الحكومة البريطانية تكشف تقييمها لمخاطر "بريكست" دون اتفاق

الحكومة البريطانية تكشف تقييمها لمخاطر "بريكست" دون اتفاق

12 سبتمبر 2019
مخاطر كبيرة تصاحب "بريكست" دون اتفاق (لوراين أوسوليفان/فرانس برس)
+ الخط -
رفض رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الاستجابة لمطالب البرلمانيين ونشر رسائله الخاصة المتعلقة بإغلاق البرلمان، مكتفياً بالكشف عن استعدادات حكومته لـ"بريكست" من دون اتفاق، وتقييمها لمخاطره في إطار عملية "المطرقة الصفراء".

ووصف جونسون مطلب مجلس العموم بالاطلاع على المراسلات الخاصة به وبمستشاريه، والذي أقر في الساعات الأخيرة قبيل إغلاق البرلمان مساء الاثنين، بأنه "غير مسبوق وغير ملائم وغير متناسب"، فيما أكدت وثائق "المطرقة الصفراء" صحة تقرير نشرته صحيفة "التايمز" الشهر الماضي، بناء على مذكرة حكومية مسربة يصف الضرر الذي سيلحق ببريطانيا في حال بريكست من دون اتفاق.

وبينما كان رد الحكومة حينها أن المذكرة قديمة ولا تتناسب مع التطورات التي جرت منذ بداية الصيف الحالي، لا تكشف الوثائق التي كشفت عنها ليلة أمس عن أية فوارق تذكر. 

وأقر البرلمان البريطاني، مساء الاثنين، قانوناً يلزم حكومة جونسون بالكشف عن كافة استعداداتها وتقييمها لبريكست من دون اتفاق، إضافة إلى كافة المراسلات الخاصة بجونسون ومستشاريه، والمتعلقة بإغلاق البرلمان، في انعكاس لعدم الثقة بين البرلمان والحكومة. 

وأكدت الوثائق أن عدم الاتفاق قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الوقود والغذاء، ونقص في الإمدادات الطبية، إضافة إلى اضطرابات وقلاقل في الشارع البريطاني، وطوابير انتظار طويلة على المعابر الحدودية، في تقييم "أسوأ سيناريوهات" عدم الاتفاق.

وتشير الوثائق إلى أن فترات الانتظار على المعابر الحدودية، سواء البرية أو البحرية، ستتضاعف نتيجة لانتهاء الاتفاقيات الجمركية مع الاتحاد الأوروبي، وعدم قدرة البنية التحتية البريطانية على التعامل مع حجم التجارة المعطلة نتيجة لذلك. 

وتقدر الوثائق أن 85 في المائة من الشاحنات العابرة للقنال الإنكليزية قد لا تكون جاهزة للتعامل مع نظام الجمارك الفرنسي. فمساحات الانتظار في الموانئ الفرنسية ضيقة، إضافة إلى عدم جاهزية التجار للتحول في النظام الجمركي، سيؤديان إلى تراجع تدفق مستويات الحركة التجارية عبر الحدود إلى نحو 40-60 في المائة من المستويات الحالية. 

ولا يتوقع أن ينفرج الوضع بسرعة، حيث قد تستمر هذه الأزمة الحدودية لمدة ثلاثة أشهر، بينما تستمر الاضطرابات الناجمة عنها لفترات أطول، حيث قد تنتظر الشاحنات أكثر من يومين لعبور الحدود. 

وسيكون الضرر في أشده عندما يتعلق بالإمدادات الطبية، والتي تعتمد على الاستيراد من أوروبا، وخاصة أن فترات صلاحيتها قصيرة ولا تحتمل الانتظار الطويل على الحدود، وفقاً للتقرير. 

وفيما يتعلق بالمواد الغذائية المستوردة من أوروبا، فإنها ستمر بفترات الانتظار الطويلة ذاتها، وهو ما سيقلص من توفرها في المتاجر البريطانية. 

