سابقة بانتخابات تونس: مرشح وراء القضبان وآخر فار لفرنسا

سابقة في انتخابات تونس الرئاسية: مرشح وراء القضبان وآخر فار إلى فرنسا

13 سبتمبر 2019
حملة انتخابية بالوكالة لمرشحَين حاضرَين بالغياب (ناصر تليل/الأناضول)
+ الخط -
تُسدل تونس، مساء اليوم الجمعة، الستار على الحملة الانتخابية الرئاسية المبكرة لتسجل سابقة لم يُعرف لها مثيل، حملة انتخابية بالوكالة لمرشحَين حاضرَين بالغياب بسبب ملاحقتهما قضائياً، نبيل القروي من وراء قضبان السجن، وسليم الرياحي من ملجئه في فرنسا.

وينتهي أسبوعا الحملة الانتخابية الرئاسية من دون تسجيل حضور أو مشاركة في أي نشاط ميداني انتخابي لكلّ من القروي، رئيس حزب "قلب تونس" وصاحب قناة "نسمة" القابع في سجن المرناقية منذ 25 أغسطس/آب، وسليم الرياحي رئيس حزب "الوطن الجديد"، الهارب في فرنسا منذ نهاية العام 2018 الماضي.

وتدير زوجة القروي الحملة الانتخابية لزوجها الموقوف بسبب قرار قضائي من النيابة العمومية بالقطب القضائي المالي على خلفية تهم قضايا فساد مالي قدمتها منظمة "أنا يقظ" منذ العام 2016، فيما تقود قيادات حزب "الوطن الجديد" من سليلي حزب "الاتحاد الوطني الحر" المحلول الحملة الانتخابية للمترشح سليم الرياحي، الفار إلى فرنسا بسبب توجيه تهم له بفساد مالي، وقبل تحجير السفر وتجميد ممتلكاته.

وان كان الرياحي والقروي يتشابهان في غيابهما عن الساحة الانتخابية وملاحقتهما من قبل القضاء التونسي، إلا أنهما يختلفان من حيث الأداء، حيث تمكن الرياحي من الإدلاء بالتصريحات الإعلامية وإجراء الحوارات التلفزيونية والاذاعية من مقر إقامته في العاصمة الفرنسية باريس، في حين أن القروي ممنوع بقرار قضائي من إجراء الحوارات وتقديم التصريحات، بحسب ما أكدته محكمة الاستئناف لمخالفة ذلك لقانون السجن.

وتختلف حظوظ القروي عن الرياحي، ويتصدر الأول نتائج سبر الآراء ونوايا التصويت في استطلاعات الرأي، بما جعله منافساً جدياً وقوياً يُحسب له ألف حساب من قبل كبار المرشحين، إذ ما زالت لديه حظوظه في العبور نحو الدور الثاني، حتى بعد سجنه، فيما تُعد حظوظ الرياحي في هذا السياق ضعيفة.

وتنظر محكمة التعقيب، اليوم الجمعة، في قضية المرشح الموقوف نبيل القروي. وقالت المحكمة في بلاغ توضيحي إن هذا الاجراء "يندرج في إطار إعطاء ملفات الموقوفين الأولوية المطلقة، بدءاً بتحرير ملحوظات الادعاء العام بخصوصها وإحالتها على رئاسة المحكمة، وانتهاء بتعيينها بأقرب جلساتها"، مشيرة إلى أن "تعيين الجلسات يتم دون اعتبار لهوية الأطراف أو أسمائهم أو صفاتهم، طالما أنهم موقوفون، ولا سيما إذا كانت هذه الملفات واردة من دوائر الاتهام، مراعاة لآجال الإيقاف التحفظي ولما تقتضيه أعمال التحقيق والاتهام من سرعة".

ورفضت دائرة الاتهام الصيفية بمحكمة الاستئناف بتونس طلب الإفراج عن القروي يوم 5 سبتمبر/ أيلول 2019.

ويأتي توضيح المحكمة إثر اعلان رضا بلحاج، عضو لجنة الدفاع، أن موكله نبيل القروي دخل في إضراب عن الطعام، مطالباً بتمكينه من حقه في التصويت يوم الأحد 15 سبتمبر/أيلول وإطلاق سراحه من السجن.

أما الرياحي فسيتمكن من التصويت في الخارج، من باريس حيث يقيم، مع التونسيين المقيمين في الخارج، كما يواصل حملته التشريعية في دائرة فرنسا باعتباره مرشحاً لعضوية البرلمان في الوقت نفسه.

ويرى المحلّل السياسي عبد المنعم المؤدب في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تونس تعطي المثال والأنموذج للعالم العربي والمجتمع الدولي في الممارسة الديمقراطية، حيث يمارس المظنون فيه والمتهم والموقوف حقه الدستوري والقانوني في الترشح، على الرغم من الأبحاث القضائية في حقه، وهو ما يؤكد الفصل بين السلطة القضائية والتنفيذية والهيئات الدستورية، حيث أقرت هيئة الانتخابات بحقه في الترشح والفوز بالرئاسة.

ولفت المؤدب الى أن العالم يتابع باهتمام كبير ما يحدث في تونس التي تعطي الدروس، وعلى الرغم من قلق بعض المنظمات والهيئات المراقبة، فإن سلامة ونزاهة الانتخابات أمر مكفول ومحمول على الهيئات والمجتمع المدني والإعلام الذي يسهر على ذلك.

وبين المحلل السياسي أن فوز القروي بالرئاسة أو مروره الى الدور الثاني يطرح سيناريوهات مسكوت عنها في القانون، حيث يمكن نظرياً أن يصبح أول رئيس عربي، وربما في العالم، يفوز في الانتخابات من وراء القضبان، وفي هذه الوضعية كيف سيتم التعامل مع القضايا المرفوعة في حقه بعد حصوله على الحصانة الرئاسية.

وانتقد المؤدب تخفي المرشحين للرئاسة وراء الجمعيات الخيرية أو مؤسسات الإعلام أو وراء الجمعيات الرياضية، وهو ما يضاهي خطورة الخلط بين الديني والدعوي مع السياسي المحظور دستورياً، داعياً هيئة الانتخابات وهيئة الاتصال السمعي البصري إلى تحمل مسؤوليتها في ذلك، بتحجير خلط السياسي بالخيري والإعلامي والرياضي.

المساهمون