تصعيد إماراتي جديد بسقطرى:​ معاقبة السكان واقتحام المؤسسات الحكومية

تصعيد إماراتي جديد في سقطرى:​ معاقبة السكان واقتحام المؤسسات الحكومية

12 سبتمبر 2019
تستميت الإمارات عبر المسلحين لفرض نفوذها بسقطرى(كريم صحيب/فرانس برس)
+ الخط -
في مشهد مثير للدهشة، حضر المندوب الإماراتي في محافظة أرخبيل سقطرى اليمنية خلفان المزروعي، برفقة مسلحين مدعومين من بلاده، ليقوم باقتحام مقر مؤسسة الكهرباء وحمل المولدات التي قدمتها أبوظبي في وقتٍ سابق، على متن شاحنات، في الجزيرة الأكبر عربياً - الجوهرة اليمنية، الواقعة أقصى الشرق، والتي يستميت الإماراتيون لفرض نفوذهم فيها، في محاولة لاستغلال واقع ضعف حضور الحكومة اليمنية، لكنهم يواجهون رفضاً متزايداً في الأوساط اليمنية. 

وأفادت مصادر محلية في سقطرى، وأخرى حكومية، "العربي الجديد"، اليوم الخميس، بأنّ الإمارات، وخلال الأسبوعين الأخيرين، كثفت من تحركاتها الأمنية في جزيرة سقطرى، في إطار محاولات فرض سيطرة المجموعات المسلحة التابعة لها تحت مسمى ما يعرف بـ"قوات الحزام الأمني"، على المنشآت الحكومية في مدينة حديبو، عاصمة الأرخبيل، بعدما فشلت في محطات سابقة بالسيطرة عليها بواسطة قواتها العسكرية بصورة مباشرة. 

ووفقاً للمصادر، جاء التصعيد الأخير في أعقاب وصول دفعة جديدة من أفراد ما يعرف بـ"الحزام الأمني"، تتألف من العشرات من سكان الجزيرة، قام الإماراتيون باستقطابهم في أشهر سابقة، ونقلهم إلى عدن لتلقي تدريبات، قبل أن يتم إرسالهم، أخيراً، على متن سفينة إلى الجزيرة، بالتنسيق مع ممثلي "المجلس الانتقالي" الانفصالي في الجزيرة، وبالترافق مع التصعيد الإماراتي الذي شهدته مدن جنوب اليمن، بما في ذلك عدن، اعتباراً من مطلع أغسطس/آب الماضي.

وكانت سقطرى، الأربعاء الماضي، على موعد مع تطور لافتٍ، تمثل في قيام مندوب "مؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية"، والذي يعد مندوب الإمارات في الجزيرة، خلفان المزروعي، برفقة عناصر من "الحزام الأمني" و"المجلس الانتقالي"، باقتحام مقر مؤسسة الكهرباء في المدينة، وسحب المولدات الكهربائية الخاصة بتوليد الكهرباء في الجزيرة، بعدما كانت أبوظبي قد قدّمتها في وقت سابق. 

وبحسب بيان رسمي لمحافظ سقطرى رمزي محروس، قام المزروعي بـ"اقتحام مؤسسة الكهرباء في محافظة سقطرى بمعية عدد من عناصر الانتقالي، وسيطرتهم على مولدات ومحولات كهربائية وسحبها من المحطة".

وقال محروس، في بيانه الذي نشره على صفحته في "فيسبوك"، إنّ "ما يقوم به المندوب الإماراتي وأدواته من الاعتداء على مؤسسات الدولة سلوك مستهجن ومرفوض ويجب التوقف عنه فوراً".

كما لمّح إلى أنّ الخطوة تأتي في إطار محاولة إماراتية لمعاقبة سكان سقطرى من خلال قطع الخدمات، قائلاً إنّ "من يراهن على خلط الأوراق ومعاقبة أبناء سقطرى والنيل من خدماتهم وإذكاء الفتنة، فرِهانه خاسر ولن يمر".


وترافق
التصعيد مع خطوة إماراتية لافتة، تمثلت بتسيير أبوظبي رحلات من مطار الريان الدولي بمدينة المكلا في محافظة حضرموت، لنقل مسافرين إلى سقطرى، في ظل استمرار إغلاق المطار منذ سنوات من قبل الإماراتيين أنفسهم.

ودفعت الخطوة الحكومة اليمنية، وعبر تصريحات صحافية لوزير النقل صالح الجبواني، بالإعلان عن عزمها على اللجوء إلى الهيئات الدولية القانونية ذات الصلة، لتقديم شكوى بالإماراتيين لانتهاكهم السيادة اليمنية، وتسييرهم رحلات دون التنسيق مع الجهات المعنية اليمنية. 

وليست المرة الأولى التي تسعى فيها أبوظبي، عبر المجندين الموالين لها، إلى بسط سيطرتها في منشآت سقطرى، إذ سبق وشهدت المحافظة، في يونيو/ حزيران الماضي، تصعيداً إماراتياً، عبر هجوم نفذه مسلحو "الحزام الأمني" للسيطرة على ميناء سقطرى، إلا أنّ القوات الحكومية تمكنت من التصدي له.

كما يأتي التصعيد الإماراتي عبر "الحزام الأمني" بعدما حاول الإماراتيون، في مايو/ أيار 2018، احتلال ميناء ومطار سقطرى بالقوة العسكرية، حين قام جنود إماراتيون باحتلالهما، أثناء وجود رئيس الحكومة اليمنية السابق أحمد عبيد بن دغر، على رأس وفد حكومي في الجزيرة، وواجهت الخطوة حينها أول رفض يمني مباشر، وصل إلى شكوى يمنية في مجلس الأمن الدولي، فيما قامت السعودية، حينها، باحتواء الأزمة عبر إرسال لجنة أشرفت على إجراءات لنزع فتيل التوتر، وإعادة القوات اليمنية إلى المطار والميناء. 

وعلى الرغم من المحاولات الإماراتية المستميتة، والتي تسعى من خلالها أبوظبي لفرض نفوذها في هذا الموقع الاستراتيجي من العالم، إلى حد محاولة احتلاتها بمختلف الوسائل، إلا أنّ الموقف المحلي القوي للسكان برفض "العبث الإماراتي"، وغياب الحجج لتبرير ممارسات الإمارات، يمثلان أبرز ما يقف بوجه مخططاتها في هذه الجزيرة، ويدفعان الإماراتيين إلى تصرفات متهورة، على غرار اللجوء إلى اقتحام مؤسسة "الكهرباء" وسحب المولدات. 

ومن المتوقع أن يلقي التصعيد بسقطرى بظلاله على أي مفاوضات تجري في الغرف المغلقة برعاية السعوديين في مدينة جدة، باعتباره يقلل من شأن أي جهود، يقابلها استمرار الإماراتيين بالتصعيد ضد الشرعية اليمنية بالمناطق الجنوبية والشرقية.

المساهمون