جولة جديدة لـ"الأمعاء الخاوية" في السجون المصرية

جولة جديدة لـ"الأمعاء الخاوية" في السجون المصرية

30 اغسطس 2019
لا نصّ قانونياً لحماية المضربين عن الطعام (إسلام صفوت/Getty)
+ الخط -


يواصل عشرات المعتقلين في مصر الضغط على السلطات المصرية للمطالبة بحريتهم، من خلال خوضهم معركة الإضراب عن الطعام، كخطوة تصعيدية أخيرة ترفع شعار الحياة بحرية أو الموت في سبيلها. ولعل أبرز المضربين عن الطعام في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في مصر حالياً، علا القرضاوي، ابنة العالم الإسلامي يوسف القرضاوي، في إضراب مستمر منذ 5 يوليو/ تموز الماضي، بدأته بعد ضمّها إلى قضية جديدة بعد إخلاء سبيلها. كانت القرضاوي قد أُدرجت على ذمة قضية جديدة في نيابة أمن الدولة العليا بتهمة "الانضمام وتمويل جماعة إرهابية عن طريق استغلال علاقتها في السجن"، وتقرر حبسها 15 يوماً، في اليوم نفسه الذي حصلت فيه على قرار إخلاء سبيل في القضية رقم 316 لعام 2017، ووجّهت لها النيابة العام تهمة الانضمام إلى جماعة على خلاف القانون وتمويلها. فقررت القرضاوي الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام اعتراضاً على حبسها مجدداً في قضية جديدة اعتباراً من 5 يوليو الماضي.

يشار إلى أن علا القرضاوي كانت محبوسة احتياطياً في زنزانة انفرادية لمدة عامين كاملين منذ أن ألقي القبض عليها في 30 يونيو/ حزيران 2017 مع زوجها حسام خلف، السياسي وعضو حزب "الوسط"، من دون أمر اعتقال أو تفتيش، أثناء قضائهما إجازتهما في الساحل الشمالي المصري. وعلا القرضاوي هي مواطنة قطرية من أصل مصري، وليست لها أي انتماءات سياسية. أما زوجها حسام خلف، فهو عضو الهيئة العليا لحزب "الوسط"، وسبق أن تم اعتقاله عام 2014، ولم توجّه إليه السلطات المصرية أي اتهام، وتم إطلاق سراحه في نهاية المطاف عام 2016.

كذلك تخوض عائشة الشاطر، ابنة القيادي الإخواني البارز المعتقل خيرت الشاطر، إضراباً مفتوحاً عن الطعام رفضاً للانتهاكات التي تتعرض لها في سجن القناطر. ودخلت الشاطر في إضراب كلي مفتوح عن الطعام اعتباراً من 18 أغسطس/ آب الحالي، احتجاجاً على الانتهاكات التي تتعرض لها داخل محبسها وعدم مراعاة أبسط حقوق الإنسان. واحتجزت عائشة الشاطر في زنزانة انفرادية منذ يومها الأول في سجن القناطر، بعد 20 يوماً من الإخفاء القسري، قبل عرضها على النيابة وترحيلها إلى سجن القناطر، داخل حجرة صغيرة من دون إضاءة أو تهوية أو دورة مياه.

وسبق أن وقفت ابنة الشاطر أمام المستشار أسامة الرشيدي، أثناء النظر في أمر تجديد حبسها وقالت له: "إن كانت تهمتي أني ابنة خيرت الشاطر، فهي تهمة أتشرف بها ومستعدة أن أُحبس بها باقي عمري وليس 8 أشهر. ولكن أي قانون يقول أنْ أُحبس وأنا امرأة في حبس انفرادي بطول 1.8 متر وعرض 1.8 متر من دون دورة مياه لأقضي حاجتي، من دون زيارة، وأحرم من رؤية أطفالي". وكانت قوات الأمن المصرية قد داهمت منزل عائشة الشاطر وزوجها المحامي محمد أبي هريرة، في الساعات الأولى من 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018.



كذلك، يستمر أكثر من 50 معتقلاً في سجني طرة تحقيق واستقبال طرة، في إضرابهم عن الطعام، للشهر الرابع على التوالي، بسبب منع الزيارة عنهم لمدد تراوح بين عامين وثلاثة أعوام. وبدأ المعتقلون المتهمون على ذمة 9 قضايا مختلفة، إضراباً تصاعدياً عن الطعام منذ 21 مايو/ أيار الماضي، وأخطروا إدارة السجن بأنهم دخلوا في إضراب تصاعدي عن الطعام يبدأ برفض الحصول على "تعيين السجن"، ثم إضراب عن كل الطعام، والاكتفاء بالماء فقط، إذا لم تفتح الزيارات الممنوعة عنهم منذ عامين لبعض القضايا وثلاثة أعوام لقضايا أخرى. وتأتي القضية رقم 451 لسنة 2014 أمن دولة عليا، المعروفة إعلامياً بـ"كتائب حلوان"، في مقدمة القضايا التي أعلن المتهمون فيها بسجن طرة إضرابهم التصاعدي.

وحسب مصادر حقوقية، فإن هناك متهمين آخرين في القضايا نفسها موجودون في سجون الاستقبال والليمان وشديد الحراسة 1 (العقرب)، وشديد الحراسة 2، ومن المحتمل أن يشاركوا زملاءهم في الإضراب التصاعدي، باعتباره وسيلة ضغط على سلطات السجون لإتاحة الزيارات. والإضراب عن الطعام هو أحد وسائل المقاومة السلمية، ويصوم المضربون عن الطعام احتجاجاً بهدف معين، وهو أحد وسائل جذب انتباه ورفع وعي الرأي العام بشأن ظلم ما واقع. وحسب حقوقيين، لا تنتشر ظاهرة الإضراب عن الطعام في السجون إلا في الدول الأكثر قمعاً وديكتاتورية، إذ يعد اللجوء إلى الإضراب عن الطعام المرحلة الأخيرة والتي يضطر عندها المعتقلون إلى المقاومة بأجسادهم بعد فشل كل السبل. وعلى الرغم من كون هذا النمط من المقاومة الأكثر سلبية، إلا أنه انتشر بكثافة خلال السنوات الست الماضية في مصر.

والإضراب عن الطعام يسمى بـ"معركة الأمعاء الخاوية"، نسبةً لواقعة إضراب 1600 أسير فلسطيني عن الطعام داخل السجون الإسرائيلية في إبريل/ نيسان عام 2012، اعتراضاً على المعاملة "غير الإنسانية" التي كانوا يتعرضون لها في السجون الإسرائيلية. وتمكّن اثنان من المضربين عن الطعام من كسر رقم قياسي مسجَّل لأطول إضراب عن الطعام، وبلغ 76 يوماً. وكانت تلك هي المرة الأولى التي يطلق فيها هذا المسمى "معركة الأمعاء الخاوية"، على الإضراب عن الطعام في السجون.

يشار إلى عدم وجود نص في قانون تنظيم السجون المصرية، "قانون رقم 396 لسنة 1956" عن الإضراب عن الطعام، وإنما فقط عن الحالة الصحية للمحتجز. لكن هناك بعض التعليمات الداخلية غير منشورة للجمهور بأنه في حال تبليغ المسجون بإضرابه عن الطعام فإنه يتمّ عمل محضر إجراءات، ويعرض على النيابة العامة للتحقيق في أسباب الإضراب والقيام بالكشف الطبي الدوري على المسجون لمتابعة حالته الصحية.


دلالات

المساهمون