انفتاح روسي على بغداد... وانقسام عراقي حول التعاطي معه

انفتاح روسي على بغداد... وانقسام عراقي حول التعاطي معه

11 سبتمبر 2019
اتصالات وزيارات متبادلة بين بغداد وموسكو (أشرف شاذلي/فرانس برس)
+ الخط -
للأسبوع الثالث على التوالي، يجري مسؤولون عراقيون وروس اتصالات وزيارات متبادلة تحت عناوين تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، لا سيما في مجال التعاون الأمني والعسكري، بحسب بيانات صدرت أخيراً، وسط تسريبات تؤكد وجود انقسام عراقي حيال التعاطي مع الانفتاح على موسكو بين مؤيد لها؛ وهو الطرف الأقرب من إيران ويشمل تحالف "البناء"، بزعامة نوري المالكي وهادي العامري، والذي يمتلك أكثر من ثلث الوزراء في حكومة عبد المهدي، إضافة إلى قيادات في مليشيات "الحشد الشعبي"؛ يقابله فريق آخر يجد أن أي تحرك بملف التسليح العسكري العراقي من موسكو، سيخلق مشكلة كبيرة مع واشنطن، قد تترتب عليها عقوبات كبيرة وقطع تعاون عسكري مع بغداد.

وقال المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، إن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سيزور العراق الشهر المقبل، مبيناً في تصريح صحافي، أن الزيارة ستعطي زخماً ملموساً للتعاون الروسي العراقي متعدّد الجوانب. وأشار إلى أن موسكو وبغداد تدرسان إمكانية زيارات يقوم بها القادة العراقيون إلى روسيا، وخصوصاً رؤساء الوزراء والجمهورية والبرلمان.

والتقى مبعوث الرئيس الروسي الذي يزور بغداد، وكيل وزير الخارجية العراقية مؤيد صالح. ونقلت الخارجية العراقية في بيان عن المسؤول الروسي قوله إن بلاده تنظر إلى العراق على أنه شريك حيوي تربطها به علاقات متطورة في مختلف المجالات، معبراً عن أمله في استمرار هذا التعاون بشكل أكبر.

ويأتي ذلك بعد أيام من زيارة أجراها وفد عراقي رسمي برئاسة مستشار الامن الوطني والمسؤول عن "هيئة الحشد الشعبي"، فالح الفياض إلى موسكو ولقائه بمسؤولين هناك في زيارة دامت ليومين.

بدورها، تتحدث مصادر مقربة من الحكومة العراقية عما تسميه رغبة روسية بالدخول إلى العراق، تشجعها بذلك اتصالات ثنائية مع مسؤولين في بغداد، بملفات تتعلق بالتعاون العسكري على وجه التحديد، وملف تراخيص عقود استكشاف نفطية في العراق.

وبحسب نائب عراقي قريب من الحكومة، فإن الروس وافقوا، بشكل مبدئي، على تزويد بغداد بأسلحة دفاع جوي حديثة، ومقاتلات حربية، وتعجيل شحنات ذخيرة لأسلحة العراق من منشأ روسي تعود لحقبة الاتحاد السوفييتي.

ولفت إلى أن الموضوع خلق انقساماً داخل الحكومة العراقية وكتل سياسية، بين من يعتبرها مغامرة ستردّ واشنطن عليها بعقوبات وتعمّق الخلاف الحالي الموجود أصلاً بين حكومة عادل عبد المهدي والبيت الأبيض حول إيران، والذي بسببه تأجلت زيارة عبد المهدي إلى واشنطن أكثر من مرة، وبين من يعتبرها حقاً سيادياً عراقياً في شراء السلاح والتعاون العسكري، أو أي مجال آخر مع الروس، ويدعم ذلك فريق سياسي كبير قريب من رئيس الوزراء.

وكشف عن أنه ستكون هناك خلال الأسبوعين المقبلين زيارات لمسؤولين عسكريين روس، ضمن اجتماع غرفة العمليات الرباعية التي تضم موسكو، وطهران، وبغداد، إضافة إلى ممثلين عن نظام الأسد.
والشهر الماضي، تعهدت روسيا بدعم الدفاعات الجوية العراقية، بالتزامن مع الهجمات المتكررة التي تتعرض لها مقرات ومخازن سلاح تابعة لمليشيات مسلحة منضوية ضمن "الحشد الشعبي".

وقال السفير الروسي في بغداد ماكسيم ماكسيموف إن بلاده حريصة على دعم العراق في مجلس الأمن الدولي، من أجل زيادة قدرة دفاعاته الجوية.

ويأتي ذلك في وقت يضغط فيه نواب عن تحالف "الفتح" (الجناح السياسي للحشد الشعبي)، و"ائتلاف دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، باتجاه الاعتماد على سلاح دفاع جوي روسي لمواجهة الهجمات المتكررة التي تتعرض لها معسكرات "الحشد الشعبي" من قبل طائرات مسيرة مجهولة اتُّهمت أميركا واسرائيل بالوقوف وراءها.

وفي السياق، قال عضو البرلمان عن ائتلاف "دولة القانون"، منصور البعيجي إن البرلمان سيعمل، مع بدء فصله التشريعي الجديد، على توفير الإجراءات القانونية الداعمة للحكومة ووزارة الدفاع، من أجل تسهيل شراء منظومة دفاع جوي روسية، وتذليل العقبات التي تضعها أميركا على طريق هذه الصفقة، موضحاً أن أميركا ليست وصية على العراق، وأن الحكومة العراقية لها الحق في اختيار الدولة التي تريد شراء أسلحة الدفاع الجوي منها.

وبحسب الباحث في الشؤون الامنية العراقية عدي عبد الله، فإن الحديث عن شراء أسلحة من روسيا أمر لن يكون سهلاً، في ظل وجود اتفاقيات أمنية سابقة مع واشنطن، مؤكداً لـ "العربي الجديد"، أن "الروس يريدون تحقيق مكاسب سياسية واستراتيجية في العراق، مستغلين تدهور علاقة بغداد مع واشنطن أخيراً بسبب الهجمات على مقرات "الحشد الشعبي".
وأشار إلى وجود رغبة روسية في استمالة الرئاسات الثلاث التي لم يتضح انحياز أي منها إلى غاية الآن باتجاه المعسكر الأميركي، مضيفاً: "بل على العكس من ذلك، فإن رئيس الوزراء متهم من قبل الاميركيين بأنه يجامل الفصائل الموالية لإيران، وكذلك يتهم رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بأنه وصل إلى منصبه بتأييد من تحالف البناء المدعوم إيرانياً".

وتابع أن "الروس يطمعون في تطوير علاقاتهم بالزعامات العراقية المقربة من إيران، بهدف إضعاف الوجود الاميركي في العراق والمنطقة".

وقال عضو البرلمان السابق عزة الشابندر، إن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي يحاول مسك العصا من الوسط، في الصراع الأميركي الايراني، مضيفاً خلال مقابلة متلفزة: "إلا أن الأميركيين يحسبونه على المعسكر الايراني".