معاهدة الدفاع الأميركية الإسرائيلية: مناورة أم مظلة لضرب إيران؟

معاهدة الدفاع الأميركية الإسرائيلية: مناورة أم مظلة لضرب إيران؟

15 سبتمبر 2019
قادة جيش الاحتلال يبدون معارضة للاتفاقية (دراو آنجيري/Getty)
+ الخط -

أثار إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس السبت، على حسابه على
"تويتر"، أنه اتصل برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وبحث معه توقيع معاهدة دفاع مشترك بين إسرائيل والولايات المتحدة، جدلاً واسعاً في إسرائيل، لا سيما بعد أن رد نتنياهو على إعلان ترامب بالشكر والترحيب.

وفي الوقت الذي أبدت فيه قيادات عسكرية وأمنية في تل أبيب رفضها لفكرة معاهدة الدفاع، أشارت أوساط إسرائيلية إلى أن نتنياهو يهدف من وراء هكذا معاهدة إلى توفير بيئة تسمح له بتوجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية من دون أن يكون بوسع طهران الرد على هذه الهجمات.

وكشف موقع "والاه"، اليوم الأحد، أن قادة الجيش والمؤسسة الأمنية في تل أبيب يبدون معارضة كبيرة لتدشين حلف دفاع مع الولايات المتحدة، على اعتبار أن هذا الحلف سيقيّد قدرة إسرائيل على استخدام القوة العسكرية في "الدفاع عن نفسها".


ولفت الموقع إلى أن الجنرالات في تل أبيب عارضوا دوماً حلف الدفاع مع الولايات المتحدة، على اعتبار أن الدولة التي سترتبط بمثل هذا الحلف مع الولايات المتحدة ستلتزم بعدم الإقدام على تنفيذ عمليات عسكرية كبيرة أو شن حروب إلا بعد الحصول على موافقة واشنطن.

وواجهت طال شاليف، المعلقة السياسية لـ"والاه"، نتنياهو في مقابلة مصورة نشرها الموقع اليوم، باعتراضات الجنرالات على حماسه لتدشين حلف الدفاع مع الولايات المتحدة، فرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي المسوغات التي يقدمها هؤلاء الجنرالات لتبرير معارضتهم. 

وادعى رئيس حكومة الاحتلال أن الجنرالات "ببساطة لا يفهمون ما يدور الحديث بشأنه، فهناك العديد من الأنماط لتحالفات الدفاع، وليست كلها تستند إلى الشروط نفسها"، على حد تعبيره. 

وزعم نتنياهو أن مشاركة بريطانيا في حلف شمال الأطلسي (ناتو) لم يمنعها من شن حرب فوكلاند. وتساءل: "إن كنت قد نجحت في إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتسليم بأن يتمتع جيشنا بهامش حرية مطلق في سورية، هل سأعجز عن نفس المهمة في مواجهة الرئيس ترامب؟".

لكن نتنياهو، الذي يبدي حماساً لتدشين التحالف مع الولايات المتحدة، عارض مثل هذه الخطوة عندما كان زعيماً للمعارضة عشية انتخابات العام 1996. 

وأعادت الصحافية نوعا لانداو على حسابها على "تويتر"، صباح اليوم، للأذهان ما قاله نتنياهو ردا على ترحيب رئيس الوزراء في ذلك الوقت شمعون بيريس بفكرة عقد حلف دفاع مع الولايات المتحدة، إذ قال: "على إسرائيل أن تواصل استنفاذ الطاقة الكامنة في قوتها العسكرية، وأي خطوة تقلص من قدرتها على ذلك يجب رفضها، وضمن ذلك عقد حلف دفاع مع الولايات المتحدة".

ونقلت لانداو عن إسحاق مردخاي، الذي كان وزيراً للحرب في حكومة نتنياهو الأولى قوله: "ما تخسره إسرائيل من تدشين حلف دفاع مع الولايات المتحدة أكثر مما تستفيد منه، وهي لن تكون ببساطة قادرة في المستقبل على الدفاع عن نفسها في ظل مثل هذا الحلف".

