العراق: مخاوف من توظيف التظاهرات ضد أميركا لتطويق الانتفاضة

العراق: مخاوف من توظيف التظاهرات ضد أميركا لتطويق الانتفاضة

16 يناير 2020
يخشى العراقيون خطف احتجاجاتهم (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
بدأت قوى سياسية عدة وفصائل مسلّحة حليفة لإيران في العراق الاستعداد لتظاهرات "مليونية" ضد الوجود الأميركي في العراق، بعد إصدارهم سلسلة بيانات يوم الثلاثاء الماضي، ومن هؤلاء زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، وزعيم تحالف "الفتح"، هادي العامري، فضلاً عن فصائل ومليشيات مسلّحة، أبرزها كتائب حزب الله والنجباء والعصائب. وأثار الأمر تساؤلات كثيرة حيال الخطوة التي فسّرها مراقبون بأنها بديل آني للرد الصاروخي على قواعد أميركية في العراق الذي هددت به فصائل عدة، عقب الغارة الأميركية التي أدت إلى مصرع قائد "فيلق القدس"، قاسم سليماني، والقيادي في "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، في 3 يناير/ كانون الثاني الحالي، وقد جُمِّد بعد أن طلبت إيران ذلك من الفصائل، حسبما كشفت مصادر سياسية وأمنية وأخرى مقرّبة من "الحشد الشعبي".

في السياق، أكد قيادي بارز في تحالف "الفتح"، أن الدعوة إلى التظاهرات هي أولى خطوات مرحلة تصعيدية تبدأ من الشارع وتنتهي في البرلمان والحكومة، ضد الوجود الأميركي. وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "القوى السياسية والفصائل المقاومة للقوات الأجنبية في العراق، اختارت الركون إلى الوسائل الأخرى غير تلك المتعلقة بالعمل أو الجهد المسلح ضد القوات الأميركية".

وفي الوقت الذي تتصاعد فيه مخاوف الشارع من أن تكون التظاهرات بداية لتطويق انتفاضة العراقيين ضد الفساد والطائفية والمحاصصة والتبعية، التي تقترب من دخول شهرها الرابع حتى الآن، خصوصاً في ظلّ غموض مكان تنظيم تلك التظاهرات، وسط مخاوف من أنها قد تكون في ساحة التحرير، رحم الانتفاضة العراقية، وسط بغداد.












من جهته، أفاد أحد المقرّبين من زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، لـ"العربي الجديد"، بأن "الصدر يواصل التنسيق والاتصال مع قادة الفصائل المسلحة، من أجل تحديد مكان التظاهرة في بغداد، على أن تكون موحّدة، في العاصمة فقط، من دون الخروج بتظاهرات في المحافظات الأخرى". وكشف عن أنه "حُدِّد موعد انطلاق التظاهرة يوم الجمعة في 24 يناير/ كانون الثاني الحالي، في العاصمة بغداد فقط، لكن لغاية الآن لم يحدّد مكان معين لها. غير أنه طُرحت مواقع عدة مثل ساحة الفردوس أو ساحة الموال أو ساحة الحرية، قرب الجسر المعلق على مدخل المنطقة الخضراء، نحو السفارة الأميركية، وذلك على الرغم من وجود دعوات من فصائل عدة، على أن تكون في ساحة التحرير، في ظلّ وجود المتظاهرين هناك منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي".

وأكد عضو المجلس السياسي لمليشيا النجباء، حيدر اللامي، في اتصال مع "العربي الجديد"، أنه "لغاية الساعة لم يُحدَّد مكان معين للتظاهرة المليونية، وخلال اليومين المقبلين سيُحدَّد مكان التظاهرة. وهذه التظاهرة استكمال للتظاهرات المطلبية التي انطلقت في شهر أكتوبر الماضي". وتوقع أن "يكون مكان التظاهرة في ذات أماكن تظاهرات ساحة التحرير". وأكد أن "فصائل المقاومة الإسلامية"، قررت أنه يجب عليها أولاً "مراقبة الجهد السياسي والدبلوماسي في ملف إخراج القوات الأميركية من العراق، وعدم اللجوء إلى الخيار العسكري حالياً، وفي حال فشَل الجهود الأولى، سيُلوَّح بورقة الرد العسكري". وتكهّن اللامي أن تتحول التظاهرات فيما بعد إلى "اعتصامات".

بدوره، نفى القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي، في حديث لـ"العربي الجديد"، ما طرحه ناشطون عن وجود مخاوف من أن التظاهرات التي دعا إليها الصدر والفصائل المسلحة وقوى سياسية حليفة لإيران، محاولة لوأد انتفاضة العراقيين، وخصوصاً أن دعوات التظاهرات جاءت بعد يومين من اجتماع ضمّ الصدر وقيادات بالحشد وأحزاب في مدينة قم الإيرانية. وقال إن "الحديث عن محاولة التيار الصدري إنهاء الاحتجاجات تحت غطاء التظاهرات ضد الاحتلال الأميركي غير صحيح، فالصدر داعم للتظاهرات الشعبية، بل قاطع جهات عدة بسبب دعمه لهذه التظاهرات، والتيار الصدري خسر الكثير من علاقاته بسبب دعمه المستمر للتظاهرات منذ انطلاقها في 1 أكتوبر وحتى الساعة".

لكن عضو البرلمان العراقي، باسم خشان، قال في حديث مع "العربي الجديد"، إن "التظاهرة التي دعا إليها الصدر وأيّدها قادة الفصائل، تهدف إلى إنهاء التظاهرات الشعبية والإبقاء على الحكومة الحالية، برئاسة عادل عبد المهدي، وعدم إجراء انتخابات مبكرة". وأكد أن "هناك مخاوف من وقوع صدامات بين متظاهري ساحة التحرير ومتظاهري الفصائل، إذا أصرّ قادة الفصائل على التظاهر في ساحة التحرير، فعلى قادة الفصائل تجنب الاحتكاك مع المتظاهرين، لمنع وقوع أي خسائر كبيرة في صفوف المواطنين". واتهم خشان التيار الصدري بأنه "عندما تنمو التظاهرات الشعبية وتكبر، يدخلها في النهاية ويختطفها، وما يحصل الآن محاولة لاختطاف التظاهرة من قبل التيار الصدري، بمشاركة الفصائل الأخرى". وأضاف أن "المتظاهرين في ساحة التحرير أحرص على سيادة العراق من تلك الفصائل، لكونهم رفضوا القصف الأميركي والقصف الإيراني، بينما دافعت الفصائل عن السيادة من طرف واحد فقط"، أي ضد الأميركي فقط دون الإيراني.