ألمانيا بين مهمتي المراقبة والمرافقة في مضيق هرمز

ألمانيا بين مهمتي المراقبة والمرافقة في مضيق هرمز: الميلُ لحماية أوروبية

07 اغسطس 2019
برلين تحرص على استمرار العمل بالاتفاق النووي (Getty)
+ الخط -

تتزايد الضغوط على ألمانيا للمساعدة في مهمة تأمين الملاحة في الخليج في أعقاب اتهام إيران بانتهاك قواعد الملاحة البحرية، خصوصا بعد أن قالت الحكومة الاتحادية في برلين كلمتها بوضوح أنه "لا لمهمة عسكرية" مع الولايات المتحدة. 

ومن حيث المبدأ، لا تزال الحكومة الاتحادية تعتبر الاقتراح الخاص بمهمة حماية من الدول الأوروبية جديرة بالدراسة، وهو ما ذكرته أول أمس الاثنين المتحدثة باسم الحكومة أولريكه ديمر في برلين، وبينه وزير الخارجية هايكو ماس، عندما قال من بولندا: "نريد مهمة أوروبية".

ويظهر أن هناك نية لدى برلين للعب دور قيادي في مهمة الحماية الأوروبية، انطلاقا من أن للبلاد مصالح أمنية ومسؤولية في المنطقة، وهذا ما بينه منسق الحكومة عبر الأطلسي السياسي المنتمي للمسيحي الديمقراطي بيتر باير لصحيفة "باساوير نويه بريسه" أخيرا، فضلا عن المعلومات من الخارجية الألمانية والتي تفيد بأن محادثات ستجري مع فرنسا هذا الأسبوع، فضلا عما قاله ماس حول أن الأمر "سيستغرق بعض الوقت" لإقناع الشركاء الأوروبيين بمهمة مراقبة لا مرافقة، أي جمع معلومات عن المخاطر لحركة النقل البحري ونقلها إلى السفن التجارية، وهذا ما يمكن أن يحقق بالفعل "ردعا معينا"، علما أن التقارير تفيد بأنه سيكون هناك تواصل أيضا مع بريطانيا، التي أعلنت انضمامها للمهمة الأميركية، مع نيتها مواصلة العمل مع إيران وشركائها الدوليين في الحفاظ على الاتفاق النووي.

إلى ذلك، برزت مطالبات في ألمانيا تدعو المستشارة أنجيلا ميركل، وهي في عطلة، إلى التدخل وإبداء موقف حاسم، "لأن السياسة العالمية لا تأخذ استراحة". 


وقال خبراء في الشؤون الألمانية إن "على ألمانيا، التي تفتخر بإجادتها تدوير الزوايا بين الأطراف المتخاصمة، ألّا تفشل في ادعاءاتها من أجل الاستقرار عوضا عن القوة، وحيث بتنا أمام سلام أو حرب بين إيران والولايات المتحدة، وبالتالي عليها أن تقوم بخطوات مهمة في ظل القلق الشديد الذي يستشعره الجميع في منطقة الخليج والعالم، ولم لا القيام بمهمة بحرية بالتنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة، إنما مع ضرورة احتواء انطباع المنافسة بين الطرفين".

ويسود اعتقاد راسخ بأن برلين تخشى من تصعيد الموقف مع إيران، وهي التي تريد منها الالتزام بالاتفاق النووي، وتبحث الآن مقدار الدعم الأوروبي المتوافر لبعثة المراقبة.

وإذا ما فرضت ألمانيا نفسها كلاعب مهم في حل الأزمة لما لها من علاقات جيدة مع الجانبين، فيمكنها عندئذ أن تطلب المزيد من المصداقية والواقعية من صانعي السياسة في الولايات المتحدة. 

وأتى ذلك في وقت شدد فيه زعيم الخضر، الذي يتصدر حزبه استطلاعات الرأي في ألمانيا، على أهمية أن تتحمل برلين المسؤولية في جعل أوروبا مؤثرة في السياسة العالمية.

ويدفع الاتحاد المسيحي من أجل هذه المبادرة، إذ صرح مسؤول السياسة الخارجية رودريش كيزيفيتر، لوكالة الأنباء الألمانية، بأن "مصداقية أوروبا معرضة للخطر بشكل كبير... البقاء على هامش الحدث سيمنح إيران المزيد من الحرية لاختبار حدود استراتيجيتها الاستفزازية ضد الولايات المتحدة". 

حتى إن الحزبين "الليبرالي الحر" و"البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي ليس لديهما اعتراضات أساسية على المهمة إذا ما تم استيفاء شروط معينة، وفق كل التصريحات الصادرة عن المسؤولين في كلا الحزبين، مع اعتراض علني لحزب اليسار.

وعن إمكانية توحيد الأهداف، فالنقاش مازال مستمرا في برلين، مع تكريس منطق أن الحلول العسكرية خاطئة، وعليه، وفي حال اتخاذ قرار المشاركة في مهمة حماية، يجب تقديم خطط ملموسة لما يجب أن تبدو عليه العملية، وعندها يمكن إعادة النظر في المشاركة وقواعدها، إلى تحديد هياكل المخاطرة والقيادة، والركيزة أنه "على كل من يريد مرافقة السفن التجارية أن يتوقع الصراع، ومن يدافع عن مهمة المراقبة أن يكون لديه تصور لمعرفة النتائج التي يمكن استخلاصها من المعلومات التي يتم جمعها". 

هذا ولا تزال مساهمة الجيش الألماني غير واضحة بشأن مهمة المراقبة، وفق ما أشارت إليه "إن تي في" الإخبارية، لافتة إلى أنه، وفي السنوات الأخيرة، شاركت البحرية مرارا بطائرات استطلاع لمكافحة القراصنة في القرن الأفريقي، فيما أكد متحدث باسم وزارة الدفاع، أخيرا، أنه "لا سبب يدعو لعدم التجاوب مع المهمة، والبحرية الألمانية ستكون قادرة على المشاركة في البعثة الأوروبية".

 

وفي خضم الوضع المتوتر في مضيق هرمز، برز موقف لمالكي السفن عبروا فيه عن مدى انفتاحهم أمام تواجد بعثة مراقبة أوروبية إذا ما كانت تساهم في وقف التصعيد وحماية المضيق، الذي يعتبر أحد أهم الطرق البحرية في العالم، ويتم عبره شحن ما يقارب ثلث صادرات النفط العالمية، وتمر من خلاله يوميا ما بين 20 إلى 30 سفينة تجارية ألمانية، وفق ما أعلنته جمعية ملاك السفن الألمانية وبيّنته "دير شبيغل" أخيرا. 

كما أشار المدير التنفيذي في الجمعية رالف ناغيل، في حديث مع "هاندلسبلات"، إلى أن زيادة مخاطر العبور جعلت التأمينات على عمليات التجارة والشحن الخارجي أكثر كلفة، و"الزيادات ستنسحب بشكل مباشر على التكاليف". 

وإذ شكك ناغيل في حديثه في عملية الحراسة الأميركية المزمع القيام بها، اعتبر أنه "لا يمكن أن يكون للشحن التجاري مصلحة في مشاركة الطواقم والسفن في النزاع القائم بين الولايات المتحدة وإيران".