "شجعنا القائد على المشاركة بروح بناءة في عملية برلين، ومحاولة التوصل إلى وقف لإطلاق النار واستعادة السلام في ليبيا".
وأضاف أنه كان ينبغي أن تشارك اليونان في مؤتمر برلين بشأن ليبيا.