إيران وإسرائيل والمواجهة المؤجلة

إيران وإسرائيل والمواجهة المؤجلة

10 يناير 2020
قراءة إسرائيلية: اغتيال سليماني لإفشال تقارب سعودي إيراني (Getty)
+ الخط -

جزم معلق الشؤون العسكرية في "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، أمس الجمعة، أن اغتيال قائد "فليق القدس" الجنرال قاسم سليماني، جاء لإحباط وإفشال بوادر تقارب سعودي إماراتي إيراني، أطلقته السعودية بعد هجمات 14 سبتمبر/أيلول على مصافي النفط، كان يمكن له (أي التقارب) أن يُحدث تغييرات جوهرية وأساسية في الخليج العربي، إلى حد تفاهمات سعودية إيرانية تطاول اليمن، وفي الطريق يُفقد إسرائيل ركيزة استراتيجية هلل لها ويهلل لها رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بشأن تقاطع مصالح بين إسرائيل ودول الخليج بشأن وجود عدو مشترك للطرفين تمثله إيران. وبحسب فيشمان، كان لا بد من القيام بخطوات دراماتيكية لمنع ذلك، وبين هذه الخطوات اغتيال سليماني باعتباره من قاد خيوط مساعي التقارب المذكور بالنيابة عن إيران.

هذا التحليل لم يرد إلا عند فيشمان، في المقابل أعلن رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق، الجنرال غيورا أيلاند، أن إيران لن تبادر بمحض إرادتها لاستهداف دولة الاحتلال الإسرائيلي ما لم تحقق ثلاثة أهداف (شروط) استراتيجية: قدرات نووية، تموضع عسكري لمليشيات تابعة لها على الحدود السورية، وتسليح "حزب الله" بصواريخ دقيقة. ما عدا ذلك لن تغامر إيران ولن تُقدم على شن هجوم عسكري على إسرائيل.

تنبع أهمية هذا الكلام من حقيقة كونه يعكس تفكير المؤسسة الأمنية بشكل عام بما يتعلق برؤيتها لاحتمالات المواجهة مع إيران، وهو يعني أن بين الحسابات الإسرائيلية الجادة، من جهة، وبين الدعاية الإسرائيلية التي تغذيها أحياناً تصريحات إيرانية بمسح دولة الاحتلال عن الوجود، من جهة ثانية، بوناً شاسعاً يتسع لجولات من المناوشات والضربات بالأساس في ساحات عربية (العراق، سورية).

الحرب بين إيران وإسرائيل، هي حرب مؤجلة بإقرار أيلاند، لكن هذا لا يمنع أي منهما من التلويح بالحرب تكريساً وتحقيقاً لأهدافهما على حساب الدول العربية وشعوبها. إيران لن تسارع في ظروفها الاقتصادية الحالية، أيضاً، إلى استفزاز دولة الاحتلال، ولا عبر مليشياتها الخاضعة لها في العراق أو سورية، وهي قد تتجه إلى ترتيب أوراقها الداخلية والتركيز على مطلب إخراج القوات الأميركية من العراق، كورقة مساومة لتحسين مكانتها في أي مفاوضات مستقبلية مع الدول الغربية ومع الولايات المتحدة، كي تحافظ على "شرعية" شعبية لوجودها في العراق، وإخماد لهيب المعارضة الشعبية العراقية لوجود مليشيات تابعة لطهران على أرض العراق، وإحباط الانتفاضة العراقية للتخلص من نفوذ إيران في بلاد الرافدين.