الدفاع الجزائرية: عهد صناعة الجيش للرؤساء انتهى

الدفاع الجزائرية: عهد صناعة الجيش للرؤساء انتهى

10 سبتمبر 2019
هاجم قوى سياسية مناوئة لمواقفه (فيسبوك)
+ الخط -
أكد الجيش الجزائري أنه بصدد "التوبة السياسية" عن التدخل في صناعة الرؤساء في البلد، و"تحرير المبادرة الشعبية"، وهاجم مجموعة من القوى السياسية والقنوات والكتاب الذين يتبنون مواقف مناوئة له ولخياراته في الأزمة السياسية الراهنة.

وأفاد بيان افتتاحي نشرته مجلة "الجيش" الناطقة باسم المؤسسة العسكرية، وتصدرها وزارة الدفاع، أن "عهد الإملاءات وصناعة الرؤساء قد ولى بلا رجعة"، مشيرا إلى أن "بعض المناوئين للجيش يجهلون ذلك".

وقدّر البيان الافتتاحي أن قرار الجيش "ترجيح الشرعية الدستورية، من خلال تنظيم انتخابات رئاسية في أقرب الآجال، يتمخض عنها انتخاب رئيس للجمهورية بعيدا عن كل المهاترات والمزايدات، ومحاولة فرض الشروط التعجيزية والإملاءات المسبقة، والترويج لأفكار استعمارية بائدة لفظها التاريخ ورفضها الشعب".

وتاريخيا، ظلت المؤسسة العسكرية تلعب الدور المركزي في اختيار رؤساء الجزائر، منذ انقلابها على الحكومة المؤقتة صيف عام 1962، ثم الانقلاب على الرئيس أحمد بن بلة في يونيو/ حزيران 1965، وفرض الرئيس والعقيد الشاذلي بن جديد عام 1979، ووقف المسار الانتخابي في يناير 1992، واختيار محمد بوضياف رئيسا لمجلس الدولة، ثم الدفع بالجنرال ليامين زروال إلى الرئاسة عام 1995، واستقدام عبد العزيز بوتفيلقة عام 1999.

وتزعم قيادة الجيش الجزائري في الوقت الحالي أنها قررت الابتعاد عن التدخل في الشأن السياسي، وعدم لعب أي دور في المسارات السياسية، وأنها لن تلعب أي دور في اختيار الرئيس المقبل، لكن كثيرا من القوى والمتابعين للشأن الجزائري لا يعتقدون ذلك، ويعتبرون أن تدخل الجيش لفرض الحل الدستوري للأزمة السياسية التي تلت استقالة الرئيس بوتفليقة، في الثاني من إبريل/ نيسان الماضي، وتمسكه بحكومة نور الدين بدوي، دليل على استمرار التأثير السياسي للجيش، وأن ذلك مؤشر على إمكانية لعبه دورا خفيا لصالح مرشح رئاسي من رجالات النظام سابقا.

وركزت الافتتاحية على مهاجمة قوى سياسية ومدنية مناوئة لمواقف الجيش والمسار السياسي الذي يتنباه، ووصفتهم بـ"بعض الأذناب التي تحاول تعكير صفو مسار الحوار بالترويج لمراحل انتقالية للوقوع في فخ الفراغ الدستوري، ومحاولة تغليط الرأي العام داخليا وخارجيا بأفكار مشبوهة ومسمومة، مستغلة في ذلك آمال وطموحات ومطالب الشعب المشروعة". 

وتزعم المجلة أن المسار والمواقف التي تبناها الجيش حظيت بـ"تزكية من الشعب الجزائري بكل مكوناته هذا المسعى الحثيث للخروج من الأزمة، من خلال التفافه حول الجيش الوطني الشعبي ومقاربته المبنية على الحوار العقلاني بدون إقصاء في إطار الشرعية الدستورية". 

وذكرت الافتتاحية بتصريح أخير لقائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، قال فيه إن "بعض الأصوات الناعقة المعروفة بنواياها الخبيثة، والتي باعت ضمائرها لتخدم مصالح العصابة ومصالح أسيادها، تعمل بكل الوسائل المتاحة على عرقلة عمل الهيئة الوطنية للوساطة والحوار، لا سيما من خلال محاولة فرض شروط تعجيزية وإملاءات مرفوضة جملة وتفصيلا، على غرار الترويج لفكرة التفاوض بدل الحوار والتعيين بدل الانتخاب".

وكان قائد الجيش قد كشف عن أنه "بحوزة الجيش مخططات وتحركات العصابة"، وأن لدى الجيش "معلومات مؤكدة حول تورط بعض القوى سيتم الكشف عنها في الوقت المناسب".

وعادت المجلة إلى استخدام مصطلح "العصابة" للدلالة على "رموز والمجموعات السياسية والمالية التي كانت في محيط نظام بوتفيلقة ومستفيدة منه، أغلبهم في السجن أو قيد الملاحقة السياسية"، لكنها استخدمت نفس المعنى للدلالة على قوى سياسية ديمقراطية تطالب بمرحلة انتقالية ومجلس تأسيسي. 

واعتبرت المجلة أن "أفراد هذه العصابة لم يتجرعوا هزائمهم المتكررة وفشلهم الذريع بالمتاجرة والالتفاف على مطالب الشعب، الذي رفض مقترحاتها المشبوهة وأفكارها المسمومة، وهؤلاء الأذناب ومن على شاكلتهم يتحاملون على المؤسسة العسكرية ويشككون في نواياها ومجهوداتها، من خلال بعض الأقلام المأجورة والقنوات المشبوهة، والأحزاب المرفوضة شعبيا، التي لا همّ لها سوى الانتقاد والعويل، والتشكيك في الجيش وفي هيئة الحوار وفي العدالة".

وكانت أحزاب كتلة البديل الديمقراطي، التي تضم كلا من التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية جبهة القوى الاشتراكية وحزب العمال والحزب الاشتراكي للعمال والاتحاد من أجل التغيير، والرقي والحركة الديمقراطية والاجتماعية، والحزب من أجل اللائكية والديمقراطية، وجناح الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، الذي يقوده نور الدين بن يسعد، إضافة إلى ممثلين عن الجالية في الخارج، قد أعلنت، في مؤتمر انتهى مساء الاثنين، رفضها الانتخابات الرئاسية، وانتقدت محاولات السلطة والجيش فرض أجندة انتخابية والحفاظ على النظام عن طريق فرض خيار هذه الانتخابات بالقوة، وطالبت في المقابل بمسار انتقالي ديمقراطي.​