وأشارت لانداو إلى أنه جاء في مذكرات دينيس روس، المبعوث الأميركي للمنطقة في أواخر تسعينيات القرن الماضي، أن الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلنتون عرض على نتنياهو فكرة تدشين حلف دفاع مع الولايات المتحدة، وذلك بهدف تشجيعه على تقديم "تنازلات" في المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية، مشيرة إلى أن الموضوع لم يثر بعد ذلك، إذ تفجرت قضية مونيكا لوينسكي.

من جهته، لفت الباحث شموئيل مئير، الذي سبق أن عمل محللاً في لواء الأبحاث التابع لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، إلى أن إعلان ترامب بشأن حلف الدفاع وترحيب نتنياهو به لا يعدو كونه "مناورة ولا يدل على أن الطريق باتت ممهدة أمام التوصل لاتفاق بهذا الشأن". 

وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس" اليوم الأحد، أشار مئير إلى ما سبق أن كشفته صحيفة "معاريف" قبل عدة أشهر من أن مستشاري نتنياهو، وضمنهم سفيره في واشنطن رون درمير، فشلوا في التوصل لتفاهم حول بنود حلف الدفاع المشترك، مشيراً إلى أنه في أعقاب هذا الفشل تم الاتفاق على أن يصدر ترامب إعلاناً رئاسياً بشأن استعداد الولايات المتحدة للموافقة على هذا الحلف فقط.

وأبرز أن للإعلان الرئاسي بشأن حلف الدفاع قيمة سياسية محدودة ومؤقتة، ولن يكون له انعكاسات عملية، مشيراً إلى أنه يتضح من إعلان ترامب بالأمس أن كبار الموظفين في إدارته والحكومة الإسرائيلية المقبلة سيواصلون البحث في مسألة تدشين الحلف بعد الانتخابات.

وأوضح مئير أن نتنياهو يهدف من وراء الدفع نحو معاهدة دفاعية مع واشنطن إلى توفير بيئة تسمح له بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية وقتما رأى أن ذلك ضرورة لأمن إسرائيل القومي. 

وأضاف أن نتنياهو، الذي يفترض أن إيران سترد على أي هجوم يستهدف منشآتها النووية، فإنه يسعى للتوصل إلى حلف دفاع مع الولايات المتحدة ليشكل رادعاً لطهران ويمنعها من الرد على الهجمات الإسرائيلية، على اعتبار أن الإيرانيين سيخشون ردة الفعل الأميركية.

واستدرك أن فرص موافقة الولايات المتحدة، حتى في ظل إدارة ترامب، على التوصل لحلف يمكن أن يورطها في مواجهة إقليمية، متدنٍ جداً، مشيراً إلى أن إقرار حلف الدفاع مع إسرائيل يتطلب تصويت ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ لصالحه.

وحسب مئير، فإن نتنياهو اعتمد على صديقه السيناتور الجمهوري النافذ ليندسي غراهام في الترويج لفكرة حلف الدفاع في أروقة الإدارة والكونغرس. 

وأوضح أن الاعتبارات الانتخابية تلعب أيضا دوراً مهماً في دفع نتنياهو للتعلق بفكرة حلف الدفاع مع الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن رئيس وزراء الاحتلال معني بأن يظهر نفسه أمام الناخب الإسرائيلي "كلاعب رائد في الساحة الدولية، وقائد سياسي لا يمكن أن تجد إسرائيل بديلا عنه".

وأشار إلى أن نتنياهو تلقف فكرة "حلف الدفاع" مع الولايات المتحدة بعد أن تلقت حملته ضد البرنامج النووي الإيراني ضربات موجعة، تمثلت في فشل جولته إلى لندن وسوتشي، وعجزه عن وقف توجّه ترامب للتقارب مع إيران، وعدم تمكنه من دق إسفين بين موسكو وطهران.