وقال التقرير "إن هذه الأمور مجتمعة لن تؤدي فقط إلى عوز إجمالي في الأغذية في بريطانيا، بل إنها ستؤدي أيضاً إلى تراجع الخيارات المتوفرة أمام المستهلك، وسترفع الأسعار، وهو ما سينعكس على المجموعات المهمشة من السكان". وأضاف أن "الأفراد من ذوي الدخل المنخفض سيعانون بشكل غير متناسب من أي ارتفاع في أسعار الغذاء والوقود". 

وحذر التقرير أيضاً من احتمال انتشار التظاهرات والتظاهرات المضادة عبر بريطانيا، وهو ما قد يستهلك الموارد الشرطية. كما قد ترتفع احتمالات العنف نتيجة للاعتداء على الأجانب في البلاد.


 

وبخصوص معابر جبل طارق، المحاذية لإسبانيا، فمن المتوقع أن تعاني من المصير ذاته، حيث ستطول ساعات الانتظار عند المعبر الحدودي لتصبح الساعات الأربع الحالية "عدة أشهر على الأقل".

كما تقر الوثيقة بأن نوعاً من الحدود الصلبة سيعود إلى أيرلندا الشمالية في تناقض مع التصريحات الحكومية المتكررة بأنها لن تضع حدوداً صلبة في الجزيرة الأيرلندية. 

وتتوقع الوثيقة أيضاً أن تؤدي هذه الاضطرابات وفقدان العديد من الشركات القدرة على وصولها للسوق الأوروبية إلى مغادرة بريطانيا لتجنب التكاليف المرتفعة، وهو ما سينعكس سلباً على سوق العمل البريطانية.

وبينما وصلت الأموال الحكومية المخصصة للتعامل مع عدم الاتفاق إلى 8 مليارات جنيه إسترليني، تشير الحكومة إلى أن هذا السيناريو مبني على أسوأ احتمال ممكن، حيث تغادر بريطانيا البنى الاقتصادية الأوروبية وتتحول للتعامل وفقاً لقواعد منظمة التجارة الدولية.

محكمة تدعم قرار جونسون إغلاق البرلمان

وفي السياق، قضت محكمة في بلفاست، في أيرلندا الشمالية، بأن قرار جونسون بإغلاق البرلمان البريطاني قانوني لمدة خمسة أسابيع ولا يضر بعملية السلام في أيرلندا الشمالية.
ويتوافق القرار القضائي في أيرلندا الشمالية مع قرار آخر صدر الأسبوع الماضي في إنكلترا، إلا أنه يتعارض مع قرار محكمة الاستئناف الإسكتلندية التي رأت أن جونسون تعمّد تضليل الملكة إليزابث الثانية حول دوافعه وراء تعليق جلسات البرلمان.

وكانت المحكمة الإسكتلندية وجدت، يوم أمس الأربعاء، أن قرار جونسون غير قانوني، إذ إن مسألة إغلاق البرلمان تعد خلافاً سياسياً وليس قانونياً. 

واستندت المحكمة الإسكتلندية إلى أن جونسون لم يكن صادقاً حول دوافعه لإغلاق البرلمان، وترى أنه استخدمه لإسكات النقاش البرلماني المعارض لسياسته حول بريكست، وليس كما يزعم بوجود حاجة لبدء جلسة برلمانية يناقش فيها البرلمان تشريعات جديدة.

وكانت مجموعة من 75 نائبا بريطانيا من غرفتي البرلمان قد تحدت قرار الإغلاق في كل من إنكلترا واسكتلندا وويلز.

ونظراً للتطورات الأخيرة، ستعقد المحكمة الدستورية العليا جلسة الاستماع الأولى يوم الثلاثاء المقبل، للبث في مسألة قانونية إغلاق البرلمان الأسبوع التالي.

ونفى جونسون صباح اليوم تضليله للملكة حول أسباب إغلاق البرلمان، وقال "تتفق المحكمة العليا في إنكلترا معنا، لكن المحكمة الدستورية هي التي ستقرر، كما أننا نحتاج لخطاب الملكة ونحتاج للمسير قدماً لتنفيذ كل شيء على الصعيد الوطني".

وعاد ليكرر أمله بالاتفاق حول بريكست بالقول "سيكون لدى البرلمان المزيد من الوقت قبل وبعد القمة الحاسمة في 17 و18 أكتوبر/تشرين الأول للحديث عن صفقة بريكست".